بقلم/محمـد الــعلوي -
مستجدات الأحداث الراهنة والمتتابعة في الوطن العربي لانجد لها تفسيراً بصدق إلا بعد البحث عن مايتم تسريبه من الغرف السوداء في السياسة الأمريكية حول المنطقة العربية،والتي تثبت الأحداث جلياً بالمتعنِ بقراءة التأريخ منذ ثمانينات القرن الماضي وتحديداً منذ اندلاع الحرب"العراقية- الإيرانية" وتبعاتها،وكذا حرب الخليج الأولى،وما تلاها من سياسات مثلت القشة التي قصمت ظهر العرب.
نحن اليوم أمام بيادق وأحجار على رقعة شطرنج واحدة كما قال "زيغينو برجنسكي" المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي،في عهد الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر"والذي نفذت هذه السياسة وكما هو واضح وجلي في عهد أوباما الذي اتبع سياسة السُلحفاة لرسم لتحسين صورة امريكا،ومنذ اندلاع مايسمى بالربيع العربي 2011م.
تحريك أحجار الشطرنج في الوطن العربي جاء من أبنائها،بينما الغرب ينظر الينا كمتابع لمصلحته لنصب الكمائن والأفخاخ للقوى العربية،إبتداء من دخول العراق الكويت،وماعُرف عن تنظيم القاعدة في أفغانستان،وماتلاها من مسلسل تدمير وابتزاز البلدان العربية،الواحدة تلو الأخرى،وبذرائع متعددة ومختلفة،الامر الذي ستشهد المنطقة بيادق وأعلام حسب الخريطة الشيطانية جديدة للشرق الأوسط، التي وضعها الجنرال الأمريكي المتقاعد (رالف بيترز)، مؤلف روايات إثارة والرعب الأمريكي، والقائمة على حدود الدم، (الطائفية والمذهبية والعرقية) والتي تنبه أبناء اليمن لسيناريو تقسيم المنطقة منذ الوهلة الأولى،ولايزالون يقاومون ذلك لليوم.
وكما نجحت امريكا في دخول الإتحاد السوفيتي "سابقا" المستنقع الأفغاني،نجحت اليوم في إدخال دول الخليج في معركة اليمن التي لم تخرج منها،فما أشبه الليلة بالبارحة،حين سنتحدث عن الإنهيار الحقيقي للسياسة السعودية العقيمة.
بكل أسف أصبحت الشخصية العربية مهزومة ومستلبة حضارياً وفكرياً ومادياً،لإمتلاكها القابلية للإستحمار والإستعمار معاً،كما قالها المفكر الجزائري مالك بن نبي"رحمة الله عليه".
الذي بالتأكيد أن الشخصية العربية ولاسيما من يقفون خلف القرار السياسي وفروا الأرضية الخصبة لكل مانحن فيه،بعكس إيران التي تقع على الضفة الأخرى من الخليج،والتي فاجئتنا بعد خروجها من حربها مع العراق، من تطور في التكنولوجيا العسكرية،ومن تحت العمائم السود تخصيب ومفاعلات بما تمتلكة من برامج متطورة عسكرياً على مستوى المنطقة والعالم.
وبالمقابل في الضفة الآخرى للخليج رغم ثروة النفط،الا انهم كانو تجاراً للجنس مزواجين،شملت فضائحهم كل بقاع العالم،بالإضافة إلى الإفراط في إستيراد السلاح من الغرب وبعشرات المليارات سنويا،ماذا خرج من تحت العباءة والعِقال الخليجي،سوى الحركات التكفيرية والتدميرية لماتبقى للهوية العربية،في العراق وسوريا،وليبيا،ولبنان،وليس بآخراً في التحالف الذي الذي تقوده عِقالات وعباءات التدمير للمنطقة العربية جمعاء،مقابل أن يبقو ملوك ويحافظون على بقاء تلك الأسر تحكم المنطقة، تنفيذيا لما تريده الإدارة الأمريكية دون أن تطلق رصاصة أو تدفع دولار كرشوة إقتصادية لهم،وما يحدث عكس ذلك تماما.
قراءة الواقع العربي الراهن،نجد أنفسنا كعرب أمام تغير البوصلة الأمريكية في المنطقة،وعودة الدُب الروسي بقوة ليفرض نفسه في خضم المعادلة الدولية، بالأمس كما أستخدم الأمريكان باكستان وأفغانستان والسعودية في ثمانينات القرن الماضي،والتخلي عن باكستان وافغانستان،سيبدأ التخلي عن السعودية خلال المرحلة القادمة، وستتجه البوصلة الأمريكية نحو تركيا،الذي يرتمي العرب اليوم لأحضانها حين دغدغت مشاعرهم ورأو فيها المنقذ الوحيد لهم،بأسم الدين والإسلام،والتي جمعت الاسلام والحداثة والتطور الإقتصادي،والنظام السياسي العلماني،وخطفت الجمهور العربي بسياستها كما خطفتهم بمسلسلاتها الهادفة لتحقيق هدف سياسي بأمتياز.