لحج نيوز/كتب :محمد القحطاني - أعلن النظام السعودي في الآونة الأخيرة على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير أن ترامب سيزور السعودية في الـ 23 من مايو الحالي حيث ستنعقد في هذه اللقاءات ثلاث قمم بحضور قادة الدول الخليجية ومصر وعدد آخر من الدول الإسلامية والعربية المشاركة في التحالف الإسلامي.
ستكون السعودية محط أنظار وسائل الإعلام العالمية خلال الأيام التالية فتتداول أسئلة ونقاشات كثيرة حول الأهداف التي يطمح الرئيس الأمريكي إلى تحقيقها ففي هذا المقال سنسلط الضوء على الدلالات التي تطويها هذه الزيارة بالنسبة للقضية الفلسطينية وملف السلام العربي–الإسرائيلي.
موضع القضية الفلسطينية من زيارة ترامب
نعود إلى الوراء ونذكر القارئ المحترم بالتعديلات المفاجئة التي أعلن عنها المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشأن وثيقة الحركة الجديدة (وثيقة المبادئ والسياسات العامة) والنقطة الأهم التي جاذبت الاهتمام العالمي تعود إلى إعلان الحماس الموافقة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود حزيران 1967 والتي اعتبرها كثيرون من المحللين السياسيين تراجعا ملحوظا عن الثوابت لدى قادة حماس السياسيين، كما أن السعودية قد وعدت الفصائل الفلسطينية بالوعود المرصعة فحواها حال اتباع هذه الفصائل للسياسات السعودية لتسوية الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي والخضوع لقيام دولتين في الأراضي المحتلة ستتسلم مساعدات مالية هائلة من المملكة العربية السعودية.
وبعد هذا التراجع قد آن الدور السعودي ليجتمع قادة كل من الولايات المتحدة والسعودية والدول الخليجية ومصر وعدد آخر من الدول المشاركة في التحالف الإسلامي بما فيها باكستان على طاولة واحدة لتتم مناقشة عدة قضايا إقليمية وسياسية واقتصادية قد تم الكشف عن بعضها بما فيها الملفات السياسية الشائكة في المنطقة وصفقات السلاح الرابحة التي ينوي الرئيس الأمريكي عقدها مع الدول الخليجية كالبقرة الحلوبة التي يجب استغلالها قدر الإمكان.
هذا وسيتوجه ترامب مباشرةً بعد هذه القمم وبناء على توصيات اللجنة الأمريكية الإسرائيلية السعودية المشتركة في واشنطن نحو الأراضي المحتلة وذلك في رسالة واضحة للرأي العام العربي والإسلامي على أنه سيتباحث مع القادة الدول العربية والإسلامية ملف السلام. فهل يُعقل أن يكون هذا الترتيب للزيارة مجرد صدفة اعتباطية؟ ومن يصدق أن ترامب الذي كان وما زال مشهورا بولائه للكيان الصهيوني يجتمع بهذا الكم الهائل من القادة والرؤساء دون أن يطرح عليهم اقتراحات لحل الأزمة الإسرائيلية–العربية؟ فيبدو أن ترامب قد توجه أولا إلى السعودية لئلا يحضر إسرائيل بجعبة فارغة من المنجزات الدبلوماسية.
المكاسب السعودية جرَّاء هذه الصفقة
وفي هذا الإطار ليس بمستغرب أن نسمع في الأيام التالية أخبارا عن حضور الوفد الإسرائيلي في هذه القمم فالسعودية حاليا وبعد إحباط أجندتها الشرق أوسطية لا سيما بعد فشلها الذريع فيما سمتها “عملية إعادة الشرعية في اليمن” تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مكاسب سياسية جديدة لتطرحها على الشارع السعودي وتكمم أفواه منتقدي سياسات الملك سلمان ونجله المتهور محمد بن سلمان. فإذا تكللت جهودها بالنجاح في إخضاع الفصائل الفلسطينية للتسوية مع الكيان الصهيوني فآنذاك ستتمتع السعودية بثقل إستراتيجي أكبر في المعادلات الدولية والإقليمية ونحن نري أن السعودية وللنيل إلى تحقيق هذا الطموح ستكون مستعدة لتقديم تنازلات عديدة بشأن الملف العربي والفلسطيني شريطة أن تساندها الولايات المتحدة في الخروج من مأزق الحرب في اليمن.
وهناك من يقارن زيارة ترامب إلى المنطقة بالقمة التي أقامها سلفه باراك أوباما سنة 2015 في كامب ديفيد إلا أن الأوضاع السائدة في المنطقة قد انقلبت رأسا على عقب حيث أن الدول العربية بما فيها قطر والكويت قد تحولت تماما إلى مكونات تابعة للسعودية فلا تجتاز خطوة إلا بعد استئذان من السعودية وملكها الذي قد انتهج سياسة مختلفة عن أسلافه بشأن التحديات المحلية والإقليمية والدولية لبسط هيمنة المملكة على الشرق الأوسط والدول العربية الإفريقية.
حاليا لابد أن ننتظر حتى يكشف لنا مرور الأيام عما ستفرزه هذه القمم الثلاث من النتائج والتي قد لا تكون حصيلتها أقل وجعا ونكبة على الأمة العربية والإسلامية عن مثيلاتها السابقة التي أتحفتنا المؤتمرات العقيمة في كل من مدريد وأسلو وكامب ديفيد إلا أن الشارع العربي والإسلامي سيتذوقان هذه المرة “طبخة” قد أعدَّها لنا كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز. وهل ستكون هذه “الطبخة” نهاية مأساوية على عقود من النضال العربي والإسلامي في وجه الكيان المحتل؟
لا مناص أمامنا من التحلي بالصبر لتتصفح صفحات التاريخ أمامنا. |