الجمعة, 07-مايو-2010
لحج نيوز -  زمان لوقلت لأحد الآباء أن ابنه فلان ممسوخ ويروح السينما كنت ستسمعه يصرخ في وجهك مدافعاً "احترم نفسك ، ابني محترم وما يروحش هذه الأماكن".لكن الأمر الآن اختلف تماماً على ما يبدو خصوصاً حين يصابحك رجل أمن ويخبرك أن ابنك فلان ينتمي إلى تنظيم القاعدة لحج نيوز/بقلم: فكري قاسم -

زمان لوقلت لأحد الآباء أن ابنه فلان ممسوخ ويروح السينما كنت ستسمعه يصرخ في وجهك مدافعاً "احترم نفسك ، ابني محترم وما يروحش هذه الأماكن".لكن الأمر الآن اختلف تماماً على ما يبدو خصوصاً حين يصابحك رجل أمن ويخبرك أن ابنك فلان ينتمي إلى تنظيم القاعدة ، حينها سترتعد مفاصلك ولابد أنك ستصرخ في وجهه مفجوعاً " إحترم نفسك ابني إلا حق سينما وحق بنات والكل يشهد عليه أنه إلا ممسوخ ومش هو حق القاعدة والحاجات الهبلا هذه " .

الأمر أيضاً لا يختلف عند تلك البشارة التي يزفها لك رجل أمن متجمل من نفسه حين تجده يخبرك بحرص " ابنك فلان ناشط مع جماعة الحوثيين ! ". هذا الخبر السار سيجعل الشعر يرتكز فوق صلعة رأسك ومن شدة الهلع لابد انك ستصرخ في وجهه "مو من حوثي ومو من هدار فاضي ؟ ابني أنا إلا صعلوك وخنفوس ويحب أمريكا وإسرائيل موت .. مش هو مجنون شيروح يحارب ويبعقق : الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل أنا وابني والمَرة والبيت كلهم ندعي كل يوم للرئيس ولأمريكا ولـ"شارون" أن الله يشفيه ويقل عثرته .. هو مكانه أخونا وابن عمنا..قلك إبنك حوثي."

غزارة الحروب والأزمات التي عاشتها اليمن جعلت من اليمني إنساناً سريع البديهة فيما يتعلق بالأعذار وبمواجهة الاتهامات التي يتوقف الماء في الحنفيات وهي لا تتوقف على الإطلاق.وأما الخبر الغبي الذي يفسقل الركب هذه الأيام فهو أن تجد مسؤولاً ما يقلك " ابنك على فكرة ينشط مع الانفصاليين ". يا ساتر يا الله. حيال هذه التهمة الوفيرة – خصوصاً - هذه الأيام بالذات لا يكفي أن تصرخ بأعلى صوتك الوحدة أو الموت " بل لابد أن تتصرف و"تنتع" له من جيب سروالك الداخلي شهادة حسن سيرة وسلوك موقعة من عاقل الحارة وتقول أنك وحدوي رقم واحد وإلا حرام ما تسبر لك عيشة.

لابد أيضاً أن تحلف لهم يميناً مغلظاً أن إبنك اللي طلع إنفصالي هو مش ابنك أصلاً بس أنت ما تشتيش تفضح أنك عملت فيه خير وربيته وفي الأخير طلع خاين مثله مثل اللي ما يتسمى علي سالم البيض، الله ينتقمه ! ولمزيد من الحرص ومن التأكيد على وطنيتك وعلى وحدويتك عليك أن تأخذ ميكرفون وتظل ليل نهار تهتف في أُذن حسن اللوزي وفوق صلعة محمد شاهر "الوحدة أو الموت" لعل ذلك يشفع لك وتتخارج .

في اليمن التعيس، ثمة جهلة وسيئون لم يفلحوا في شيء غير أنهم تحولوا إلى عدسات ميكرسكوب لفحص وتفتيش ولاءات الناس والتشكيك في حبهم وفي ولائهم لأوطانهم، اللوزي على رأسهم طبعاً .
وفي اليمن البائس أيضاً، ثمة غوغائيون من رجال الدين هؤلاء أيضاً لعبوا دوراً سيئاً في جعل الأجانب لا يعرفون فرقاً بين الدين والديناميت مع أن الذي بين الديناميت والدين الإسلامي الحنيف القائم على المحبة والسلام مثل ذاك الذي بين إبليس والجنة ، لكن بعض الأبالسة أطلقوا لحاهم وأطلقوا النار على كل لحظة محبة كان يمكن لها أن تكبر في هذا البلد المسالم والكبير "اليمن".
يوم الاثنين الفائت، فجّر الشاب عثمان علي نعمان نفسه في عملية استهدفت موكب السفير البريطاني في صنعاء. العمل قبيح بالتأكيد لكن الأقبح منه هو خوف الناس من عملية إلصاق التهم عليهم جزافاً حتى إن ذلك لم يدع لوالدة "عثمان" فرصةً للبكاء كأي أم فقدت ابنها بل تعين عليها أن تحبس دموعها وتعلن استنكارها للعملية تماماً كما لو أنها المصدر المسؤول في صحيفة 26 سبتمبر.
حتى والد "عثمان" قبل أن يطالب برؤوس قادة تنظيم القاعدة باعتبارهم القتلة الحقيقيين، راح سريعاً هو الآخر يستنكر الحادثة ويشكر حكومة بريطانيا تماماً كما لو أنه الناطق الرسمي باسم حكومة مجوَر التي استقبلت خبر استهداف موكب السفير البريطاني بأخبار سريعة أدانت العملية التي ارتكبها إرهابي من محافظة تعز(!) وأكدت استمرار دعم بريطانيا لليمن !حتى مدير المدرسة التي درس فيها الإرهابي "عثمان" قبل سنتين ضَربهُ التوجس هو الآخر وراح مباشرةً في اليوم التالي للحادثة يلقي على طلبة المدرسة محاضرة حول أضرار الإرهاب على مستقبل البلد!
المحزن في الأمر هو ذاته المضحك.. إذ كان المدير يلقي محاضرته حول الإرهاب ، والطلبة بين الفقرة والأخرى يصفقون ويصفقون ولا أعرف بالضبط هل كانوا يصفقون خوفاً من استجواب الأمن السياسي الموجود في طابور المدرسة أم كانوا يصفقون ظناً منهم أن التفجير الانتحاري الذي قام به زميلهم عمل بطولي ويستحق التصفيق!.

بصراحة هناك ثلة سيئة من رجال الدين ومن العسكر ومن المسؤولين لم يقدموا لهذا البلد الفقير شيئاً غير أنهم لخبطوا علينا كل المفاهيم وكل القيم السموحة حتى لم نعد نعرف بالضبط متى يمكن لنا أن نعبر عن الحزن والسخط ومتى نعبر عن الفرح ومشاعر الإعجاب، لذا يطلق علينا كنية " شعب أعوج". لم نعد نعرف هل نحن مجتمع مسلم ومحافظ أم أننا مجتمع متفسخ تخلى عن الدين وصفق لأمريكا طبقاً لوصف النائب الحزمي وبعض أصحابه «الفرغ».لم نعد نعرف أيضاً، هل نحن مع الله أم مع الشيطان؟ إن كنا مع الله فلماذا إذاً يساءُ إلينا دائماً ولماذا ينسى مشائخنا الأجلاء كل شيء دائما ويشكون للرئيس أن هناك تآمراً على الحجاب ! ؟

شخصياً لا أعرف تماماً في أي وجهة غارقة هي عيون مشائخنا ؟ لا أعتقد أنهم يشاهدون اليمن حيث غالبية النساء هنا يظهرن ككتلة شراشف وجلابيب سوداء غاية في العبودية والامتهان، حيث اليمن أصلاً لم تزل واقعة تحت الاحتلال التركي والوهابي معاً ، فالأول صادر زي نساء اليمن الطيبات واستبدله بالشراشف التركية السوداء والثاني كان أكثر سخاءً وحشر النساء في جلابيب سوداء فأي حجاب تم التآمر عليه يا مشايخنا الله يخليكم؟ فضلاً، اقلبوا القنوات السيئة التي تشاهدونها وافتحوا قناة صنعاء وستعرفون حينها أنكم في اليمن الذي يحتاج إلى كرم علمكم وإلى مطالبتكم المستمرة بوقف التآمر على سمعة هذا البلد الذي لم يدمره شيء كما دمرته خطابات العنف والكراهية تحت سقف الوطنية والجهاد.

[email protected]

بالتزامن مع حديث المدينة
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-4548.htm