لحج نيوز/استطلاع:إبراهيم اللويم ـ الدمام - منذ سنوات وسنوات، ومشكلة «الفتيات الهاربات»، محل نقاش وتداول من جهات عدة، وبدلاً من تراجع الظاهرة وانحسارها، نجد أنها تسجل أرقاماً وإحصاءات «مخيفة»، تؤكد أننا نعيش خطراً اجتماعياً، يجلب «العار»، ويساعد على تفكك الأسر.. والمقلق في الظاهرة، أن المرأة الهاربة من بيت ذويها في بعض الحالات تبقى آخر شيء يمكن الاهتمام به، فهروبها لا يشكل خوفاً وقلقاً لأسرتها، التي تخاف فقط من «الفضيحة»، وتخشى أن يلحقها القيل والقال على ألسن الأهل والجيران، ليس أكثر، أما الفتاة نفسها، فلا مانع أن تذهب إلى «الجحيم»، ويا ليتها لا تعود ثانية.. ونحن في «اليوم» لسنا أول مطبوعة تتحدث عن هذه الظاهرة، وبالطبع لن تكون الأخيرة، بيد أننا نلفت النظر، إلى أن الفتيات الهاربات، لسن «مجرمات»، بقدر ما هن «ضحايا»، ولسن «نباتاً خبيثاً»، بقدر ما هن «مريضات»، نتيجة عنف جنسي وجسدي ولفظي مُورس عليهن عنوة، دون أن تكون هناك جهات رسمية، لديها الصلاحيات الكاملة في رفع الظلم عنهن، قبل وقوعه، والسبب عادات اجتماعية، تفرض على بنات حواء في مجتمعنا «الصمت»، و»الانصياع».. وإن طفح بها الكيل، تهرب إلى «الهاوية»..
ويتفق الجميع على أن هروب الفتيات من منازل ذويهن بات خطرا يهدد المجتمع، وبنسب ليست بالقليلة، وعندما نناقش هذه المشكلة من جميع جوانبها الاجتماعية والمعنوية والنفسية والمادية، ونحدد أركانها المختلفة، ونذكر الخطوات التي يجب اتباعها للحل، ندرك أن السبب الأول والأخير فيها، هو التربية الخاطئة للأبناء، وربما الظلم والعنف، ومن هنا اللوم يقع على رب الأسرة بشكل كبير، الذي عليه أن يدرك أن دفة القيادة في يده، وعليه أن يصل بأفراد أسرته إلى بر الأمان، ولا تقتصر ظاهرة هروب الفتيات على عمر معين، فمن هؤلاء الفتيات الصغيرات، وهناك الجامعيات، وهناك من هن فوق هذه السن.
مرات عدة
ونتوقف عند قصة عالية، «عالية. ف»، إحدى الفتيات الهاربات، والتي تبلغ من العمر 22 عاماً، وتعيش في مركز رعاية الفتيات، تقول: «هربت من المنزل عدة مرات، وبعد أن سئمت الحياة التي أعيشها مع والدي، الذي كان يعتدي علي جنسياً»، مضيفة «عندما أفكر في أن أمنعه من ذلك، كان يضربني، ويعتدي علي بالقوة في غياب والدتي، وبعد أن علمت والدتي بحقيقة الأمر، انفصلت عنه قبل عامين، وعادت إلى بلدها، فهي من دولة أجنبية، أما أنا، فبقيت مع والدي في البيت، حيث يرغمني على ممارسة الجنس معه، وإلا سوف يطردني من البيت».
الاعتداء الجنسي
وتتابع عالية: «بعدما سئمت من الوضع الذي أعيشه مع والدي، قررت أن أهرب من البيت، وأن لا أعود إليه، مهما كلفني الأمر، ولو كان الثمن حياتي»، مشيرة إلى أنها «لجأت إلى مركز رعاية الفتيات من أجل حمايتي وإعطائي الأمان الذي فقدته داخل البيت من قبل والدي»، مضيفة «لا أعرف الصورة التي سيكون عليها مستقبلي، ولا أعلم ماذا سيحدث في الغد، وهل سأبقى بلا أهل إلى آخر العمر، ومن سيقبل أن يرتبط بفتاة معتدى عليها جنسياً، ومشردة وبلا مستقبل».
تكملة الفضيحة
وتبدو قصة «أمنه. م» مختلفة ونهايتها مأساوية، مجلجلة بالعار، وتقول»أنا فتاة أبلغ من العمر 28 عاماً، هربت من بيت والدي مرات عدة، وفي كل مرة لا يتم إعادتي إلا من قبل رجال الهيئة أو الشرطة، بعد الإمساك بي في أحد الشوارع، التي أكون مختبئة فيها»، مضيفة «ولكن في إحدى المرات، قررت الهرب برفقة شاب، كنت قد تعرفت عليه في أحد المجمعات التجارية، وذهبت معه إلى منزله، وحصلت علاقة حب بيننا، استمرت مدة طويلة».
وتتابع «تم الإمساك بي من قبل رجال الهيئة، بعد أن تم إبلاغهم من قبل أفراد أسرتي، بأني هاربة، وتم احتجازي لدى مكتب الهيئة، لحين مجيء أهلي لاستلامي».
وتضيف أمنه: «لعل الظروف الصعبة التي عشتها في بيت أسرتي، والقسوة التي كانوا يعاملونني بها، خاصة من جانب إخوتي، وضربهم لي في جميع الأوقات، هي السبب الرئيسي فيما وصلت إليه من حالة، فأنا أعلم أن هروبي من البيت برفقة شخص آخر، يعد غير أخلاقي، ولا من ضمن العادات والتقاليد المتعارف عليها في مجتمعنا».
أصناف العنف
وتجاوزت ياسمين مرحلة أن تكون فتاة، فهي مطلقة، تبلغ من العمر 30 عاماً، ولديها طفلان، وتقول عن قصتها: «انفصلت عن زوجي بعد زواج دام أكثر من ثلاث سنوات، بسبب مشاكل عائلية، أدت إلى الطلاق، وعدت بعدها إلى بيت والدي، مع طفلي لأعيش فيه، ووضعت في ذهني أنني سأعيش في سعادة و اطمئنان، ولكن الواقع شيء والتمني شيء آخر»، مضيفة «بدأت المشاكل تحيط بي من كل صوب، وصار إخوتي يمارسون معي جميع أصناف العنف الجسدي والنفسي، كذلك والدي، الذي يهددني بالطرد من البيت في حال عدم الانصياع للأوامر التي تملى علي من قبل إخوتي، فقررت الهرب من البيت، واللجوء إلى مركز رعاية الفتيات من أجل الحماية من إخوتي».
|