الإثنين, 31-مايو-2010
لحج نيوز/خاص:باريس -

مجددا ترتكب دولة الاحتلال الصهيونية مجزرة شنيعة في ساعات الصباح الباكرة من هذا اليوم بقتل وجرح عشرات المتضامنين المدنيين الذين قدموا ضمن المئات من أربعين دولة متوجهين عبر قافلة سفن الحرية نحو قطاع غزة المحاصر محملين بأطنان من الدواء والغذاء ومواد البناء وغيره من بيوت جاهزة وكراسي للمعاقين وألعاب أطفال. لقد وضعوا بالتأكيد في حسبانهم كل السينورايوهات لكن ربما ليس أن يستشهدوا في عباب البحر إثر عملية اقتحام قوات الاحتلال تحت جنح الظلام للسفن وبعد عملية إنزال جوي ومطاردة ومحاصرة بقرار من وزير جيش الاحتلال إيهود باراك واطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز عليهم بشكل عشوائي.

فالحكومة الإسرائيلية، التي كانت تتوعد بالتشويش على الاتصالات وتهدد باعتقال المتضامنين والتحقيق معهم وقيل أنها ربما بدأت بمراجعة حساباتها بفعل الضغوط الدولية المتزايدة عليها في اليومين الأخيرين، تبدو غير مؤهلة سوى لسفك المزيد من الدماء. فهي قد برمجت لعملية قتل بدليل أنها كانت مدججة بالأسلحة عندما هاجمت السفن وكأنها في عملية حربية كما وأنها أعطت أمراً لمعظم المستشفيات الاسرائيلية في منطقة الشمال والجنوب للتأهب لاستقبال الجرحى.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد فرضت حالة التأهب القصوى وأعلنت حالة الطوارئ على الشرطة ومصالح السجون وقوات الأمن في مواجهة الشارع الفلسطيني في الداخل وبالخصوص في مناطق الشمال والمثلث، بما يشي بخشية من ردود فعل على أنباء تتعلق بحياة فلسطينيي ال48 الذين شاركوا بالقافلة وخاصة الشيخ رائد صلاح الذي تعرض في الهجوم لإصابات خطيرة وربما لمحاولة تصفية بدم بارد تنبئ بها الضبابية حول حالته الصحية والتعتيم الإعلامي على مكان تلقيه العلاج.

فهل ضريبة التضامن الإنساني المشرّف والنضال المدني السلمي العالمي هي دماء هؤلاء الشرفاء الذين يدافعون عن القيم الإنسانية عندما يتضامنون مع شعب أعزل ومحاصر منذ أكثر من 3 سنوات، ومنهم البرلمانيون والشخصيات الفكرية والصحفيون وشخصيات معروفة بنضالها الإغاثي والحقوقي؟ حتى متى سيستمر هذا الشعب الصامد في قطاع غزة مجرداً من وسائل الحياة اللهم إلا ما يصله مهربا عبر الانفاق؟ فمصر التي كان يمكن أن تحوّل منفذ قطاع غزة المباشر معها لأداة لكسر الحصار فضلت الإيغال بتواطؤها في تشديد هذا الإغلاق الخانق وإحداث المزيد من الضحايا، وهو ما يشكل موضوع محاسبة في القانون الدولي ويفترض الشروع به.

اللجنة العربية لحقوق الإنسان، التي تدين بشدة هذا الهجوم الهمجي على متضامنين عزل، توجه تعازيها لعائلات الضحايا وتطالب هيئة الامم المتحدة بمؤسساتها المعنية وخصوصا مجلس الامن والجمعية العامة بالتحرك الفوري لوضع حد لحالة التسيب ولسياسة الإفلات من العقاب. لقد بلغ السيل الزبى بتغليب المصالح السياسية للدول الكبرى على حساب احترام القانون الدولي وباغماض العين المستمر عن ارتكاب المجازر وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين. استمرار حالة الصمت الرسمي الدولي هذه تسهل استمرار تصرف اسرائيل كدولة فوق القانون واقتراف المزيد من الجرائم بحق المدنيين وتحدي قواعد القانون الدولي. نذكر بأن هذه الدولة قد وقّعت على اتفاقيات عدة تتعلق بسلامة الملاحة البحرية والتي منها اتفاقية سنة 1988، واتفاقية استخدام المجاري المائية والدولية لسنة 1992، وقواعد هلسنكي للقانون الدولي البحري، علاوة على أن القواعد الدولية تحظر تفتيش أية سفينة بدون إذن مجلس الأمن، وبشكل خاص البروتوكول 2005 الذي يحظر اعتراض السفن إلا بقرار من مجلس الأمن والجمعية العامة أو محكمة دولية أو منظمة اقليمية. إن قبول عضوية دولة الكيان الغاصب الصهيوني في منظمة الملاحة البحرية الدولية كان شرطه أن لا يقوم بتنظيم عمليات نقل بحري أو اعتراض سفن إغاثة، لاسيما وأن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بايصال المساعدات الإنسانية تتضمن مادة تنص على معاقبة من يعترض ادخال المساعدات الدولية على أساس أنه انتهاك للقانون الدولي.

إن إعداد سجن مؤقت مسبقاً لناشطين مدنيين هو بمثابة جريمة حرب باعتبارهم مختطفين لانتفاء نوايا لهم بالقتال، وحيث أن قانون البحار الدولي يعتبر السفينة التي تحمل علم أية دولة جزء من هذه الدولة، ندعو مواطني الدول الذين تعرضوا للأذى على هذه السفن للتوجه بدعاوى أمام المحاكم الوطنية للاقتصاص من المسؤولين عن هذه الجرائم، علماً أن حكومات البلدان الأوروبية مثلاً ملزمة بالتدخل السياسي والدبلوماسي وحتى العسكري لحماية مواطنيها، كما أن قانون هاييتي يعطي الحق للحكومة الأمريكية بالتدخل عند احتجاز مواطنين لها. كذلك نطالب بالتحرك الدولي لطرد اسرائيل من المنظمات الدولية بما فيها منظمة الملاحة الدولية، ولتطبيق قرارات مجلس الأمن الست التي اتخذها بخصوص القرصنة الصومالية والتي تشمل الجميع، ولوقف أعمال البلطجة هذه التي بكل صفاقة حمّلت الضحايا مسؤوليتها ضمن الأسلوب المعروف لديها بالهرب للأمام والتهرب من الاعتراف بجرائمها. المجتمع الدولي برمته مطالب بحماية نفسه من الاستمرار بارتكاب هذه الجرائم بتطبيق القوانين المنصوص عليها في الاتفاقيات، وحماية من يعيشون في الأراضي المحتلة من تواصل إهدار حقوقهم منذ عقود، كما وحماية المجرم من مغبة أفعاله بفرض تطبيق القوانين التي رعتها دول العالم وهيئة الأمم المتحدة والتي تقضي بالملاحقة والمساءلة أمام المحاكم الدولية. الحكومات العربية والغربية والمحكمة الجنائية الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة جميعا مطالبة بتحمل مسؤولياتها في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البشرية وليس فقط منطقة شرقي المتوسط، لأن غياب المحاسبة هو المنتج الأول للجرائم الإسرائيلية التي لم يعد لها من ضوابط أو حدود.

اللجنة العربية لحقوق الإنسان

باريس في 31-05-2010
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 11:00 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-5219.htm