لحج نيوز - حذر مختصون اجتماعيون سعوديون من زواج السعوديين من الخارج، لما يترتب عليه من أضرار اجتماعية واقتصادية ونفسية تبدأ بالفرد وتمتد للأسرة فالمجتمع، مثل مشاكل التكيف مع نوع الحياة

الأربعاء, 21-يوليو-2010
لحج نيوز/جده سعد جلوي -

حذر مختصون اجتماعيون سعوديون من زواج السعوديين من الخارج، لما يترتب عليه من أضرار اجتماعية واقتصادية ونفسية تبدأ بالفرد وتمتد للأسرة فالمجتمع، مثل مشاكل التكيف مع نوع الحياة الاجتماعية، واختلاف العادات والثقافات، إضافة إلى أنها تتسبب في تكوين أسر مفككة ضعيفة التواصل، وقد تستغل تلك الأسر للإساءة لهم ولمجتمعهم بطرق مختلفة.
ووفقاً لتقرير أعده فواز المطيري وبثته وكالة الأنباء السعودية "واس"، حذر الأمين العام المساعد للمركز الوطني لأبحاث الشباب بجامعة الملك سعود الدكتور نزار الصالح، المسافرين إلى خارج المملكة، من ممارسة بعض السلوكيات غير المسؤولة، معتقدين صحتها، مثل السفر بنية الزواج المؤقت، حيث ينتهي الزواج بالطلاق مع نهاية الإجازة الصيفية، مؤكداً أن في هذا السلوك عدم احترام لقيمة الأسرة، وينم عن رغبة في التلاعب بالقيم لتحقيق متعة شخصية مؤقتة، وعدم الوعي بالآثار السلبية لتلك الممارسات على المدى البعيد في المستويين الفردي والمجتمعي، وبعيد عن القيم الإسلامية النبيلة في الوفاء والإخلاص في النية والمحبة، قال تعالى :

{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.

ورأى الصالح أن واقع الزواج من الخارج عشوائي، فهو لا يؤدي لبناء مجتمعات وأسر، بل يفتقد معاني الحياة الزوجية الآمنة المستقرة التي تبني المجتمع، ويؤدي إلى عدم إدراك الشباب لخطورة هذا الزواج وما يعنيه وما يحمله من معاني، فقد ينتج عن الزواج من الخارج إنجاب أطفال يكون مصيرهم مجهولاً، كما أن الزوج يهملهم ويتركهم لأنه زواج عشوائي، فيؤدي إلى انحراف الأطفال وضياع الأمانة بعد غياب الأب مع إمكانية انحراف الزوجة.
وقال: "في حقيقة الأمر نحن نعيش في مأساة اجتماعية نفسية مدمرة، بطلها شاب، لكي يمتع نفسه بالحلال يسافر للخارج للزواج بنية الطلاق، ويبرر لسلوكه هذا ولا يفكر بمصير من يتزوجها، ولا أهلها، ولا نظرة المجتمع لها".
وأضاف : هناك جماعات امتهنت تزويج الشباب، لكنهم أيضاً يمارسون سلوكاً اجتماعياً ونفسياً خاطئاً، فهم يوفرون الزوجات لفترة الصيف لمن يطلبهن.
وأكد أن هذه السلوكيات عجيبة، ترتكب باسم الإسلام، والبعد عن الحرام، مستهجناً ذلك، ووصف هذا الزواج وبطله بالشخص الشهواني، عديم البصيرة، الأناني، ويسلك سلوكاً لا يرضاه لمحارمه، لمعرفته الأكيدة بضرره، وعدم مشروعيته.
وحذر الأمين العام المساعد للمركز الوطني لأبحاث الشباب من التفكك الأسري الناتج عن هذا الزواج، لافتاً إلى أن الأطفال الذين يعيشون في أسر مفككة قد يمتهن بعضهم الجريمة لظروف المعيشة، وقد يتعدى مساوئ هذا الزواج ليؤثر على الزوج الذي سيمتهن هذا التصرف غير الإنساني، ويترك الزواج الشرعي الذي به العفة والطهارة والتكاثر، ويلجأ إلى غيره ليلبي حاجاته الفطرية.
وأوصى بزيادة الوعي بما يحمله تكوين الأسرة على أسس متينة وزوجات وأزواج يؤسسون لأبناء يملؤون حياتهم سعادته وحيوية، وأهمية التكاتف والترابط الأسري، من خلال الزواج في إطار مجتمعنا السعودي الكريم، وتيسيره للشباب.
ودعا إلى الاهتمام بحاجات الشباب، وتثقيفهم وتوعيتهم، خاصة في المرحلة الثانوية والجامعية، وتحصينهم ثقافياً وفكرياً عبر وسائل الإعلام المختلفة، بما يمكن أن يتعرضوا له في سفرهم للخارج من مخاطر وإغراءات.
واقترح وضع خطط صيفية متكاملة وشاملة لشغل أوقات الطلاب وتشجيع الأنشطة الشبابية في الصيف داخل الجامعات والمدارس، وغرس فكرة "سفير السعودية في الخارج" لدى الشباب.
وأكد في الموضوع ذاته، نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان المتحدث الرسمي باسمها الدكتور صالح الخثلان، أن حالات الزواج من الخارج من دون الحصول على تصريح من الجهات المختصة، تسبب مشاكل كثيرة، من أهمها أن عقد الزواج لا يُعترف به، ومن ثم لا يعد الزواج شرعياً، ولن تسمح الأنظمة للزوجة بالدخول إلى المملكة، مشيراً إلى حالات أشخاص تحايلوا وأدخلوا زوجاتهم الأجنبيات بطرق غير نظامية واكتشف أمرهم وتعرضوا لعقوبات بتهمة الزواج من دون موافقة والتستر على شخص أجنبي.
وقال: هناك من السعوديين من تزوج من دون موافقة رسمية، ولم يستطيعوا إحضار زوجاتهم وأبنائهم، ما تسبب في بقائهم في الخارج من دون رعاية، وجعلهم عرضة للكثير من المشاكل بسبب غياب الأب.

وكشف نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عن حالات لأبناء وبنات السعوديات نتاج لزواجات عشوائية تمت بشكل غير نظامي، يعيشون في الخارج من دون ولي، وأصبحوا ضحايا لقرار أب متعجل لإشباع رغبة طائشة، مؤكداً أن هؤلاء الأبناء والبنات يتعرضون لمشاكل كثيرة في الخارج.
وشدد الخثلان على أن للزواج من الخارج أضراراً أخرى، من أبرزها الوقوع ضحية لعصابات تستغل وتبتز الراغب في الزواج، مشيراً إلى أن معظم حالات الزواج في بعض دول شرق آسيا ليست سوى عمليات نصب واستغلال قد تنتهي بتورط الزوج في ملاحقات قانونية هناك لمشاركته في تلك العمليات.
وفصّل أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبد العزيز الغريب، المخاطر الناتجة عن الزواج العشوائي، إلى مخاطر دينية، محذراً من تسبب هذا الزواج في زعزعة عقيدة الأبناء، ما قد يؤدي إلى انحرافهم عن الدين الإسلامي، ومخاطر سياسية.
وقال: إن أبناء الأسر السعودية المنقطعة في الخارج عرضة لتأثير الجهات والفئات الضالة لجذبها وتوظيفها، ففيه مضار ومخالفة للشرع والقانون، حيث تجد هذه الأسر ضالتها في الانتماء لهذه الجماعات التي تشبع احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
وأبرز المخاطر الاجتماعية للزواج العشوائي تشمل زيادة نسبة العنوسة، نتيجة لعزوف الشباب عن الزواج من السعوديات، واستهانة الشباب بمفهوم الزواج وبناء الأسر وشيوع مشكلات انحرافية وأخلاقية مرتبطة بظروف الزواج من الخارج، مشيراً إلى المخاطر الاقتصادية للزواج العشوائي وتكاليفه التي تزيد مع كثرة الإنجاب وكثرة أفراد الأسرة خاصة، كذلك فإن الأبناء يكونون عرضة للضياع وعدم الاندماج مع المجتمع.
وعن المخاطر الصحية، حذر أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من الأمراض والمشكلات الصحية المترتبة على ظاهرة الزواج من الخارج، وخاصة غير المصرح، ومن أهمها زيادة نسبة الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة كالأيدز، والتهاب الكبد الوبائي بكل درجاته، وإنجاب أطفال يعانون أمراضاً وراثية كالتوحد وشلل الأطفال, مؤكداً أن السبب الرئيس في حدوث هذه المخاطر الصحية عدم خضوع هذه الزيجات للفحوص الطبية اللازمة مثل الفحص المبكر قبل الزواج من خلال المراكز الصحية الموثوق بها.
فيما حذرت دراسات من فقدان الشباب للحس الوطني وتوجيه ولائهم وانتمائهم إلى حيث يجدون ملذاتهم، على حساب الدين والوطن والنفس والأهل والإنسانية.

وتشير الدراسات إلى أن الزواج العشوائي يخلّف أطفالاً لا يلقون الرعاية الأبوية أو الأمومة الصادقة، وفقدان الأطفال لجنسية الأب يعني فقدان الرعاية الصحية، إضافة إلى فقدان الزوج لرضا الوالدين.
وكشف مستشار جمعية أواصر الدكتور علي الحناكي عن عدد الأسر السعودية (المنقطعة في الخارج) حيث يبلغ عددهم ( 598) عائلة بعدد إجمالي يصل إلى 18022 فرداً سعودياً، مبيناً أن وجودهم في الخارج إما بسبب وفاة الأب أو مرضه أو سجنه أو غيابه أو إهماله وتقاعسه عن متابعة أبنائه.
ودعا المسافرين إلى تذكر قوله تعالى : (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً) وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول).
ولفت الدكتور الحناكي النظر إلى حقيقة دوافع النساء الأجنبيات في الحصول على الجنسية وليس إقامة أسرة وحياة زوجية، فمن خلال إغراء المسافرين السعوديين بالزواج يكون لها ذلك، وحين تحصل على الجنسية يتغير سلوكها ويحصل لها تبعات من رغبتها في الحصول على الخلع، ومن ثم استقدام بني جلدتها إلى الوطن للعمل ومن ثم يتزوجها.
وأكد طغيان الجانب المادي في الزواج من الخارج، إضافة إلى تعرض بعض الأزواج من كبار السن إلى بعض صنوف الابتزاز المادي من الخاطبات أو السماسرة، مشدداً على أن بعض حالات الزواج من الخارج تحمل أمراضاً مُعدية أو مستعصية، كأمراض الأيدز أو الكبد الوبائي أو الأمراض التناسلية, مؤكداً أن الزواج من الخارج شبيه بنظام التقسيط الذي يكون المقدم فيه قليلاً ولكن المهر يدفع سنوياً على شكل هدايا وتذاكر.
ولفت مستشار جمعية أواصر النظر إلى أن الدراسات أثبتت أن الزوج السعودي ربما يتزوج من أجنبية تكون على ذمة رجل آخر، أو مسجلة على قائمة الانحراف والرذيلة، داعياً إلى التوجه لبنات الوطن لأن في ذلك حلاً لمشكلة العنوسة لأخواتنا وبناتنا، كما يجب أن نتعاون ونيسره لأبنائنا من دون تكلف.
وأشار الدكتور الحناكي إلى أهداف الجمعية، التي منها العمل على توفير الخدمات والرعاية للأسر السعودية في الخارج, والتأكد من وجود أسر تحتاج إلى مساعدات ورعاية وتوعية خارج البلاد، والتنسيق مع الجهات الحكومية والتخطيط لتسهيل كافة الخدمات والرعاية للأسر السعودية في الخارج، وتلقي طلبات الأسر السعودية في الخارج والنظر في أمورهم وتقديم المشورة اللازمة لهم والعمل على تلبية متطلباتهم، وحل مشكلاتهم، والتنسيق مع سفارات خادم الحرمين الشريفين في الخارج لتحديث بيانات الأسر المسجلة في الجمعية، ومعرفة الحالات الجديدة من خلال استمارات بحث اجتماعي لهذا الغرض, والعمل على توفير مستلزمات ومتطلبات إعادة الأسر السعودية المنقطعة للوطن.
وبين رئيس مجلس إدارة جمعية أواصر الدكتور توفيق السويلم أن دور الجمعية مع أبناء السعوديين من أجنبيات، هو مساعدتهم في تصحيح وضعهم النظامي من خلال استخراج أوراق ثبوتية بعد التأكد من مشروعية الزواج، وكذلك صرف المساعدات المالية والعينية لإعادتهم إلى أرض الوطن إذا رغبت الأسرة في ذلك، وتتم هذه الإجراءات بالتنسيق المستمر مع وزارة الداخلية ووزارة الخارجية، كرعاية اجتماعية واستشارية تقدمها الجمعية لأصحاب الاختصاص.
وكشف رئيس مجلس إدارة جمعية أواصر عن عزم الجمعية زيارة 30 دولة للاطمئنان على أحوال الأسر السعودية في الخارج بالتنسيق مع وزارة الخارجية والسفارات، مؤكداً أنها ستجري دراسة علمية مسحية عن أحوال الأسر السعودية في الخارج، ودراسة أخرى بعنوان تداعيات وسلبيات الزواج من الخارج وعلاقته بارتفاع معدلات العنوسة في المملكة، وتكوين قاعدة معلومات حديثة ودقيقة وشاملة، إلى جانب قيام الجمعية بحملات إعلامية وتوعوية لحث أصحاب الاهتمام وقادة الرأي والفكر وحملة الأقلام للتفاعل مع قضية الزواج من الخارج وسلبياتها، وإعطاء الجهات المعنية الأرقام الحقيقية عن عدد الأسر والدول التي يوجدون فيها.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-6602.htm