لحج نيوز/بقلم : د . سمير محمود قديح -
بدأت منذ فترة حملة قوية بوسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية تتحدث عن مرض الرئيس حسني مبارك وتزايدت حدة هذه الحملة تدريجيا بنشر تفاصيل عن الحالة الصحية للرئيس المصري لدرجة أنها تنبأت بوفاته ، وتزامنت هذه الحملة مع ما قيل أن الإدارة الأمريكية طلبت من الرئيس مبارك إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بحجة أن حالته الصحية لا تسمح باستمراره في أداء مهامه .
البعض وللأسف يظن أن ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية لا ينطق عن الهوى ، ولكن وراء الأكمة ما ورائها ، فمصر تتعرض منذ فترة لحملة ضغوط قوية هدفها ابتزاز مصر والضغط عليها لفتح المجال على مصراعيه أمام البرادعي ، أي أن قصة التقارير الطبية المزعومة والتي نشرت في الصحافة الإسرائيلية والأمريكية مجرد أكذوبة ولعبة سياسية ضمن أدوات أخرى تلعبها الإدارة الأمريكية كي تدخل مصر العصر الأمريكي عبر بوابة البرادعي .
وحسب ما نشر في وسائل الإعلام بان ابرز المرشحين لرئاسة مصر بعد انتهاء ولاية الرئيس مبارك هما عمر سليمان رئيس المخابرات العامة المصرية وجمال مبارك نجل الرئيس المصري وكلاهما ينتميان إلى مدرسة الرئيس مبارك التي حافظت على مكانة مصر وثقلها على المستوى الإقليمي والعربي والدولي ، فأصبحت مصر شوكة في خاصرة إسرائيل .
وعلى مدى ثلاثين عاماً من فترة حكم الرئيس مبارك فشلت أمريكا وإسرائيل فشلاً ذريعاً في أن يتحقق التطبيع بين مصر وإسرائيل لان سياسة الرئيس مبارك تقول لا تطبيع قبل إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة واستعادة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية .
وقبل أن تبدأ الحملة الأمريكية الإسرائيلية برز البرادعي فجأة وبدون مقدمات ليعلن رغبته في الترشح لرئاسة مصر وهذا من حقه ولكن أن يقول البرادعي .. لن أواجه مصير أنور نور لأنني أتمتع بحصانة .
طبعاً الحصانة التي يتحدث عنها البرادعي حصانة خارجية لأنه ليس عضواً بمجلس الشعب المصري ، وهناك الكثير من المؤشرات ولا داعي للخوض بها والتي تؤكد أن ما تشهده مصر حالياً ليس حراكاً سياسياً تجاه التغيير كما تزعم تقارير صحفية ، وهذا الحراك أتى به البرادعي وإنما هنالك لعبة خارجية واضحة تهدف إلى إحداث بلبلة داخلية مصرية تهيئ المناخ للبرادعي بأدوات خارجية .
فالحراك السياسي في مصر موجود منذ ثلاثين سنه نتيجة الديمقراطية التي أرساها الرئيس مبارك ، صحافة حرة مستقلة ، ومعارضة وفضائيات مستقلة تنتقد كل شيء وتقول كل شيء .
فالديمقراطية المصرية تضاهي أفضل الديمقراطيات في العالم رغم بعض التجاوزات التي تحدث بين فترة وأخرى ولكن الرئيس مبارك يتصدى لها ويضع حد لهذه التجاوزات .
أما تصوير الأمر وكان البرادعي صاحب الفضل في الحراك السياسي فهذه أكذوبة ومغالطة شديدة لان البرادعي لم يفعل شيئا سوى فقاعات من التصريحات وبعض النشاطات لدرجة انه يرفض مصافحة الناس عندما يخرج من اجتماعاته الجماهيرية في حين أن عامل بسيط يطلب من جمال مبارك أن يتحدث معه فيصغى إليه ويستمع إلى مشكلته ، ويترك جمال موكب المسئولين ويهتم بالاستماع للعامل البسيط .
إذن فالحراك السياسي موجود برغبة الرئيس مبارك حتى أن جهات مصرية طلبت من الرئيس مبارك اعتقال جماعة حركة كفاية ولكنه رفض وقال من حقهم التعبير عن رأيهم بحرية سلمياً حتى ولو لم يعجبنا رأيهم .
هنالك عملية تهويل ونفخ مبرمجة للبرادعي وللدور الذي قام به في موضوع الحراك السياسي ، والحقيقة أن الديمقراطية المصرية تتسع لكل الآراء والتوجهات بما فيها البرادعي .
أما موضوع الحالة الصحية للرئيس مبارك وتقارير صحفية تزعم تدهور حالته الصحية فهي مجرد أكاذيب ليس لان الرئيس مبارك لا يمرض ، ولكن لان هذه التقارير الصحفية ثبت زيفها وأنها جاءت بإطار إحداث بلبلة داخلية في مصر ، كما أن الحالة الصحية للرئيس مبارك ليست من الأسرار النووية ، فقد تعالج عدة مرات في ألمانيا وأعلنت الحكومة المصرية ذلك ، بل أن الرئيس مبارك ظهر في حينها يتحدث مع التلفزيون المصري من داخل المستشفى في ألمانيا ، أي لا يوجد ما تخفيه الحكومة المصرية في هذا المجال .
إن ثقل دور مصر إقليمياً وعربياً ودولياً يهم كل مواطن عربي شريف ، وتعزيز الدور والثقل المصري لصالح القضايا العربية مسئولية كل العرب وليست مسئولية الشعب المصري لوحدة لان إضعاف مصر يصب في المصلحة الإسرائيلية بالدرجة الأولى .
باحث في الشئون الأمنية والإستراتيجية
[email protected]