لحج نيوز - 
اهتزّ الوسط الإعلامي والفني مجدداً بجريمة قتل مروّعة ذهب ضحيتها المخرج اللبناني محمود المقداد الذي وُجد منذ أسبوع تقريباً مذبوحاً في شقته في حي الجعيتاوي في منطقة الأشرفية في

الأحد, 01-أغسطس-2010
لحج نيوز/بيروت -

اهتزّ الوسط الإعلامي والفني مجدداً بجريمة قتل مروّعة ذهب ضحيتها المخرج اللبناني محمود المقداد الذي وُجد منذ أسبوع تقريباً مذبوحاً في شقته في حي الجعيتاوي في منطقة الأشرفية في بيروت...
ما دوافع هذه الظاهرة الجديدة من العنف التي تجتاح لبنان والعالم العربي والتي لا يكتفي الجناة فيها بالقتل إنما يتلذّذون بتعذيب الضحية ومن ثم ذبحها، وهذا ما حصل مع سوزان تميم وذكرى ومحمود المقداد وزوجة المذيع إيهاب صلاح؟ كيف يمكن أن يتحوّل أشخاص ليس لهم تاريخ إجرامي إلى مجرمين يرتكبون أفظع أنواع القتل؟

منذ فترة وجيزة برز اسم المخرج محمود المقداد عندما وقّع كليبين للفنانة مي سليم، وكان سبق أن تداول الإعلام اسمه على أثر وفاة عارض الأزياء سامر الياس بعد تناوله جرعة زائدة من عقار مخصّص لإبراز العضلات، وكان يشاطر المقداد المنزل نفسه.

يُجمع جيران المقداد، الذي يعمل في الأساس مصوراً في تلفزيون {المستقبل}، على أنه هادئ الطباع ودمث الأخلاق، لكن حياته تغيرت بعد موت صديقه سامر الياس، إذ بدا عليه الحزن الدائم، وقد شاركه السكن بعد وفاة الياس أحد المحامين من أصدقائه.

وُجد المقداد مذبوحاً في شقته بعدما كبّل القاتل أو القتلة، يديه ورجليه وفمه وسددوا له ثلاث طعنات كانت كفيلة بالقضاء عليه. بطريقة لا تخلو من السذاجة، ترك الجاني أو الجناة ورقة كتب عليها: {هذه هي نهاية العملاء} ليظنّ الناس أن هذه الجريمة تدخل في خانة الانتقام من العملاء مع إسرائيل الذي بدأوا يقعون الواحد تلو الآخر في قبضة الأمن اللبناني، لكن تؤكد المصادر بما فيها مصادر وزير العدل اللبناني ابراهيم نجار، أن الدافع وراء الجريمة شخصي وبعيد عن السياسة، وأن استغلال هذه القضية السياسي في غير محلّه إطلاقاً.

السيناريو نفسه

يذكّرنا المقداد، الذي ذُبح في ظروف غامضة وما زال الفاعل مجهولاً حتى هذه اللحظة، بالطريقة التي قُتلت فيها سوزان تميم وهي الذبح، كذلك ذكرى التي ذهبت ضحية زوج موتور قتلها ثم قتل نفسه.

قاتل ذكرى كان رجل الأعمال المرموق أيمن السويدي، والمتّهم بمقتل تميم هو ضابط أمن دولة مشهود له بكفاءته في مهنته، وتحوم الشكوك في مقتل المقداد حول أشخاص ليس لهم تاريخ إجرامي أو على الأقل هذا ما سُرّب لغاية اليوم، عبر قنوات ضيّقة.

لماذا قُتل المقداد؟ ثمة أخبار تتداول هنا وهناك تصبّ جميعها في خانة واحدة وهي أن المقداد والياس كانا فردين من مجموعة أصدقاء مقرّبين جداً من بعضهم البعض، وربما يملك هؤلاء الخيط الذي قد يوصل العدالة إلى القاتل. لكن تدلّ الطريقة التي قُتل بها المقداد على حقد دفين، مع أن شقيقة الضحية زينب تؤكد أن شقيقها كان مرتاحاً، في مكالمته الأخيرة معها، ومعنوياته مرتفعة، وسعيداً بكونه بدأ حياته كمخرج، بشكل عملي، في برنامج يحضّر له ليُعرض عبر شاشة {الجديد} خلال شهر رمضان المبارك، يندرج في خانة الكاميرا الخفيّة.

أما مسألة العمالة، فمن يدخل إلى موقع المخرج الشاب على
الـ {فايسبوك} يقرأ عبارة تدلّ على مدى تعلّقه بوطنه، فقد كتب في 12 يوليو (تموز)، ذكرى العدوان الإسرائيلي على لبنان: {لديّ شعور غريب بالوطنية اليوم}، إذاً كيف يكون عميلاً ولديه هذا الشعور؟ لا يقول أحد إنه ربما شعور بالندم أو تأنيب الضمير لأن العميل لا ضمير له ولا يملك شعوراً إنسانياً أصلاً.

قتلة جدد

استغلّ البعض كون المقداد يعمل أساساً في {المستقبل}، التابع لتيار {المستقبل} اللبناني، لينشر مقولة العمالة، بهدف التأكيد على أن إحدى المؤسسات التابعة لهذا التيار مخترقة من العدو، وهذا الأمر بالذات دفع الجناة ربما إلى استعمال هذه الطريقة للتمويه وجعل الجريمة تحت خانة {الجريمة الوطنية}.

الظاهرة الغريبة أن الجناة الجدد هم من أصحاب المراكز وأشخاص متّزنون عقلياً ويستحيل التصديق أنهم قتلة، وإذا استحضرنا الجريمة التي حصلت أخيراً في مصر على يد المذيع في قطاع الأخبار المصري إيهاب صلاح، إذ قتل زوجته بعد مشاجرة عنيفة بينهما، نستنتج أنه لم يعد للجريمة قاتل له تعريف معين: {سارق أو من أصحاب السوابق أو مختلّ عقلياً}.

حقد دفين

تقسّم الدكتورة أمينة الباشا، اختصاصية في علم النفس، ظاهرة {القتلة الجدد} إلى قسمين: طبيعة القاتل وطريقة القتل. تقول: {تبيّن مسألة الذبح مدى الحقد الدفين الذي يكنه القاتل للضحية، فهو لا يريد القضاء عليها فحسب، إنما تعذيبها قبل أن تفارق الحياة، ما يشير إلى مدى الأذى الذي سببته الضحية للقاتل، قد يكون عاطفياً أو مادياً، لكن تكون الدوافع غالباً عاطفية، لأن الذي يقتل بدافع عاطفي يتلذّذ برؤية ضحيته وهي تتعذب}.

أما بالنسبة إلى طبيعة القاتل التي أصحبت اليوم من دون هوية اجتماعية، توضح د. الباشا أن اللهاث وراء المادة والضغوط العصبية التي تفرضها الحياة اليوم، كلّها أمور من شأنها أن تحوّل الشخص إلى كائن عدواني، {شيئاً فشيئاً تتفاعل هذه العدوانية داخل النفس البشرية، ويصل الشخص إلى مرحلة لا يستطيع معها التحكّم بجرعات الغضب تلك}.

تضيف د. الباشا أن {ثمة مراكز في الخارج لتعليم الناس كيفية التحكّم بغضبهم، خصوصاً الأشخاص الذين لديهم نزعة نحو الغضب السريع وقد يترجم إلى عمل عنفي فيصبحون مصدر خطر للمحيطين بهم، وهذا ما نقتقده في العالم العربي مع أننا بأمسّ الحاجة إلى مثل هذه المراكز، لأن الإنسان العربي يعيش في دوامة من العنف بسبب ما يراه على الشاشة، سواء في الأخبار أو المسلسلات أو الأفلام}.

حول قضية المقداد تستنتج د. الباشا من ظروف الجريمة أن الجناة كان ينتابهم كمّ من الكراهية والحقد تجاه القتيل، خصوصاً أنه كُبّل قبل ذبحه، {هنا تبدأ عملية التلذذ لدى القاتل عندما يشعر بأنه شلَّ حركة الضحية، بالتالي تصبح عاجزة عن التحرّك أو الاستغاثة.

القاتل من المقربين؟

في حال كان القاتل، إذا اكتُشف، أحد المقربين من المقداد سيكون أكبر دليل على أن العنف انتشر في أوساط طبقة كانت بمنأى عنه سابقاً، كما هي حال المذيع الذي أطلق الرصاص على زوجته، فهذا الرجل الذي يتمتع بحد أدنى من الثقافة والوعي والقدرة على التحكّم بالانفعالات كونه وجهاً تلفزيونياً، تمكّن منه الحقد والغضب ودفعاه إلى التخلّص من الزوجة.

حول ما إذا كانت الدوافع العاطفية هي التي تدفع القاتل إلى ذبح الضحية، تقول د. الباشا إن ما يدور في ذهن العاشق الذي يريد التخلّص من حبيبته أن يجعلها تذوق طعم العذاب لا أكثر ولا أقل.

بالنسبة إلى ظاهرة القاتل المأجور تشير د. الباشا إلى أنه لا يشعر نحو ضحيته بأي شعور عاطفي، إنما ينفّذ رغبة من حرّضه وربما طلب منه أن يقوم بعملية الذبح، وعندما يشاهد المحرّض ضحيّته مذبوحة يشعر بالرضا وكأنه هو القاتل.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-6906.htm