لحج نيوز/بقلم:محمد حسن شعب -
كثير ما يتبجح العديد من رجال المال والأعمال في بلادنا “أن التجارة شطارة” ولو اختبرت هذا المصطلح تحت مجهر التحليل ستجد أن الشطارة نسبية والبلادة نسبية، وبالتالي ستجد أن نوابغ الأمة وعباقرتها خارج هذا الإطار “المخملي”.
وسيتضح لك عملياً ونظرياً أن أغلب التجار “مخسوري” الذمة، وهم أفسد من في البلاد من الكوادر الفنية والإدارية وأصحاب الاختصاصات المرتبطة بالترسيم الجمركي والتقدير الضريبي والمعنيين بتحصيل موارد الدولة، لأن الإفساد يخدمهم، لذا فإنهم لا يدفعون من المستحقات الضريبية المفروضة عليهم إلا القليل وقد لا تتجاوز نسبة ما يدفعونه 20-25% مما يفترض عليهم دفعه.
والطريف في أمر هؤلاء أنهم يولولون وينوحون كالباكيات المحترفات في المآتم، بذرائع أنهم يعانون من ظلم وإجحاف أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية بتقدير الضرائب وبسن تشريعاتها التي دائما ما يزعمون – كذباً- أنها جائرة.
شيء من الحقيقة المُرّة
وحقيقة النواح من تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات أن أدبياته ونصوصه الملزمة بالإقرار الشهري على ضريبة المبيعات ستكشف فساد هؤلاء النفر، لأن الإقرار المعزز بالمستندات سيكشف أن رجل المال المعني احتال على الجمارك وعلى الضرائب بحزمة من الحيل والأكاذيب، ابتداءً بشهادات المنشأ المزورة لشحنات التجارة المسلمة إلى ميناء التاجر، فتجد أغلبهم يستورد بخمسة ملايين دولار من مواد البناء أو الأجهزة أو السلع المعمرة، بينما لا يكشف عن تكلفتها الحقيقية بل يختلق سعراً وهمياً قد يقل عن 20% وذلك هروب من الرسوم الجمركية، ومن بقية الاستحقاقات المترتبة عليه ابتداء بضريبة المبيعات، وانتهاء بضريبة الدخل التي تستهدف إجمالي الربح السنوي.
ولقد بلغ الأمر بقيادة الغرفة التجارية بأمانة العاصمة، أن عقدوا اجتماعاً طارئاً قبل يومين وأعلنوا أنهم يقفون إلى جانب استحقاقات الدولة للضريبة العامة على المبيعات، ولكن كيف؟!.. هنا تكمن سخرية هؤلاء بالدولة ومؤسساتها، إذ طرحوا في بيانهم المعمم على الشبكة أنهم سيدفعون الضريبة على المبيعات في موانئ الاستقبال، والقصد الحقيقي هو هروب هؤلاء من تقديم “الإقرار الطوعي” للتاجر الملزم بضريبة المبيعات، لأن الإقرار سيكشف بشكل أو بآخر حقيقة المركز المالي لكل تاجر، وسيأخذ بشكل أو بآخر مستوى الدخل لكل تاجر أو شركة أو سواهما، ومع ذلك يتضح أن المحاولة في خلق هذه الزوبعة لا زالت مستمرة وتكمن الخطورة في إذعان الجهات المعنية في المالية والضرائب، لا سيما وصندوق النقد والبنك الدوليين يقيمان الإصلاحات المالية والإدارية لأي بلد انطلاقا من سلامة التوزيع لموارد الدولة على الأجهزة والشرائح الاجتماعية المختلفة، وكذلك سلامة التوزيع لهذه الموارد في موازنات النفقات الجارية والاستثمارية.
وليس جديداً أن اشتراط التجار دفع الضريبة في المنافذ ليس إلا حيلة ومحاولة للتهرب لا أقل ولا أكثر.. ما يعني أن هؤلاء التجار يضعون أنفسهم نداً للدولة وضداً للقانون ومصالح البلد وكأنهم ليسوا مواطنين يمنيين أو تهمهم مصالح الوطن.