لحج نيوز/بقلم:هنّود الفضلي -
في عام 1998م تم تحديد الجهة المعنية المسؤولة مسؤولية مباشرة على نظافة وتحسين محافظة عدن وترتيب أوضاع عمال النظافة مالياً وإدارياً، وعلى هذا الأساس أنشئ صندوق النظافة وتحسين المدينة، وهو كما يبدو نظام معمول به في أمانة العاصمة وعواصم المحافظات والمديريات الأخرى، وكان تأسيس الصندوق على مستوى الجمهورية بقرار رفيع ومواد قانونية شملت الجهة والأوعية التي يعتمد عليها الصندوق في ميزانيته لتسيير نشاطه، وهي رسوم مستقطعة من فواتير الكهرباء والمياه والهاتف، ورسوم مقررة على الأسواق بما فيها المطاعم والفنادق والمحلات التجارية... الخ، وبناء على ذلك أبرم الصندوق عقود عمل مع عمال النظافة براتب شهري ما بين 12 و16 ألف ريال فقط، وثماني ساعات عمل وثلاث نوبات على مدار الساعة، مع حرمانهم من الحقوق الأخرى مثل علاوة التطبيب وعلاوة النوبات والإجازة السنوية، وعدم الاعتراف بالإجازة الطبية والتأمين عند العجز والوفاة.
وفي مطلع شهر مايو 2010م نفذ عمال النظافة في أمانة العاصمة ومحافظة عدن وبقية المحافظات اضراباً، وفي أسبوع تحولت مدن مديريات محافظة عدن إلى مقالب للزبالة والنفايات نتيجة هذا الاضراب، وتكدست مخلفات الأسواق والبشر في مداخل العمارات والأزقة، ولم تنفع حملات الصندوق وفرق عمال تم التعاقد معها بأجر يومي.
وفي تاريخ 25 مايو تدخل فخامة الأخ الرئيس ووجه المحافظين باعتماد 25% زيادة من رواتب العمال، ووجه صناديق النظافة بالجلوس مع نقابة العمال والاستجابة لمطالب النقابة.
وفي عدن عقد اجتماع في نفس اليوم ضم المدير التنفيذي لصندوق النظافة وتحسين مدينة عدن والاتحاد العام لنقابة عمال اليمن فرع عدن، وتم الاتفاق على 6 بنود منها اعتماد الزيادة في رواتب العمال التي وجه بها الرئيس ويشمل التأمين للعمال عند العجز والوفاة، واعتماد الإجازات السنوية وإجازة نهاية الأسبوع، أو التعويض بمكافأة مالية أثناء قيامهم بالعمل في الإجازات، والتعويض بالاصابة أثناء تأدية الواجب...الخ، لذا رفع العمال الاضراب ولكن حتى اللحظة لم يتم تنفيذ سوى البند الأول من بنود الاتفاق، وأهملت الأخرى مما دفع العمال إلى التذمر وعدم الثقة بإدارتهم ممثلة بصندوق النظافة مما حدا بنقابتهم إلى التلويح بالاضراب التدريجي، مستغلين حلول شهر رمضان الذي يتضاعف فيه عمل النظافة.
ولصندوق نظافة وتحسين مدينة عدن حكاية وحكايات لم يتطرق أحد إلى كشفها، ونحن سنورد هنا ما تيسر من هذه الحكايات:
فالصندوق يعتمد على ميزانيته من أوعية معروفة كما أشرنا سلفاً، ولم يتلق دعماً من جهة مانحة وليس لديه ميزانية من الحكومة، كما يشتكي القائمون عليه من طابور طويل من العسكريين والمدنيين المتقاعدين الذين يستلمون اعانات من هذا الصندوق لا تقل عن عشرين ألف ريال وتحت مسميات وتكييفات ووظائف وهمية وعقود عمل وهمية، وكل محافظ تعاقب على عدن يتجنب احراجات مقربيه وطالبي الاعانات وطالبي الوظائف باللجوء إلى هذا الصندوق ليلحقهم به مالياً لكن على حساب نظافة المدينة وعمال النظافة.
وجانب آخر مهم جدا هو أن ملابس العمال وأدوات الكنس وآليات النظافة والمعدات والمرافق الخدمية التابعة؛ يتم استيرادها برقم مالي مبالغ فيه، ولقد تناولت أجهزة الإعلام الرسمية افتتاح 3 حمامات في ساحل جولد مور على نفقة صندوق النظافة بمبلغ 65 مليون فقط، أحد الخبثاء علق على هذا الانجاز بقوله: “ولا حمامات البيت الابيض الامريكي بهذه الكلفة” لذا فمن الطبيعي ان تكون النتيجة عجز الصندوق من الايفاء بالتزاماته تجاه عماله وعملية النظافة التي وجد الصندوق من أجلها.
وجانب آخر أيضاً هو أن عمال النظافة التي يعول عليها ان تعمل على تحسين بيئة عدن والرقي بنظافتها يعيشون في مساكن من الصفيح والأكواخ التي لا تتوفر فيها أدنى مستويات النظافة والصرف الصحي والمياه النقية، فوضعهم الصحي بائس وليس لديهم أية مكانة عند الناس، إذ يستكثر عليهم المارة تحية الصباح والمساء بعكس بلدان العالم بما فيها مصر والشام، حيث يعيش عمال النظافة في مساكن حضرية وتأمين صحي وفي وضع اجتماعي جيد.
ومما تجدر الإشارة إليه هو مشروع بناء المساكن الحضرية الذي تتبناه أمانة العاصمة وتم تخصيصه لعمال النظافة والمهمشين في سعوان وعصر، وهذا يدعو للتفاؤل.. وكل عام وعمال النظافة والجميع بكل خير.