لحج نيوز/بقلم عبد الملك العصار -
يحتار المرء عندما يحاول كتابة مرثية في شخصية حملت معها كل معاني الإبداع ولغة الفنون وصفاء ونقاء الكلمة ذات المعاني مرهفة الإحساس والمشاعر تجسدت في تكوين إنسانية الدكتور غازي القصيبي رحمة الله عليه ورضوانه .. لقد كان موسوعة تشكلت من تربة الأرض وطيبة البسطاء " الفلاحين " تفاعلت مع معاناة وهموم الإنسان العربي لتنسج مشاعرها في حروف قصيدة وتترجمها رواية ليصل صداها مسامع كل الناس .. من اين استجلب العبارات وقد رحل عنا من جعل منها لونا تراقصت لهمسه الحروف ومحابر الأقلام.
وبرحيله افتقدنا واحدا من الأسماء البارزة التي كان لها تأثير واضح عليها من خلال ما قدمه من نتاج ثقافي وأدبي.
رحل عنا سفير الكلمة والإبداع من تناغمت في جوهره حروف القصيدة والكلمة متوجة بلغة الروح والوجدان .. لقد جمعت إنسانيته وشاعريته كل معاني الحب والوفاء والإخلاص ليس فقط لوطنه السعودية بل للوطن العربي والإسلامي غيورا على ترابه وأحجاره وأشجاره ومحيطاته ..الإنسان المثقف المحب لدينه ووطنه, المخلص لبلاده ولأمته, في العالمين العربي والإسلامي.
لم يكن بمعزل عن ارض اليمن وأناسها وتاريخها وما يحدث في دهاليز ساحته السياسية .. لقد كان فخورا بوحدة اليمن وأمن واستقرار شعبه باعتبار الوحدة اليمنية الطريق الممهد لوحدة الوطن العربي.. وتغزله بالوحدة اليمنية في قصيدته " ألومُ صنعاءَ ... يا بلقيسُ ... أمْ عَدنا ؟!" التي كان لها صدا واسعا وأثرت في نفوس الكثير من محبي الوطن اليمني .
فعلا لقد خسر الوسط الأدبي والثقافي أديباً مبدعاً, وروائياً وشاعراً فذاً, ومفكراً ساهم بدور كبير في إثراء الحركة الفكرية والثقافية, اختلف معه الكثيرون, واتفق معه الكثيرون, ولكن كان اختلاف فكر وأدب ورؤية, اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد, اختلاف أثرى الحياة الفكرية وزادها ثراء .
لقد طالت شهرته معظم الأقطار العربية بسبب شفافيته من جهة ، وجرأته في تناول الأحداث السياسية والاجتماعية من جهة أخرى ، وجرأته سببت له مشاكل وإحراجات في بلاده وصلت إلى حد منع كتبه من التداول
وكان الدكتور القصيبي من المجددين في القصيدة العربية الحديثة ، ومثلت كتاباته الشعرية والنثرية مرجعا للأجيال الأدبية الشابة في السعودية ومثار جدل في عدد من الأقطار العربية وغيابه يعتبر خسارة فادحة للأدب والثقافة العربية.
لقد سعى من خلال أطروحاته ومؤلفاته الفكرية وأشعاره ورواياته التي أحدثت صدى واسعا في الخليج والعالم العربي الى تفجير ثورة التغيير والتجديد الأدبية التي كان لها صدا واسعا في أوساط المثقفين والمفكرين والأدباء العرب.
ها هو اليوم يرحل عنا بجسده لكنه سيظل بيننا بروحه من خلال إبداعاته التي قدمها على مر عقود من الزمن ليورثها لأجيال تتعطر بنفحاتها وتستفيد من ثورة ابداع تفجرت في إنسانية إنسان أتقن إبداعها وما عسانا إلا أن نقول رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون.