لحج نيوز/بقلم:هنّود الفضلي -
الحقوق الدستورية مثل التعليم والصحة والتنقل والانتخاب والترشيح للانتخاب وغيرها من الحقوق، هي أصلاً مكفولة دستورياً ولها قوانين تنظيم كيفية الحصول عليها وممارستها والاستفادة منها، ومثل هكذا حقوق مكفولة دستوريا هي ليست محل مساومة وتسييس وحوار يدور حولها، يبدو أن هناك خلطاً بين الحقوق المكفولة للمواطنين وبين الأمور السياسية والاقتصادية الأخرى ونلاحظ انه بعد توقيع الاتفاق الأخير بين الحاكم والمشترك طالعتنا الصحف الحزبية والأهلية والحكومية بتصريحات متناقضة لشركاء العملية السياسية، حيث يطعن قحطان في شرعية اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، ويقول بصريح العبارة في تصريحه للصحافة والمواقع الالكترونية ان لجنة الانتخابات انتهت شرعيتها بعد التوقيع على اتفاقية فبراير 2009م.. تصريح قحطان هذا مع آخرين من المشترك جاء كرد فعل على إجراءات إعلان اللجنة العليا للانتخابات لبرنامج زمني لتعديل جداول الناخبين، يدشن ميدانيا مطلع أكتوبر المقبل تمهيدا لإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد 27 ابريل 2011م، ومما يثير الدهشة أن وسائل إعلام المشترك- التي يفترض أن يكون القائمون عليها أو من يوجهها على قدر من الثقافة والاستيعاب للأمور- اعتبرت إعلان لجنة الانتخابات هو استباق للحوار الهدف منه عرقلة الحوار الوطني بين المشترك والحاكم.
الحزب الحاكم هو الآخر دخل في معمعة التصريحات حول نفس الموضوع، ولم يترفع أو حتى على الأقل يعتبر خطاب المشترك المتشنج إزاء قرار لجنة الانتخابات مجرد رأي في غير محله لاعتبارات عدة منها: أن اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء هي مؤسسة دستورية ولا يجوز لأي طرف الطعن في نزاهتها، لأنها تحت مسؤولية ومحاسبة مجلس النواب، ولا يحق لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم أن ينصب نفسه مدافعاً عن نزاهة اللجنة العليا للانتخابات المستهدفة من المشترك، إنما هي المعنية بالرد على تخرصات الآخرين وهي - كما أشرنا- محاسبة ومسؤولة عن أي تقصير إذا ما أخلت بموعد إجراء الاستحقاق الانتخابي في الزمن المحدد، لأنها أصلا مؤسسة دستورية تحظى بقوة القانون ورئيسها وأعضاؤها صدر بهم قرار سيادي بموافقة من الحزب الحاكم والمشترك، وسبق وأن أشرفت على دورات انتخابية بحجم الوطن برلمانية ومحلية ورئاسية.
وكان للمشترك مرشح هو المرحوم الأستاذ فيصل بن شملان عام 2006م وللإصلاح مرشح ايضا، ولم نسمع أن المشترك حينها طعن في نزاهة لجنة الانتخابات، حيث كان مرشحوهم للرئاسة يجوبون محافظات الجمهورية لإقامة مهرجاناتهم الانتخابية ليلتقوا من خلالها بالمواطنين من أجل أن يخطبوا ودهم، لمنحهم الأصوات تحت الشعارات المصادق عليها ممن قبل اللجنة العليا للانتخابات.
وعلى العموم، الحوار مطلب جماهيري وهو الحل والمدخل لوضع حلول كثير من الأوضاع والمتاعب والمصاعب الاقتصادية التي أثقلت كاهل الوطن، ولكي يصل فرقاء العمل السياسي إلى قواسم مشتركة عليهم أولاً “حاكم ومعارضة” تشخيص الأزمات التي أوصلت الوطن والمواطن إلى ما نحن عليه الآن، والإشارة إلى مكامن الخلل والضعف والتقصير وإعلانها للمواطن أولاً بأول وبكل شفافية، وإيجاد البديل ووضع الحلول المناسبة لها.
ولكي نضمن إنجاح الحوار الوطني والوصول إلى الهدف يجب على كل طرف أن يقدم تنازلات للطرف الآخر.. وإجراء كهذا من فرقاء العمل السياسي هو عربون نجاح الحوار لكسب ثقة الشعب الوفي لحكامه ومعارضيه، غير أننا حتى اللحظة نرى كافة فرقاء العمل السياسي يدورون في حلقة مفرغة، بل من خلال أجهزة إعلام الطرفين لا نرى استراتيجية واضحة أو محددة لبدء الحوار أو نتائج مرجوة.. والحديث والتحضير في أجهزة إعلام الطرفين يدور حول شرعية لجنة الانتخابات من عدمها والقائمة النسبية والكوتا وتشكيل السكرتاريات ومن غيّب دور المرأة فيها، وهذه من وجهة نظري تعتبر مواضيع ثانوية مقارنة بالمواضيع الحساسة الأخرى المثقل بها الوطن، كما نرى ونسمع في أجهزة إعلام الحاكم أنهم سائرون في الانتخابات وأن التأجيل مستحيل إضافة إلى اتهامات متبادلة.. وأصحاب المشترك يراهنون على الاتحاد الأوربي والمعهد الديمقراطي الأمريكي وقسم يراهن على الحراك والحوثيين ويستمد قوته منهم وقسم آخر يمارس الابتزاز، إذا لم يعين وزيراً أو سفيراً فهو مع الحراك والمعارضة وآخر مع الحوثية.
نحن لا نقول هذا الكلام جزافا أو من أجل الإساءة لرموز المعارضة في بلادنا الحبيبة لكن الأمثلة كثيرة على هذه الممارسات نورد بعضاً منها:
الأستاذ الدكتور الشيخ عبدالوهاب محمود عبدالحميد وهو أمين عام لقسم من حزب البعث العربي القومي فرع الشام “اليمن”، وعضو في مجلس النواب وتبوأ قبلها مناصب رفيعة وهامة، وشغل وزارات وكان جزءاً من تركيبة الحكم في الجمهورية اليمنية، ولا زلت أتذكر تصريحاته ومقابلاته الصحفية والتلفزيونية والإذاعية وهو يصف الإنجازات التي تحققت في ظل الوحدة بالرائعة والجميلة، ولكن الوضع تغير واعتقد أن الدكتور كان يطمح أو كان موعوداً بأن يكون رئيساً لمجلس النواب خلفاً للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ولم يتم له ذلك نتيجة قرار اتخذ في اللجنة العامة بأن يكون رئيس المجلس النيابي من حزب الأغلبية في المجلس، وما كان من الدكتور إلا أن ينسحب ويطرق باب المشترك الذي رحب به واستقبله استقبال الأبطال لغرض في نفس يعقوب كما يقال.
النموذج الثاني: العميد الركن احمد عبدالله الحسني قائد القوات البحرية في اليمن وسفير اليمن في الشام، كان موعوداً بحقيبة في دولة الأستاذ باجمال لكن حظه ضاع وما زاد الطين بلة أن الفترة المحددة له كسفير انتهت وعليه العودة إلى صنعاء.. لم يتقبل الأمر بروح رياضية وبدلاً من العودة إلى صنعاء عاد إلى قناة “الجزيرة” ليعلن انضمامه إلى المعارضة لأن الحكم فاسد.
النموذج الثالث: طارق ناصر عبدالله الفضلي عاد إلى أرض الوطن بعد إعلان الوحدة في 22 مايو 90م، استعاد ممتلكات والده مضاعفة وسيطر على مجمع الأدوات الزراعية الذي أقامه السوفيت في جزء من أرض والده وباع الحديد الخرده بأكثر من مليار ريال.. صرح للصحف حينها بالقول: (الحمد لله جاء الحق وزهق الباطل انتهى التشطير وجاءت الوحدة لنعيش في أمن وسلام) وقد أصبح عضواً في اللجنة العامة للحزب الحاكم وعضو مجلس الشورى وحصل على رتبة عسكرية كبيرة، لكنه في المؤتمر الخامس لحزب المؤتمر الشعبي العام سقط من عضوية اللجنة العامة بالانتخاب الحر والمباشر، فتحول 180 درجة وأعلن في صحيفة “الأيام” و”الجزيرة” انضمامه إلى الحراك الجنوبي وتسخير إمكانياته لخدمة الحراك.
والسؤال: أين وجه المعارضة الحقيقي؟!!!.. نحن الشعب وعلى رأي إيليا أبو ماضي لم نر حتى اليوم أجمل المعارضين ولم يأتوا بعد.