لحج نيوز/بقلم:محمد قاسم نعمان -
زيارة إلى محافظة لحج , واستطلاع أوضاع المدينة وشوارعها ومواقعها التاريخية وقصورها القديمة التي كانت تحكي عن مدينة العلم والتعليم والأدب والفن والثقافة والغناء الجميل ,وكيف أصبح حال ذلك كله اليوم ؟ !!
وكيف أصبح حال مواطنيها وسكانها .. حال الشباب والشابات وحال الأطفال والتلاميذ والطالبات والطلاب .. وحال كبار السن ممن عاشوا بعض من ذلك التراث الجميل تعلموا في مدارسها وتابعوا التراث الأدبي والثقافي واستمتعوا بشعر وأدب وغناء تلك الأيام الجميلة ......
ثم نأتي لواقع حال اليوم حيث حياة المواطنين المعيشية تضيق وتتعقد وحال الخدمات الأساسية والضرورية تسوء والإهمال والفساد هو السيد و السائد والصارخ الذي تعاني منه هذه المحافظة ومواطنيها وسكانها في مختلف مناحي الحياة والأمل بمستقبل أفضل يضيق أمام المواطنين ..
هناك مشكلات كثيرة تعاني منها المحافظة منها في مجال التعليم حيث العملية التعليمية وبالذات من حيث قدم المباني المدرسية وإهمال الترميم والصيانة حتى المدارس التي بنية حديثا أصبحت هي الأخرى تعاني من سوء حالة مبانيها وتشرخها ..!
الأثاث والتجهيزات المدرسية نقص وانعدام ومعانات.. المختبرات معدومة في المدارس وان توفرت لإحدى المدارس حديثة البناء أوضحت مديرتها "أن الأجهزة والمواد متوفرة لكنها محفوظة كما وصلت إلينا والسبب عدم توفير فني مختبر " !! .
أطفال يفترشون الأرض ، وطلبة وطالبات في صفوف مزدحمة ، ونقص في عدد المعلمين والمعلمات في بعض المناطق وتكدسهم في مديريات أخرى ..صفوف ومباني مدرسية بعضها لا تصلح حتى مجرد إسطبلات للحيوانات ، وغياب الإشراف والمتابعة لسير العملية التعليمية وأهدافها ، والغش في الامتحانات هو الحل – وهي السياسة التعليمية السائدة - لتغطية كل هذه النواقص والمشكلات والنتيجة أميين بشهادات الثانوية العامة .!!
ومشكلات كثيرة أيضا في مجال الصحة والعلاج ومعاناة المرضى الفقراء من عدم حصولهم على الدواء والعلاج وغياب الأجهزة الضرورية والأطباء المتخصصين والفنيين والممرضين في المستشفى الوحيد بالمحافظة وفي المستوصفات المحدودة العدد الموجودة في بعض مديريات المحافظة ، وحتى الأدوية المحدودة التي يفترض توزيعها مجانا تباع في الصيدليات المجاورة للمستشفى .
وحقوق الطفل في محافظة لحج هي الأكثر انتهاكا حيث الأطفال محرومين من ابسط حقوقهم في الملاعب والحدائق ، أما أوضاع النظافة ، و البيئة فحدث ولا حرج ، أما أوضاع الشباب والشابات فالبطالة مشكلتهم الرئيسية لكنه ما يؤلمهم أكثر هو عدم عدالة توزيع الوظائف المحدودة فالوساطة هي سيدة الموقف والأدهى والأمر أن هناك خريجات يعملن بشكل تطوعي لسنوات بعضهن يستلمن مبالغ تبدأ بألفي ريال وتصل الأخريات إلى ثمانية ألف وبينهن من لا يستلمن شيئاً طوال سنوات تطوعهن كمعلمات فيما يتم توظيف غيرهن ، وفي الرعاية الاجتماعية التي لا تطال كل المستحقين ، ومحدوديتها التي لم تعد تفي حاجة أسرة ليوم واحد ..!!
المهم كان يوماً بقدر ما أتيحت لنا فيها التعرف والاقتراب من هموم مواطني وسكان محافظة لحج بقدر ما شعرنا بحالة الألم من سوء هذه الأوضاع وغياب الحلول والمعالجات
من المسؤول عن هذه الحالة التي وصلت اليه هذه المحافظة وعن الإهمال والتقصير الذين طالا كل من بقي حيا أو ما زال يتنفس في هذه المحافظة ..؟
لكن هناك كلمة تدخل في فحو الإجابة على السؤال ( من المسؤول ) لابد من قولها ..
هناك بالطبع من استفاد من هذه المحافظة .. هناك مستثمرون استفادوا من أراضيها بنوا المستودعات لحفظ وخزن الحديد والخشب والاسمنت .. وهناك مستثمرون استفادوا من أراضيها وبنوا معامل ومصانع للمياه والمشروبات المحفوظة والمعلبة .. وبنوا المدن السكنية الكبيرة وبنوا مصانع مختلفة النشاط والإنتاج لكنه عند سؤالهم ماذا عملتم لهذه المحافظة ومواطنيها وأبنائها ولشبابها وشاباتها لأطفالها لمرضاها وتلاميذها ..؟!! لن نجد الإجابات الشافية منهم لكننا نلمس مرارتها في واقع الأمر ..
سيقول كثيرون من هؤلاء المستفيدين من " لحج " أننا ندفع ونقدم ونصرف ..لكننا سنجد في معظم مايدفعوه ويقدموه لا يندرج في خانة المساهمات والمشاركة في وضع الحلول للمشكلات التي يعاني منها المواطنين والمحافظة لكنها تندرج في خانة الرشوات والهبات وشراء الذمم لتسيير أعمالهم وتحقيق مأربهم ،وهم بذلك يضرون ولا ينفعون ، ولهذا لا يلمس المواطنين منهم إسهامات في مشاريع تنفع الناس وتساعد في توفير متطلبات ضرورية للسكان والمجتمع وهي كثيرة ..منها ما ينفع الأطفال فليس في محافظة لحج حتى ملعب واحد للأطفال يحتضنهم وليس فيها حديقة واحدة تلجئ لها الأسر والعامة من السكان لقضاء نزهة في أوقات فراغ ، كما سنجد معانات ومشكلات للمواطنين في الصحة والعلاج والدواء لكنك لن تجد أسهام للقطاع الخاص والمستثمرين الذين استفادوا من هذه المحافظة وأراضيها في بناء مستشفى أو مستوصف وفي توفير العلاج للمرضى الفقراء الذين يتحملون عذاب المرض ويتهددهم الموت لأنهم لا يستطيعون الحصول على قيمة العلاج والدواء، أو في بناء مدرسة أو في توفير أثاث للمدارس التي يفترش فيها الأطفال الأرض في صفوف مدارس بعضها لاتصلح لان تكون ماؤى للأغنام والحيوانات ..
سيقول البعض – وهم محقون في ذلك – أن المسئولية الأساسية تقع على السلطة والحكومة التي يفترض أن تعمل في حل هذه المشكلات وتوفير المتطلبات الأساسية للمواطنين والسكان .. وأقول لهم أيضا هي مسؤولية السلطة والحكومة ولكن دور القطاع الخاص والمستثمرون أصحاب المشاريع الذين استفادوا ويستفيدون ويوسعون ويطورون من أموالهم وإرباحهم ، عليهم مسؤوليات دينية وأخلاقية بأن يخففوا من آلام الناس ومشكلاتهم ومعاناتهم كما يحصل في محافظة حضرموت حيث أسهم ويسهم القطاع الخاص والمستثمرين فيها في شق الطرقات وبناء المدارس والمستشفيات وتجهيزها ورعاية التلاميذ والطلاب وتشجيعهم على التعلم ، وتوفير فرص العمل للشباب والشابات ومساعدة الأسر الفقيرة والمرضى والمحتاجين .