لحج نيوز/بقلم:سعاد سالم السبع -
حينما تذكر المرأة في العالم الثالث تتداعى إلى الذهن مفاهيم الظلم والتهميش والتغييب والعنف المبني على أساس النوع الاجتماعي وغير ذلك ، وهي مفاهيم كثيرا ما تـُستـَغل ضد المرأة، وبخاصة إذا تبنى هذه المفاهيم رجال ونساء أنانيون، لا يفكرون إلا بمصالحهم الذاتية، وكم من المنظمات والأفراد والجماعات والجمعيات التي أثرت وأتخم أعضاؤها وتفرعنوا على حساب قضايا المرأة!!
قضية المرأة في اليمن لا تزال سلاحا ذا حدين؛ لأن الناس في اليمن لايزالون منقسمين حول حقوق المرأة وواجباتها، والخلاف له جذور ثقافية شعبية تغذيه مرجعيات متنافرة لا أظن أنها ستلتقي إلا إذا سارت الرسائل الإعلامية والدينية والسياسية في اتجاه واحد.
وفي ظل هذا الصراع تجد المرأة اليمنية المتعلمة نفسها تسير في طريق مليئة بالأشواك، وغالبا لا تصل إلى هدفها إلا بعد أن تدمى أطرافها، ويتعب قلبها، وتجف عاطفتها، وتنهار صحتها الجسدية.
وقد تجتهد المرأة كثيرا وتعاني مر المعاناة لتجد ما تستحقه من حقوق لكنها تجد نفسها خارج نطاق التمكين، وبخاصة في أماكن العمل التي مازالت معايير الكفاءة والاجتهاد غائبة عن التطبيق في تعيينات مسئوليها، أو في أماكن العمل التي يتحكم في قراراتها رجال لا يزالون متشبعين بالثقافة التقليدية التي تعتبر المرأة مواطنا من الدرجة الثانية.
ومع كل هذه المعاناة فإن هناك من النساء اليمنيات من تم تمكينهن وأخذن حقوقهن السياسية، لكن كثيرا منهن مازلن متقوقعات حول أنفسهن، وبعيدات عن ترك بصمات حقيقية في تغيير واقع المرأة اليمنية وتبني قضاياها العادلة، وبخاصة قضايا المرأة الريفية.
الواقع العملي يقدم لنا كل يوم أنواعا مختلفة من هؤلاء النساء المتمكنات ؛ فمنهن المرأة التي تتفانى في عملها وتتخذ من موقعها منبرا لإعانة المرأة وتمكينها والبحث عن طريق غير طريق الأشواك تصل من خلاله المرأة إلى أهدافها، وهذه هي المرأة النموذج.
ومنهن المرأة التي تتشبث بما حققته؛ وتحارب كل امرأة تحاول الوصول إلى ما وصلت إليه، ظنا منها أن تمكين امرأة غيرها يعني القضاء عليها هي، ولذلك فهي تستعين بالرجال ولا تأمن المرأة مهما كانت الأحوال، وهذه هي عدوة المرأة. ومنهن المرأة التي تتخذ من موقعها السياسي ميدانا خصبا لخلق شلة نسوية من الأقارب والمعارف والصديقات لحمايتها وتمجيد مآثرها وإبعاد كل غريبة عن مملكتها السياسية، وهذه هي المرأة الأنانية.
ومنهن المرأة التي تتوقف عند النقطة التي وصلت إليها، وتظن أنها بلغت درجات الكمال، فلا تتقبل أي فكرة قد تخالف فكرتها ولا تتحاور مع صاحبة الفكرة معتقدة أن أفكارها هي الثوابت وأفكار الأخريات هي الاستثناء، وهذه هي المرأة الـمقـَفـِّلة( على رأي أهل صنعاء). ومنهن المرأة التي حينما يتم تمكينها تصاب بلعنة الاكتمال فتظن أن العالم كله لا يستحقها، وترسم لنفسها مدينة أفلاطونية ليس لها مثال في الواقع، وبالتالي كلما تولت منصبا لا تمكث فيه سوى فترة بسيطة ثم تهرب، لأنها غير قادرة على التكيف مع الواقع، لكنها تقنع نفسها بأن الواقع هو الذي لم يتكيف معها، ومثل هذه المرأة هي المرأة النرجسية. ومنهن المرأة الضعيفة التي إذا تم تمكينها تظل خائفة مترددة لا تتخذ قرارا، وبالتالي تظل منكسرة بإرادتها، فتترك غيرها يقودها، وتكون عبارة عن واجهة مزيفة لتمكين المرأة، ومثل هذه المرأة تستحق الشفقة، لأنها تعاني من الانكسار في كل حياتها، ومن الصعب على مثل هذه المرأة ممارسة الحياة الاجتماعية بسهولة، كما إن علاقاتها الاجتماعية محدودة، لذلك لا بد أن تعيد حساباتها مع نفسها، وتتعلم من الحياة أن قيمة الإنسان فيما يحدثه من تغيير في الواقع المحيط به، لا في الهروب من هذا الواقع...الموضوع بحاجة إلى دراسة علمية لشخصيات النساء اللائي وصلن إلى مواقع القرار ومنجزاتهن في مجال دعم قضايا المرأة والتنمية، حتى يعرف هؤلاء النساء حجمهن في واقع المرأة، والتقييم العلمي هو الطريق الأمثل لتحسين الأداء