لحج نيوز/حاوره: فايز المخرفي -
تزحف مدينة مارب على الصحراء في الاتجاهات الأربعة. أساسيات الحياة المدنية متوفرة فيها: الفنادق، المطاعم، الأسواق، محلات الصرافة والاتصالات والانترنت، أكشاك الصحف.. الخ. عدا وسائل النقل الداخلية، حيث يعتمد السكان على الدراجات النارية (الموترات).
حضور الدولة في مارب واسع. المجمع الحكومي، مستشفى الرئيس، الأمن والقوات المسلحة، البنك، البريد، منشآت النفط والغاز. والتاريخ القديم في مارب أكثر حضورا، فبصمات قدامى الماربيين تتجلى في سد مارب وعرش بلقيس وغيرهما من المنشآت القديمة التي تذهل لب الزائر. "السياسية" التقت محافظ مارب ناجي بن علي الزايدي، وناقشت الوضع التنموي في المحافظة، وأسباب تأخر تشغيل المحطة الغازية في صافر، ومخاطر عناصر القاعدة في المحافظة، وغيرها من القضايا الهامة الأخرى. وفيما يلي نص الحوار:
* بداية، ما الذي يعتبره محافظ مارب انجازا قد تحقق لمحافظته منذ انتخابه؟
- هناك خطوط رئيسية رسمها البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية، وعلى ضوء ذلك البرنامج وضعنا خططا تنموية للمحافظة في مختلف المجالات، وقد قطعنا شوطا كبيرا فيها، في الفترة الماضية ركزنا بشكل رئيسي على توصيل الشبكة الكهربائية إلى مختلف مديريات المحافظة، وقد استكمل العمل في البعض منها، وما زالت فرق الكهربا ء تعمل حتى الآن في ميادين العمل في المديريات الباقية. وفي مجال الطرقات تم شق عدد من الشوارع في عاصمة المحافظة، وتوسعة الطريق الرئيسي الذي يربطها بصنعاء وصافر (المنبع الرئيس للنفط والغاز) في حدود مداخل عاصمة المحافظة، إضافة إلى الشوارع داخل المحافظة، بتكلفة مليارين ونصف المليار ريال، ويجري حاليا شق الطريق الاستراتيجي الذي يربط مارب بالبيضاء بإشراف وتنسيق إدارتين للمشروع، إحداهما في البيضاء والأخرى في مارب، والعمل مستمر، كما جرت الصيانة لعدد من الطرقات الموجودة من السابق، إضافة إلى انجاز عدد من المشاريع في مجالات: الطرق والتربية والصحة في عدد من المديريات بتمويل محلي، كما أننا نركز كثيرا على تأهيل الكوادر الوظيفية من أبناء المحافظة.
* عند الحديث عن الكهرباء، فإن الجميع يعوّل على محطة مارب الغازية التي تأخر الربط منها، رغم تكرار الوعود. ما هي المشكلة؟
- ستبدأ تغذية الشبكة الوطنية بالطاقة الكهربائية من هذه المحطة قريبا كمرحلة أولى، هناك تأخير في العمل في مشروع المحطة من قبل الشركات المنفّذة، وهناك شركات ثلاث، الأولى: كورية خاصة بنصب الأبراج، والثانية: إيرانية للمحطة التحويلية والرئيسية، والثالثة: قامت بإنشاء المحطة نفسها.
* هل تتعاملون مباشرة مع هذه الشركات؟
- المشروع استراتيجي، ويُدار مركزيا، وزارة الكهرباء تتعامل مع هذه الشركات مباشرة، فيما يتعلق بنصب الأبراج الخاصة بمحافظة مارب وقعنا قبل أشهر مع الشركة التي رست عليها المناقصة عقدا لنصب أبراج (صافر- مارب) بتكلفة 38400 مليون دولار، وفي منتصف رمضان كان وصول الشركة للاطلاع واستلام المشروع والموقع، وسيبدأ العمل خلال الأسابيع المقبلة، بحسب العقد، وحسب الإفادة من الشركة.
* هل تم ربط مديريات مارب بالشبكة؟
- في مارب أربع عشرة مديرية، ويتم توصيل الشبكة إلى كل المديريات، حيث سبقت توجيهات الأخ الرئيس لوزارة الكهرباء بتوصيل التيار إلى مختلف مديريات مارب، والعمل مستمر، والخطة الموضوعة في المرحلة الأولى قبل نصب الأبراج الخاصة (صافر- مارب) هي لإنارة تسع مديريات، والخمس الأخرى المتبقية تتم تغذيتها بالطاقة المشتراة، وعند استكمال مشروع أبراج صافر - مارب ستُربط من المحطة الرئيسية، كما أن أبراج صافر - مارب ستغطي جزءا كبيرا من محافظة شبوة.
* كان المقرر تشغيل المحطة قبل ثلاثة أشهر إلا أن المسؤولين في صنعاء ارجعوا التأخير إلى وجود مشاكل قبلية في مارب، ما تعليقكم على هذا الكلام؟
- كانت هناك إعاقة لنصب الأبراج الرئيسية للشبكة قبل أن أكون محافظا لمارب، وأتيت، وحلينا المشكلة، واستكملت عملية نصب الأبراج الرئيسية حتى الآن، والإشكالات تلك كانت بسبب طلب المواطنين مدهم بالكهرباء، وأبناء مارب عموما يطالبون بتوصيل التيار الكهربائي، ويقولون ما دامت محافظة مارب ستغذي المحافظات الأخرى من المحطة الغازية فالمفروض أن تُمد مناطقنا بالكهرباء، وهذا الطلب منطقي ومعقول، ونحن بموجب خطتنا مع وزارة الكهرباء سيتم ربط تسع مديريات من مارب في هذه المرحلة الإسعافية والخمس الأخرى تؤمن بالطاقة المشتراة، في حين سيستمر العمل في أبراج صافر - مارب كي تستكمل الإنارة في كل المديريات من المحطة الغازية، كما أن الأبراج الخاصة الجديدة من صافر - مارب ستغطي بعض المحافظات المجاورة بالطاقة.
* لكن هناك من يشير إلى أن المشاكل القبلية في وادي عبيدة بالتحديد سبب التأخير في ربط الشبكة خاصة بعد مواجهات عناصر من القاعدة مع الجيش؟
- اعتقد أن المشاكل القبلية ليست السبب في تأخير الربط، والاحتمال الكبير هو أن هناك خللا فنيا وهو السبب، منذ أيام أتى مدير المحطة الغازية من صنعاء إلى مارب وما زال الفريق داخل المحطة الغازية يعالج الخلل.
* هل يعني هذا أنه لا علاقة لتأخر الربط بمشاكل قبلية؟
- هناك سبب فني وليس قبليا، وإلا ما معنى أن مارب في هذه اللحظة مغذاة بالطاقة عبر الأبراج من صنعاء، أي من الشبكة الوطنية.
* لماذا لا تغذى مارب بالطاقة مباشرة من المحطة؟
- الشبكة الوطنية في مرحلتها الأولى، وتتيح تغذية مارب بالطاقة من صنعاء أو الحديدة من مارب، وهكذا. ولو كانت هناك مشاكل من القبائل -كما يقال- وتسببت في تأخير الربط لما كانت مارب تغذى الآن من صنعاء عبر الخطوط.
* هناك اتفاق بينكم وبين المواطنين في المحافظة بأن تُربط مناطقهم تزامنا مع ربط العاصمة بالطاقة؟
- الاتفاق بيننا وبين وزارة الكهرباء بموجب التوجيهات السابقة من فخامة الرئيس، ووقعنا محضرا على أن يتزامن "تعشيق" الكهرباء من المحطة الغازية في وقت واحد مع إنارة مختلف مديريات مارب بالكهرباء.
* توقعاتك لموعد الربط النهائي وتشغيل المحطة؟
- قبل أيام تواصلت بالأخ وزير الكهرباء، ووعد بأنه سيكون قريبا في مارب، وبما أن سبب تأخر الربط فني، وبسبب ترتيبات أمنية فنية داخل المحطة، فإني أعتقد أن التشغيل لن يتأخر.
* لكن هناك مخاوف من احتمال تفجير أبراج المحطة الغازية في بعض المناطق التي تمر بها؟
- 99 بالمائة من مواطني مارب مع المصالح العامة والمشاريع التنموية، ومنها: مشروع المحطة الغازية، نادرا ما يأتي شخص شاذ أو مجموعة شاذة مدفوعة أو لها أغراض أو عند أفرادها قصر نظر وتعبئة خاطئة من أجل مصلحة خاصة، ولكن الاحتياطات الأمنية في الحسبان والأبراج مؤمنة في الأماكن التي من المحتمل أن تستهدف فيها، ومشروع استراتيجي كهذا يستدعي اهتماما من كل النواحي، خاصة الناحية الأمنية، طاقة هذه المحطة في المرحلة الأولى 300 أو 400 ميجا، وقد تصل الطاقة عند استكمال المراحل إلى 1000 ميجا وأكثر، وستغطي اليمن، فالطاقة الموجودة الآن في الجمهورية لا تتجاوز 600 ميجا.
* هناك من يرجع بصورة مستمرة انعدام الغاز أو الديزل في الأمانة وغيرها إلى جود اخلالات أمنية في مارب؟
- يمر في مارب طريق استراتيجي يربط شرق اليمن بغربه، ويربط اليمن أيضا بدول الجوار، ومحطات الغاز والبترول في مارب، فالمحافظة لا يستهان بها، والقوى المريضة والحاقدة على الوحدة والديمقراطية وعلى المنجزات تحاول إيجاد الإشكالات، وأنا اعتبر أبناء محافظة مارب في مقاس الوطنية، لا ينصاعون للإغراءات، كما أن قوات الجيش والأمن يبذلون جُهدا جبارا ليلاً ونهاراً, مهامهم تختلف عن أي محافظة، وبعض الأوقات لا نجد ما نغطي به المناطق، ومعاناتنا أكبر مما يعانيه أي محافظ أو مسؤول في أي محافظة أخرى؛ لأن أبسط خلل أمني في مارب تضج منه الجمهورية بسبب التأثر السريع، اليوم الحرب في محافظة صعدة، ونحن في محافظة مارب في أعلى درجة من اليقظة، فالمحافظة نفطية - غازية – كهربائية، وطرقها إستراتيجية.
* فيما يخص الطرق المارة من مارب تفادياً للتقطع، هل أوجدت الدولة بدائل؛ كون المشكلة تتكرر وتصعب السيطرة؟
- هناك طرق رئيسية بديلة, طريق مارب - البيضاء, طريق مارب – المحجزة – حريب – القراميش - بني حشيش - صنعاء، طريق جهم – خولان، خاصة ما يتعلق بقاطرات الغاز، رغم أن هناك صعوبة في وادي "حباب" إلا أننا متفقون مع وزير الأشغال على استكمال الطريق، فالأعمال التي نُفذت كانت رديئة، وبعض الطريق تهدّم وجرفته السيول.
* حصلت مواجهات بين عناصر في القاعدة والجيش في الطريق المار بمنطقة "عبيدة"، قبل أكثر من شهرين، ما الجديد في الأمر؟ وهل ألقي القبض على أحد من المطلوبين؟
- نعم، تلاحقهم قوات الأمن، ومتابعتهم مستمرة، وقد ألقي القبض على بعض عناصر هذه الفئة، وأشخاص مشتبه في تعاونهم معهم، من قبل أشهر. وقوات الأمن مضيّقة عليهم الآن، ولكن وجودهم في المحافظة بشكل مؤقت، خاصة من هم من خارجها أو من خارج اليمن، وإذا مروا فهو مرور سريع، مستغلين الصحراء والطرق المتعددة، والأرضي المفتوحة، ومستغلين بعض القبائل التي تستضيفهم دون معرفة ما هي نواياهم؟ ومن هي القاعدة؟ وهناك عناصر تتعاون معهم في المحافظة تؤويهم وتدلهم على الطرق، ومحافظة مأرب محافظة مهمة من نواحٍ عدّة، وتستهدفها القوى التخريبية؛ لأن التأثير في محافظة مارب لا يقتصر عليها ولا ينحصر فيها، إنما تتأثر عموم محافظات الجمهورية.
* هناك طرح يقول إن القاعدة تنشط وتتسع في محافظة مأرب، كمحافظ ورجل عسكري كيف تقيّم نشاط القاعدة، خاصة بعد المواجهات الأخيرة مع الجيش؟
- حقيقة أن وسائل الإعلام تقول إن القاعدة في مارب، ومارب براء، ويعتبر عدد من هم من أبناء المحافظة في صفوف القاعدة أقل عددا من أي محافظة أخرى، ولكن تُستغل مارب لانفتاحها الصحراوي وارتباطها بالمحافظات الأخرى عبر الصحراء، وصولا إلى السعودية، واتصال بعض العناصر مع عناصر في تنظيم القاعدة في السعودية، وتساعدهم سهولة التنقل من محافظة مارب إلى شبوة ومن شبوة إلى حضرموت، ومن مارب إلى الجوف، ومن مارب إلى أبين، حيث لا توجد مخانق في الطرق والمنافذ، يمكن السيطرة عليها، وخاصة من مركز المحافظة، باتجاه الشرق والشمال الشرقي، بل إنها صحراء ممتدة مئات الكيلومترات، كما أن طبيعة البدو تختلف، إذ يعتبرون مرور العناصر تلك أو غيرهم ضيوفا، وأحياناً يتأثرون بهم باسم الدين، ويقولون عنهم إنهم طيبون همهم أن يعوّضوا الناس ويعلموهم أمور الدين، ولكنهم عند ما يعرفون حقيقتهم لا يقبلونهم مرة أخرى.
* هل لديكم إحصائية لعناصر القاعدة الذين يتواجدون في مارب؟
- كما قلت، إن هناك استغلالا للأراضي الصحراوية المفتوحة، ويمرون فعلاً، لكن العدد ضئيل، وليس كما يهول، فهم لا يتجاوزون الـ12، أو قد يصلون إلى 18 بالكثير.
* من يؤويهم ويساندهم؟ وكيف يتواجدون في المناطق القبلية؟
- يمرون من المناطق القبلية البعيدة كضيوف، ويؤويهم البعض، أو يرتبون لقاءاتهم بجهات أخرى أو بأشخاص في محافظات أخرى، وحتى بأشخاص بالمملكة العربية السعودية عبر الصحراء، والمفترض أن يكون هناك تبادل معلومات لمتابعتهم بطول الصحراء، نحن هنا -في محافظة مارب- ضيقنا عليهم الخناق، وهم متضايقون منا، يرسلون لنا التهديدات بـ"أنهم، وأنهم،..." ولكننا لا نخاف من التهديدات، والمهم هو كيف نوقفهم عند حدهم؟ والمهم أيضا إحباط أي عمليات قد ينوون القيام بها، خاصة عند ما يهددون المنشآت النفطية والطرق والسياح الأجانب، وباقي أهدافهم، عناصر القاعدة عند ما يعلنون تواجدهم في مارب ويركزون عليها، وليس غيرها، لأن في مارب يوجد هناك ما يسعون لضربه واستهدافه فيها، خلافا للمحافظات الصحراوية الأخرى، واعتقد أن عناصر القاعدة تقضي أغلب وقتها خارج المحافظة، ولا يتواجدون فيها بصورة مستمرة، وإنما يأتون فقط للتخطيط ومحاولة تنفيذ عملياتهم، ولكنهم لا يقدمون على القيام بأي عملية عند ما يشعرون أن الجميع يقض، وأن الإجراءات مشدّدة، وقد حاولوا خلال الأشهر الماضية استهداف المنشآت النفطية عدّة مرات، وكذا المحطة الغازية، إلا أن المصادر المعلوماتية والاستخباراتية كشفت نواياهم مرة بعد أخرى، كما تتصدى لهم القوات المسلحة والأمن، وتتتبعهم في أرجاء المحافظة.
* المواجهة الأخيرة مع الجيش اعتبرها البعض دفعة معنوية للقاعدة، خاصة وأنهم نجو جميعا؟
- ليست دفعة معنوية، عناصر القاعدة أحتمت بقرية عريضة طويلة، وهي قرية آل شبوان، دخلوا فيها وأصبح هناك إحباط للإجراءات الأمنية لعدم تمكنها من استخدام القوة، حيث استخدمتها دون تفريط، وكان عناصر القاعدة يتنقلون من مكان إلى مكان داخل القرية بين أوساط المواطنين الأبرياء، وكانت العملية التي قاموا بها مفاجئة ودون سابق تخطيط؛ لأنهم قاموا بالاحتماء بقرية آل شبوان، رغم أنه لم يكن لهم تواجد فيها من قبل، وحتى أننا أوقفنا العمليات حرصا على المواطنين الأبرياء، وعلى عدم توسيع المواجهات؛ لأن غاية تلك العناصر هي توسيع رقعة المواجهات، أرادوا تجمهر الآخرين معهم، وهم الآن فارون ومتابعتهم مستمرة، وقد فر الدخلاء منهم بعد تلك العملية، والبعض الآخر فر من اليمن، بالذات العناصر السعودية، وهناك احتمال بأنهم في تنقل مستمر في المناطق الصحراوية بين مارب والسعودية، ولا يستقرون في مارب؛ لأن المواجهات كانت حاسمة، وتم استعادة العربة التي استولوا عليها في اللحظات نفسها التي كانت فيها قوات الجيش تحاصرهم وتُحكم الخناق عليهم.
* هل شاركت عناصر أجنبية في المواجهة؟
- شاركوا أجانب مع اليمنيين، وحسب المعلومات أن فيهم سعوديين.
* كم كان عدد الذين اشتبكوا في تلك المواجهة مع الجيش؟
- لا يتجاوزون الـ18 شخصا، لكن الإرباك هو بدخولهم القرية، وحرص الدولة والجهات الأمنية على سلامة الأبرياء.
* أعلن مقتل عايض الشبواني زعيم تلك المجموعة التي تنتمي للقاعدة، ثم نفي الخبر، ومن يعرفون عايض الشبواني من أبناء مارب يؤكدون أنه شاب في العشرينيات، وانه أعطي أهمية أكبر من حجمه، ما تعليقك؟
- كان هناك توقع بأنه قُتل هو ومن معه، عند ما استهدفتهم الضربة، إلا أنهم استخدموا بيتا آخر غير الذي كانوا مرصودين فيه، وخرجوا قبل لحظات من الضربة إلى منزل عايض الشبواني.
* السياسيون والإعلاميون يجملون المشاكل الرئيسية في اليمن بمشكلة صعدة والجنوب والقاعدة في مارب. هل وضع نشاط القاعدة في تصنيف واحد مع تلك المشكلتين صحيح؟ وهل ترقى إلى الخطورة نفسها؟
- للأسف، أن بعض وسائل الإعلام لا تبحث عن الحقيقة ولا تتحرى الموضوعية في تناول المشكلات، اليمن ووحدته في خير، العناصر التي في صعدة عناصر مأجورة، وعميلة، وأقولها بكل صراحة؛ لأن القيادة تسامحت المرة الأولى والمرة الثانية والمرة الثالثة.. الخ. هؤلاء جنوا الشر لأنفسهم بالدرجة الأولى، ولأبناء محافظتهم خاصة، وأثروا على البنية المجتمعية اليمنية بشكل عام، وللأسف أن البعض يستخدم الدِّين كمظلة لأعمال سيّئة بعيدة عن الدين، سواء تلك العناصر التي تنتمي لتنظيم القاعدة أو العناصر التي في صعدة، وهناك احتمال كبير بأنهم جميعا يقاتلون في خندق واحد، وقد وصلت معلومات قبل أيام تفيد بأن عنصرين من القاعدة قضيا وهما يقاتلان مع الحوثيين في صعدة.
* هناك من يذهب إلى عدم الربط بين الحوثيين والقاعدة انطلاقاً من الفرق الشاسع في الفكر؟
- هناك فرق في التوجهات الفكرية والدينية، ولكنهم في نواياهم السيئة يسلكون طريقا واحدا في سبيل المساس بالوحدة الوطنية ومصالح اليمن المتمثلة بالوحدة والمنجزات التي تحققت فضلا عن موقع اليمن الاستراتيجي وثروات اليمن ووجود يمنيين على دين وقلب واحد، طبخت لنا هذه التيارات بعد الوحدة اليمنية، رغم أن اليمنيين في غنى عن توجهاتهم هذه، وهذا عمل عملاء وحاقدين ومسيرين من الآخرين، أعداء الشعب والوطن والدين.
* هل هناك ما يدل على تحالف كل الأطراف الناقمة، الانفصاليين، القاعدة، الحوثيين؟
- عندي معلومات، وأتوقع صحتها، أن قادتهم الذين هم في الخارج سواء من تنظيم القاعدة أو أصحاب الحراك أو الشيعة يجتمعون في فنادق، وأنهم ينسقون معاً، قضيتهم عمالة، والذي يحقق هدفهم هو تجمعهم في صف واحد.
* ما الإخلالات الأمنية التي يمكن الإشارة إليها في مارب منذ انتخابك محافظا لها؟
- هي إخلالات بسيطة، قطع طرق بين القبائل مع بعضها أو بين القبائل والدولة.
* التقطع القبلي يتكرر، وهناك ثقافة تقطع سائدة لنيل الحقوق، سواء من الدولة أم من قبيلة من أخرى؟
- نعاني منها كثيراً. البعض لديه معاملة في المحافظة ولا نعلم إلا وقد ذهب لقطع الطريق، وكثير من هذا النوع من المشاكل، ونحن قد ألفنا عليها، وأنا أعتبرها روتينية يومية، وهي ظاهرة سيّئة، أكثر من ثلاثين عملية تقطع قبلي على الطرقات منذ أن انتخبت محافظا لمارب، وللأسف أن بعض الجهات التي يتطلب حل المشاكل منها لا تساعدنا على إنهاء المشكلات هذه، سواء وزارات أم شركات أم غيرها. وأنا ورثت ترسانة من المشاكل والقضايا يزيد عُمر بعضها عن 30 سنة، هناك مشاكل أطرافها مواطن وشركة، أو مواطن ووزارة، أو قبيلة وقبيلة أخرى، وأنا راضٍ عن أدائنا لأننا ننجز أعمالا في اليوم ونعمل في كل الاتجاهات مع الوجهاء في مارب ومع القيادات العسكرية والأمنية والسلطة المحلية في إيجاد الحلول، ونعالج كثيرا من القضايا لتجنيب البلاد المشاكل، انطلاقا من قاعدة الحسم الأمني، وإيجاد المخارج والحلول تحت سيطرة الدولة لا أن تفرض عليها.
* البعض رأى في ملتقى مارب أنه انقلاب على السلطة المحلية، رغم أن دوره مؤخرا ضعف كثيرا بعد سحب البساط من تحته. ما تعليقك؟
- بحكم علاقاتي بالقيادات الكبيرة في الملتقى القبلي طلبت منهم أن يتوقفوا عن نشاطهم، وتجاوبوا معي، وسلموا لي مطالبهم، وهي في 14 ملفا، موجودة لدي، وجرى جدال معهم حول مطالب الملتقى، وقلت لهم: إني مع مطالبكم، تريدون كهرباء نحن نشتغل فيها، تريدون تربية، تريدون طرقا، تريدون تعليما وصحة نحن نعمل فيها، عندكم سلطة محلية منتخبة، وسأضيفكم لجنة من لجان تسيير المشاريع، إذا أردتم، بدلا من إنشاء ملتقى قبلي، ونتقسم، وسيؤدي ذلك إلى الإخلال بالنظام وقانون السلطة المحلية وإحباط مسيرة التنمية في محافظتنا، والحمد لله أن القناعة وجدت لدى الجميع.
* هناك إحساس من قبل الكثيرين في مارب بأنها مهملة ولا بُد من الضغط على الدولة؟
- ليس هناك ما يبرر التجمّع في ملتقيات قبلية، وإذا كُنت -أنا كمحافظ- منتخبا من أبناء قبائل مارب فسأعمل على تحقيق مطالبهم وسأكفيهم، سأكون بالنيابة عنهم بدلا من أن تصوّر مواقف أبناء مأرب سياسية وحزبية، وحقيقة أن في الملتقى شخصيات تُشكر، وأنا أجلهم واحترمهم؛ لأن همهم هو تحقيق المصلحة العامة، وقد أغلق الملتقى اجتماعاته بقناعة الجميع، وسلم لي الأربعة عشر ملفا التي فيها مطالب المحافظة. واسأل الله أن يوفقني إلى توصيل المشاريع الضرورية والقانونية والمهمة إلى مختلف مديريات مارب.
* ماذا عن تخصيص 10 بالمائة من عائدات النفط للمحافظة، التي كان قد تبناها الملتقى القبلي؟
- المطالبة قائمة حتى الآن، وهناك قناعة لديهم أن النسبة من حق المحافظة، عندهم توجيهات من فخامة الأخ الرئيس ونائبه، إلا أنها لم تلقَ تجاوب المعنيين في الوزارات، البعض يطالب بعشرة في المائة من عائدات النفط، والبعض الآخر مقتنع حتى بالواحد في المائة، ونحن نرى أن انجاز المشاريع إذا استمر فإن مارب ستنال حقها من التنمية والتطوّر، ونتمنى أن تحصل على ما حصلت عليه غيرها من المحافظات. ونتمنى ألاّ تكون معاملة المحافظة على نسبة عدد السكان؛ لأن الذين يضعون هذه الخطط مخطئون في نظريتهم، فمساحة المحافظة الجغرافية كبيرة، والمجتمع يكبر أو يصغر بحاجة إلى الطريق والكهرباء والمياه والمدرسة والمستشفى. فالتعداد السكاني يتوقف عليه توزيع الحصص التموينية ومراكز الانتخابات، إلا أن المجتمعات صغيرة أو كبيرة بحاجة إلى الخدمات الضرورية، في عام 2007، قبل أن أكون محافظا لمأرب، وجه رئيس الجمهورية باعتماد مليون ونصف المليون دولار سنويا لمحافظة مارب، واستبشر أبناء المحافظة بذلك، وإلى حد الآن هناك تلاعب بالتوجيهات الصريحة، ونظرا للظروف التي تعيشها البلاد والأزمة الاقتصادية وانخفاض أسعار البترول والحرب القائمة في صعدة كفّينا عن الإلحاح، ولا ننكر المشاريع التي تُنجز، ولكن المفروض أن تمنح مارب جزءا من خيراتها لتسيير مشاريعها، وحل مشاكل مواطنيها، كمسؤولين نحن نعاني من مشاكل كبيرة بسبب وجود المنشآت النفطية والطرق الإستراتيجية التي تمر من مارب. ولو أخذنا قسطا من الراحة حتى في العطل الرسمية لحصلت عشرات الإشكالات، ونحن لا نقلق من الإشكالات والمعاناة داخل المحافظة، وإنما من تأثر المحافظات الأخرى مما يحصل في مارب أو في الطرق التي تمر منها، وإذا كان المسؤولون ينامون في المحافظات الأخرى فإننا لا ننام لا ليل ولا نهار.
* التوظيف في الشركات العاملة في مجال النفط مشكلة مؤرقة كما نعلم، هل تمت معالجتها؟
- بالنسبة للتوظيف في الشركات النفطية، هناك آلية معتمدة من الحكومة بتخصيص 50 بالمائة من الوظائف لأبناء المديرية التي ينفذ فيها المشروع النفطي، و25 بالمائة لبقية المديريات بالمحافظة، و25 بالمائة لباقي المحافظات الأخرى، ونعمل حاليا بموجب هذه الآلية. التوظيف في الشركات النفطية مشكلة لم تُحل، فهناك احتكار من بعض الشركات، وخاصة تلك التي تتقاول من الباطن، وهي شركات خاصة، كما ترفض التعامل مع توجيهاتنا كمسؤولين؛ لأنهم في صنعاء ومكاتبهم ليست في مارب، ولا نعرفهم، إلا في حقول النفط، ولا لدينا معلومات، ونتمنى من وزارة النفط أن تلزم كل الشركات النفطية في محافظة مارب بفتح مكاتب لها في عاصمة المحافظة كي نعرف ما هي إجراءات هذه الشركات ليتسنى حل مشاكل التوظيف بسرعة بدلا من تعقيدها ثم نتحمل تبعات مشاكل التوظيف، ولا نعرف من السبب فيها. عموما نعاني من البطالة الزائدة؛ لأن انخراط أبناء مارب في كثير من المهن الخاصة صعب، نظرا لعدم الخبرة والعادات القبلية السائدة، إلا أننا نؤمّل خيرا في معهد الصالح الذي أنشئ في مارب، ونتمنى أن تكون نتائجه الايجابية قريبة، خاصة في تأهيل الكوادر، بحيث يستطيع الفرد ممارسة عمله سواء في القطاع الحكومي أم في القطاع الخاص.
* وماذا عن الصُلح القبلي والحد من ظاهرة الثأر في مارب؟
- عملنا على عقد صلح بين البعض، وما زلنا نعمل على تحقيق الباقي، وإن نجحنا في بعض المهام فلا نمدح أنفسنا، والناس ستتحدث به، ونشكر فخامة الأخ الرئيس الذي يوجهنا دائما للإصلاح بين قبائل مارب وإيجاد الحلول، وعلى تعاونه معنا، وقد وجّهني في شهر رمضان بإيجاد صُلح قبلي وحلول للمشاكل القبلية، وعلى أن تُحل القضايا التي يمكن حلها، وما يتطلب فيها الصُلح يتم عقد صُلح بين القبائل.
* كأول محافظ منتخب لمارب ما تعليقك على خطوة انتخاب محافظي المحافظات؟
- خطوة انتخاب المحافظين خطوة جريئة من القيادة السياسية؛ كونها الأولى في الوطن العربي، إضافة إلى أنها ترجمة لثقة القيادة السياسية بنفسها، ودليل على إتاحة الفرصة للناس بأن يشاركوا ويتعاونوا في بناء بلدهم، كمحافظ منتخب تحملت مسؤولية كبيرة، وأتمنى لو أن الأربع السنوات دقيقة واحد، إلا أني أجزم من منظور استراتيجي عام أن خطوة انتخابات المحافظين جريئة من القيادة السياسية، كنت شخصيا من المعارضين لانتخاب المحافظين بسبب الإحراجات والحسابات القبلية، خاصة في المحافظات التي يغلب فيها الطابع القبلي، ومنها: مارب. وكونك محافظا من أبناء المحافظة، فيُطلب منك أن تخرج عن القانون، وتخرّب نظام الدولة وتتعامل مناطقيا أو قبليا، رغم أني لا أؤمن بالعنصرية والقبلية، وأنا أحترم العمل في أي مكان في اليمن، يقال عنا إننا متحيّزون كليا للدولة، كنت في السابق أساهم بحكم علاقاتي ووجاهتي في حل قضايا ومشاكل القبائل أو التعاون مع الوجاهات الأخرى في المحافظة والمسؤولين إلا أني اليوم محاط بقيود الوظيفة العامة.