السبت, 02-أكتوبر-2010
لحج نيوز - بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) بيومين، عاد ابني الذي كان وقتها في الأول الابتدائي من المدرسة يعرض عليّ مشهداً رسمه في الكراس، لأفاجا برسم لطائرتين تصطدمان بعمارتين، وعندما سألته عنه قال لي: هذا ما طلبه منا مدرس الرسم، أما ابني وهو في الصف الثالث لحج نيوز/بقلم:بدرية البشر -

بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) بيومين، عاد ابني الذي كان وقتها في الأول الابتدائي من المدرسة يعرض عليّ مشهداً رسمه في الكراس، لأفاجا برسم لطائرتين تصطدمان بعمارتين، وعندما سألته عنه قال لي: هذا ما طلبه منا مدرس الرسم، أما ابني وهو في الصف الثالث الابتدائي فعاد من المدرسة وجلس أمامي يسألني: لماذا لا نقطع البترول عن أميركا الكافرة كما فعل الملك فيصل؟ ثم قال إن أسامة بن لادن بطل، لأنه ترك حياة الترف وذهب لحياة الجهاد في الجبال، فسألته من أخبرك بكل هذا؟ فقال لي مدرس التاريخ.

في كل مرة أسمع فيها هذا الكلام، أو كلما عاد ابني بمنشور يحمل فتوى متطرفة، أو حين طلب أحد المدرسين بأن ينقل له ابني تصرفات الطلبة وأحاديثهم له يومياً، كنت أتصل بمدير المدارس الذي كان يتعاطف معي، ويرفض ما يحدث ويشدد على أن أولياء الأمور هم عيونه البصيرة، التي تنقل له الأخطاء، وتزوّده بالحوادث السلبية، لكن أولياء الأمور ليس كلهم لديهم القدرة على الاقتراب من أبنائهم، إما بسبب قلة الوقت أو بسبب اللا مبالاة أو الثقة المطلقة بأن أبناءهم في أيد أمينة، وهل هناك ما هو أكثر أماناً من مدرسة؟ لكن الصحافة بعد أحداث محاولة تفجير مبنى الأمن العام لم يكن لها الرأي نفسه، فابني الذي أصبح قادراً على القراءة، وبالصدفة البحتة نظر إلى الصحيفة المفتوحة على صور التفجير المنشورة، وقرأ بعضها من باب الفضول، لكن دهشة اعترته، ثم أشار بأصبعه، قائلاً أمي هذا هو اسم مدرسنا فلان الذي ترك المدرسة منذ ستة أشهر.

كتبت وقتها مقالاً بعنوان «مدرس ابني إرهابي» شكوت فيه من أن ذلك الإرهابي كان على مقربة من مقاعد التلاميذ ومن عقولهم، ولم يكن مدير المدرسة مرتاحاً في ذلك الوقت لما كتبت، لكنني أكدت له أن ما حدث لا يخص مدرسته، بل يخص مؤسسة تعليم كبرى، بل يخص وطننا بأكمله، وتشاء الظروف في شهر رمضان الماضي، ويرسل لي أحد المدرسين السابقين في المدرسة نفسها رسالة يشرح لي فيها أية جماعة كانت تغص بها المدرسة من التكفيريين الذين كان هو نفسه يتبعهم كما قال: «من باب الجهل أولاً ومن باب الثقة بهم ثانياً»، وشاء الله وذهب هذا الشاب في بعثة للماجستير للخارج يقول: «هناك لم أخسر ديني، بل أكتشفت الإسلام الصحيح المعتدل»، ثم عاد ليقرأ للكتّاب الذين كفرتهم جماعته المتطرفة، ويقول: «لم أجد في مطالبهم سوى مطالب مواطنين يعيشها المسلمون في كل مكان، وهذه المطالب لا تخرج عن جوهر الإسلام ولا تقود للكفر».

اليوم وأنا في الإمارات وابنتي تدرس في إحدى مدارسها أستطيع أن أضع تلخيصاً للفارق التعليمي بجملة تقول: «كون الإمارات لم تشهد تيارات ولا تنظيمات ولا تحزبات دينية قادرة على حشد الجماهير، فإنها لم تشهد ما يعوق عملية التحديث والتطوير التي بدأتها»، ولهذا يجب علينا في النهاية ألا نسلم وزارة التعليم بكاملها لتيار متشدد تعترف وزارة الداخلية بأنه ينتمي للفكر الضال وليس الأهالي وتحولهم للإدارة، ثم نقول ليس مهماً ما يعتنقون، المهم ما يضعونه في المنهج، لأننا بهذا مثل من يعيد المشهد في كل مرة ويخطئ فيه ثم يعيده ويخطئ، فلا هو الذي تعلّم، ولا هو الذي تطوّر، ولا هو الذي فهم الدرس.

جريدة الحياة
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 10:42 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-8651.htm