لحج نيوز/بقلم:هنود الفضلي -
المشهد الأمني في محافظة عدن كان الأسبوع الفائت مثار جدل في المجلس المحلي بالمحافظة والصحافة والشارع وتعدى الوطن إلى الفضائيات وتحديداً قناتي “العربية” و”الجزيرة” وإثارة الجدل الأمني هذا كان على خلفية التفجير الذي استهدف نادي الوحدة الرياضي بالشيخ عثمان عدن وهو ما أثار حفيظة محافظ عدن الدكتور عدنان الجفري الذي دعا إلى لقاء سريع مع القيادات الأمنية بالمحافظة.
وعلى ذمة مراقبين حضروا هذا اللقاء الساخن الذي جمع الاخ المحافظ بالقيادات الأمنية أفادوا بأن اللقاء كان عبارة عن نقد شديد وجارح وجهه المحافظ للقيادات الأمنية وطالب فيه مدير الأمن بالمحافظة العقيد عبدالله عبده قيران تقديم استقالته على خلفية حادث نادي الوحدة الرياضي ووصف فيه الاخ المحافظ الوضع الأمني في عدن بالمتدهور.
المعروف أن الاوضاع الأمنية في محافظة عدن - كما نعيشها نحن المواطنين - على ما يرام بل تعتبر عدن واحدة من أفضل المدن اليمنية التي تنعم بالأمن والاستقرار والسكينة، وحادث نادي الوحدة تم ضبط المنفذين في وقت قياسي لا يتعدى اربع ساعات من تنفيذه.. وهم المنفذون الفعليون مع مساعديهم وملاحقتهم إلى أوكارهم في أكثر من مدينة ومصادرة المضبوطات.. وهذا إن دل على شيء فانما يدل على نباهة ويقظة رجال الأمن، وما حدث في نادي الوحدة ليس مقياساً للحالة الأمنية في عدن أو أن الأمور “فالتة” إذ هناك أكبر مدن وعواصم في العالم ودول عظمى بامكانياتها وتقنياتها المتطورة في مجال ضبط الجريمة وكشفها قبل وقوعها، لكنها فوق هذا وذاك تشهد اختلالات أمنية هنا وهناك، ونذِّكر “عسى الذكرى تنفع” بالحادث الإرهابي الشنيع الذي شهدته ولاية ميونخ الالمانية الاتحادية في العام 1975م من القرن الماضي وهي المدينة التي استضافت الأولمبياد عندما أقدم 3 من اليساريين اعضاء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقتلوا معظم فريق كرة القدم الاسرائيلي بجانب ملعب ميونخ وهم يتأهبون للدخول إلى الملعب للقاء فريق كرة القدم النمساوي.. هل معنى هذا ان ميونخ بامكانياتها تعتبر بلد غير آمن؟!.. دقيقة حداد وواصل الأولمبياد مبارياته والقانون يأخذ مجراه ولم نسمع أن محافظ ميونخ استدعى مدير الأمن ووبخه وطالبه بتقديم الاستقالة.. ونذكر أيضاً ما حدث في نيويورك عندما اقدم مجموعة من تنظيم القاعدة يوم 11 سبتمبر 2001م بتفجير مركز التجارة العالمي وضحاياه بالآلاف وبقية القصة معروفة!!.. هل يعني هذا ان الأمن في نيويورك غير مستقر وتقصير أمني كان السبب في هذه الحادثة؟!.. ولم نسمع أن عمدة نيويورك طالب المسؤولين الامنيين بالاستقالة على خلفية هذا الحادث الإرهابي!!.
الاستقالات من المناصب المباشرة والرفيعة لها معايير متعارف عليها في كل دول العالم منها حالات الفساد والرشوة واختلاس المال العام واستغلال الوظيفة العامة لمصالح شخصية واهمال مركبات النقل مثل القطارات والطائرات والسفن والبواخر والصفقات المشبوهة التي تؤدي إلى كوارث ومآسي يتسبب فيها مسؤولون مباشرون استغلوا وظيفتهم واهملوا واجباتهم المنوطة بهم.. كما حدث في مصر عام 2007م عندما شب حريق هائل في قطار أودى بحياة 30 راكباً و50 جريحاً، مما استدعى وزير المواصلات للاستقالة.. وحالات عديدة في أوروبا واسرائيل، لكن الحوادث الناتجة عن التفجيرات يخطط لها وينفذها مجرمون خارجون على القانون.. وتتم في جنح الظلام وسرية تامة كما حدث في احد الفنادق (5 نجوم) في العاصمة الاردنية عمان في فبراير 2006م..
ومثل هذه الأعمال الإجرامية يصعب على رجل أمن كشفها بسهولة لأنه يتم التخطيط لها في الغرف المظلمة وفي الدهاليز بعيداً عن العيون الساهرة.
بالنسبة للأمن في عدن وخلال الفترة من 2006م وحتى 2010م وهي أعوام شهدت فيها بعض محافظات الوطن ومديرياتها أعمال شغب وتظاهرات واعتصامات وحراك وعراك....الخ، لكن عدن لم تتأثر كثيراً بهذه الفوضى العارمة لنباهة ويقظة رجال الأمن -كما اسلفنا - وتم احباط وكشف أكثر من جريمة قبل وقوعها.
وهناك احصائية امنية عن وزارة الداخلية توضح بالأرقام - لن نخوض فيها تقديراً للحيز - ولكن إذا كان الاخ المحافظ يريد عدن أكثر أمناً واستقراراً ويطلب من قيادته ضبط كل شاردة وواردة، فمطلوب منه تقديم الدعم السخي من صندوق النظافة وتحسين مدينة عدن والذي لديه وفرة في المال لتنفيذ خطة أمنية محكمة للمحافظة تكون ملزمة للأخ مدير الأمن والقيادات الأمنية الأخرى.. وهي إقامة حواجز اسمنتية وحواجز متنقلة عند مدخل كل شارع في مدن محافظة عدن ومديرياتها وافراد حراسة امنية لها تغذية وتربية خاصة وتكون هذه الحواجز مزودة بأجهزة وكاميرات كاشفة وخارقة للملابس من نوع الأجهزة والكاميرات التي في مطارات الولايات المتحدة الامريكية ومطارات المدن الأوروبية وهي جزء لا يتجزأ من منظومة محاربة الإرهاب وكشف المتسللين من تنظيم القاعدة الذين ينوون تفجير المطارات والطائرات والأماكن المغلقة للمتسوقين إلى جانب أجهزة الكترونية يتم توجيهها بالريموت للسيارات الواقعة على أرصفة الشوارع في عدن والسيارات المتحركة لاكتشاف العبوات الناسفة والأسلحة الخفيفة.. إن توفرت هذه الأجهزة والامكانيات المدعومة بـ100 ألف رجل أمني في هذه الحالة من حق المحافظ الدكتور عدنان الجفري أن يطالب مدير الأمن بالاستقالة في حالة تقصيره في اداء مهامه.
وعلى العموم يكفي مواطني عدن أن كرامتهم مصانة ولم يحدث أن قامت مجموعة أمنية باقتحام منزل مواطن أو اعتقاله خارج الوقت المحدد - ليلاً - وبدون مسوغ قانوني.
في عدن مجتمع مدني متعاون لا وجود للقبيلة ولهذا لا توجد في عدن سجون خاصة يملكها أعيان ووجهاء ومشائخ كما هو الحال في محافظات إب والحديدة، ولا توجد في عدن مليشيات جهادية تقوم باغلاق محلات الاستريوهات ومقاهي الانترنت كما يحدث في بعض مديريات أبين وتحديداً خنفر.. ولم تحدث حالة واحدة في عدن لاستهداف مراكز الأمن، كما حدث في بعض مديريات محافظات أخرى وهذا يدل على أن مرجعية رجال الأمن للقانون وما خفي كان أعظم.
|