الإثنين, 19-مارس-2012
لحج نيوز - منى السالم منى السالم -
رغم ان سكان معسكر اشرف الذي يضم نحو ثلاثة آلاف من اعضاء منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الايراني يتواجدون في العراق يتمتعون بحماية دولية منذ غزو العراق وحتى الان غير ان معاناتهم الحياتية وقبلها السياسية تتفاقم ما يعقد قضيتهم خصوصا وان السلطات العراقية تعتبر وجودهم في اراضيها غير شرعي.
ولم يقتصر الامر على ذلك وانما تعداه الى شحة الدواء ومستلزمات الحياة الاخرى مثل الكهرباء والرعاية الصحية وانعدام مسالك مياه الصرف الصحي في معسكر مطوق من جميع الاركان.اذا فان مبادرة الامم المتحدة ومعها السلطات العراقية في نقل 400 عنصر من سكان اشرف الى موقع جديد لن تحل المشكلة وانما فاقمتها وخلقت ظروفا اخطر في ليبرتي مما كان يجري في اشرف.
واستنادا الى ما تقدم فان حل معاناة سكان اشرف تتلخص في ايفاء السلطات العراقية بتعهداتها المكتوبة لسلطات الاحتلال الامريكي وبعدها الامم المتحدة التي تستجيب للمعايير الدولية خاصة توفير ضمانات الحماية لهم ومستلزمات العيش الكريم من دون خوف او تهديد وممارسة الضغوط عليهم لمغادرة العراق او التهديد بتسليمهم للسلطات الايرانية.ومن شأن الاستجابة لهذه الشروط ومراعاة خصوصيتها يمكن ان يجد سكان اشرف الطريق المؤدي الى وضع حد لمعاناتهم. ومن دون ذلك فان محنهم ستتفاقم وتستمر سواء كانوا في اشرف او ليبرتي.
فسكان اشرف تعرضوا بعد احتلال العراق الى عدة محاولات من قبل السلطات العراقية لاقتحام المعسكر بحجة وجود عناصر تهدد الامن العراقي الا ان هذه المحاولات باءت بالفشل لحملهم على مغادرة العراق او تسليم بعضهم الى السلطات الايرانية كمطلوبين مفترضين.
فقضية اشرف شغلت الاوساط السياسية العراقية وقبلها الدولية لانها قضية انسانية قبل ان تكون سياسية بامتياز فمعاناة سكان اشرف تتفاقم بسبب الضغوط التي تمارسها السلطات الايرانية على الحكومة العراقية لترحيلهم عن المعسكر والمطالبة بتسليم بعضهم كمطلوبين. واذا اخذنا بنظر الاعتبار دواعي العلاقة بين بغداد وطهران في التعاطي مع قضية اشرف فاننا نلاحظ تراجعا في دور وموقف الامم المتحدة وخاصة بعثتها في العراق في حل محنة معسكر اشرف وتوفير الضمانات الانسانية لسكانه بعد سلسلة تجاوزات لامبرر لها طالت الكثير منهم.
وعندما نؤشر عدم جدية المنظمة الدولية في ايجاد المخارج لقضية اشرف فاننا نتوقف عند الاجراء الاخير الذي رعته الامم المتحدة بالتعاون مع السلطات العراقية المتمثل بنقل نحو 400 عنصر من سكان اشرف الى معسكر ليبرتي القريب من مطار بغداد فالمعسكر الجديد وطبقا لتأكيدات ساكنيه هو بمثابة سجن قسري لا تتوفر فيه كل مستلزمات الحياة.
وما يثير ريبة سكان ليبرتي انه يخضع بالكامل الى السلطات العراقية التي تقوم يوميا بتسيير دوريات في ارجائه في محاولة لابقاء المعسكر وقاطنيه تحت الرقابة المستمرة.
ومنذ هذا الانتقال للوجبة الثانية من سكان أشرف لمخيم ليبرتي نسمع أخبارًا سيئة عن الحالة المعيشية المتدهورة هناك لأنه وإضافة إلى الحالة المتردية السابقة فإن دخول 400 شخص آخرين إلى المخيم قد ضاعف المشاكل هناك. وإذ إن ملف أشرف هو ملف إنساني خطير في العراق وملف دولي، فإن هذا الموضوع يثير قلقًا بالغًا في العراق وكذلك المجتمع الدولي. أما السؤال المطروح الآن لماذا تم تشريد 400 آخر من سكان مخيم أشرف من مقر إقامتهم لتزداد المشاكل التي كان ولا يزال يعاني منها 400 شخص سابق في الوقت الذي لم يتم بعد نقل الوجبة الأولى بـ 400 شخص إلى البلدان الثالثة ولم يتم بعد تسوية المشاكل الخاصة للبنى التحتية لمخيم ليبرتي؟
إن مخيم ليبرتي يفتقر إلى البنى التحتية الضرورية لاستقبال 400 شخص، مع ذلك أضيف 400 آخرون أيضًا إلى الأشخاص الـ 400 السابقين؟!
لا تزال في هذه المساحة الضيقة مركز كبير للشرطة و4 مخافر فرعية للشرطة مع 7 كاميرات رقابة تراقب السكان ليلاً ونهارًا إضافة إلى أجهزة تنصت نصبت على أسوار هذا الموقع الضيق. وخلافًا لقوانين مخيم للاجئين فإن السكان لا يسمح لهم بالوصول الحر إلى محاميهم وإلى عوائلهم وإلى الخدمات الطبية وإلى الصحفيين لأنه لا يسمح لهم بدخول المخيم.
أن قادة العراقية كانت معارضة أساسًا لعملية النقل هذه وكان بإمكان المفوضية العليا للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين أن تتبع في داخل مخيم أشرف نفسه المسار القانوني لإعادة توطين السكان في البلدان الثالثة ولكن الحكومة العراقية منع ذلك ولو لا ذلك لكان العديد من سكان مخيم أشرف قد تم نقلهم حتى الآن إلى الخارج.
كل هذه الأعمال التي تمارسها حكومة المالكي وتحت مراقبة الامم المتحدة، ما هي الا الضغط على القوة المعارضة الايرانية الرئيسية ولا يربح منها إلا النظام الايراني. فلذلك إن هذه الممارسات المخجلة على أيدي الحكومة العراقية تثبت انتماءها على إيران ويشوش سمعة العراق لدى الرأي العام الدولي.
إن هذا الوضع يناقض كل القوانين الدولية وحقوق اللاجئين ويخالف الأعراف والأخلاق العربية والإسلامية وإن المجتمع العراقي لا يتحمل هكذا تعامل مع ضيوفهم بحيث أن النظام الإيراني أعرب عن شكره للحكومة العراقية على عملية النقل هذه ويعلن سافرًا: «إن نقل مجاهدي خلق إلى ليبرتي كان بإرادة إيرانية».
لذلك إذ نطالب بالنقل العاجل لهؤلاء الأفراد إلى البلدان الثالثة، نطالب الأمم المتحدة بأن لا تنقل أي شخص آخر من أشرف إلى ليبرتي ما لم يتم نقل الأشخاص الـ 800 المتواجدين في مخيم ليبرتي إلى البلدان الثالثة وأن تقوم خلال هذه المرحلة باتخاذ خطوات لازمة لتصليح البنى التحتية للمخيم وكذلك أن تدفع الحكومة العراقية بسحب قواتها المسلحة فورًا من داخل المخيم إلى خارجه وفك كاميرات التجسس وأجهزة التنصت وضمان وصول السكان إلى الخدمات الطبية في العراق والسماح لمحامي وعوائل السكان باللقاء معهم تحت إشراف الأمم المتحدة.
لاشك أن تحرك الأمم المتحدة في تطوير هذا الملف الانساني هو اليوم في بوتقة الاختبار، والمجتمع الدولي يراقبه بدقة.

كاتبة وصحفية عراقية

تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 22-أكتوبر-2024 الساعة: 03:25 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-20010.htm