لحج نيوز/بقلم:بدرية البشر -
تذكرني وزارة التربية والتعليم بتلك السيدة في القصة التراثية، إذ دخل عليها زوجها، وهي تصعد سلماً في وسط الدار، فقال لها: إن صعدت فأنت طالق وإن هبطت فأنت طالق، فبقيت هذه السيدة كما الوزارة اليوم، حائرة لكي لا تطلق. فحين أطلق أحد مسؤوليها تحذيرات وتهديدات بمعاقبة مدْرسة خاصة ضُبطت متلبسة تريّض طالباتها، عادت الوزارة تقول إن ملف رياضة الطالبات قيد الدراسة. دائماً تعلق الوزارة في منتصف السلم، فإن هبطت صاح عليها كتاب الصحف الليبراليون يطالبون بالتطوير والتحديث وإن صعدت صاح عليها المتشددون والتكفيريون... فما الحل إذاً: أن تبقى في المنتصف؟
مشكلة وزارة التربية أنها تظن أنها ببقائها في «النصف» تحل المشكلة، لكنها تنسى أنْ لا أحدَ يمارس عمله وهو عالق في منتصف السلم، وأن عدم فعل شيء هو شلل وجمود وتأخر. فهل تريد الوزارة أن تبقى من دون فعل؟! فقط، ترعى قطيع الطلبة والطالبات بالمتاح والموجود! وإذا كانت قضية مثل رياضة الطالبات تحتاج إلى سنوات لتحسم؟ فكم من السنوات تحتاج الوزارة إلى أن تنهض بأعبائها وتطور تعليمها الذي صار مطلباً ملحّاً على كل لسان؟
الوزارة دأبت على إرضاء المتشددين، وإن لم يكن قناعة بفلسفتهم، فطلباً (للستر)، والبعد عن الصداع.
لا أظن أن عاقلاً ينتظر مني شرح أهمية الرياضة للإنسان، أو أن أسرد عليه ما تقوله التقارير الطبية عن أمراض الإنسان الحديث، التي أصبحت منتشرة بين طلاب المدارس، وأهمها مرض السكر والسمنة. وحين تتخلى وزارة التربية عن ضبط أطعمتها التي تباع في المقاصف المدرسية، فإنها تتخلى أيضاً عن مسؤوليتها في توفير بيئة تعليمية صحية مناسبة، ويبقى جيل من الطلبة والطالبات جالساً طوال سبع ساعات على المقاعد يتلقى حشواً ومعلومات نظرية. ولو لاحظتم لوجدتم أن حصص الرياضة تختفي، كلما صار الطلبة والطالبات أحوج إليها، ففي فترة المراهقة التي هي الفترة الأكثر حاجة إلى تفريغ الطاقة والحركة لن تجد في الجدول الدراسي لهؤلاء سوى حصة في الأسبوع يلهث فيها الذكور بسبب انعدام اللياقة. ولو فكرت المدارس الخاصة بأن تعالج نقص منهج وزارة التربية فإنها ستقع بين شرطين صعبين، الأول أنها ملزمة بعبء ثقيل تزيد فيه مواد الدين واللغة العربية على ٦٠ في المئة من المنهج، ومن جهة أخرى لو زادت على هذا العبء بالرياضة أو النشاطات اللاصفية الرياضية فإن الوزارة ستهدّد أو تحذّر، لأنها عالقة في نصف السلم.
على الوزارة مواجهة مسؤوليتها بنضج، وتحمل التبعات، وعليها أيضاً أن تفكر بأن شريحة كبرى من أولياء الأمور تنتظر من الوزارة أن تقدم لأبنائها منهجاً وتعليماً ونشاطاً يرقى بهم نحو مستقبل آمن وفرص وفيرة للنمو، وعليها أن تعرف أيضاً أن مُداراتها لآراء «مأزومة» لا تريد نشاطاً كالرياضة سينفع معها بجعل هذا النشاط اختيارياً لمن يلزم نفسه باحتياطات، لكن لا يحق له أن يفرضها على غيره.