لحج نيوز/الرياض - في وقت يؤمن فيه الكثيرون بأهمية ممارسة الرياضة للحفاظ على صحة الجسد، لاتزال ممارسة الطالبات السعوديات للرياضة محور اعتراض كبير من المسؤولين في وزارة التعليم السعودية مدعومين بفتاوى رسمية تعتبر الرياضة النسائية (خطراً عظيماً يهدد عفتهن ومفسدة لاتخفى على أحد).
وفيما يطالب الكثير من الحقوقيات ورجال الدين المعتدلين بأن تدرج مادة التربية البدنية في المناهج التعليمية الخاصة بالإناث لمحاربة السمنة وهشاشة العظام تخشى الوزارة من اتخاذ هذا القرار خوفاً من فتح الأبواب المعارضة.
وتعاملت وزارة التعليم بشكل حاسم مع المسابقة الرياضية التي نظمتها جامعة (عفت) في جدة قبل أسبوعين وشهدت مشاركة أكثر من 200 فتاة في مختلف الرياضات، منها كرة السلة والسباحة، ووبخت الجامعة وفتحت الوزارة تحقيقا عاجلاً في الأمر قبل أن تقرر عدم المضي فيه.
وعلى الرغم من كم المشاركة الهائل في المسابقة الا أن الجهات الرسمية حذرت من تكرارها وأكد مدير عام التربية والتعليم بالشرقية للبنات الدكتور سمير العمران بأنه :"لا يوجد أي قرار رسمي من وزارة التربية والتعليم بخصوص إدراج الرياضة في مدارس البنات ولم تتم مناقشة هذا في أي اجتماعات لوزارة التربية والتعليم من قبل".
واتخذت الوزارة تحركا سريعا بإصدار تعميم على مختلف المدارس والثانويات تحذر فيه من مغبة تنظيم أي نشاط رياضي داخل مدارس البنات التابعة لها، مؤكدةً أن :"أي ممارسات للرياضة النسائية داخل تلك المدارس يعد مخالفةً صريحة للأنظمة واللوائح المعمول بها حالياً في الوزارة".
الوزير: إذا أدركنا قيمة الرياضة فلن نعترض
تكشف مصادر داخل وزارة التعليم أنها تدرس حاليا إدخال الرياضة النسائية في المنهاج بدءا من عام 2013 وأنها تسعى حاليا لتهيئة الشارع المحلي لهذا الأمر لتكون بدءا من المرحلة المتوسطة، ويتماشى هذا التأكيد مع تصريح وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله الذي أكد في وقت سابق حرصه على تمكين مدارس الفتيات من ممارسة الرياضة للمحافظة على صحتهن ووقايتهن من الأمراض الخطرة، مشيراً إلى أن ممارسة الرياضة حق مشروع للشبان والفتيات وفق المنهج الديني والمبادئ والأخلاق مؤكدا أنه لا وجود للمرأة دون رجل ولا وجود للرجل دون المرأة وأضاف حينها، :"نتمنى أن تكون الرياضة في الإطار الذي يتماشى معنا، فإذا أدركنا قيمة المعرفة والرياضة بالتأكيد لن نجد الاعتراض".
ويتفق حديث الوزير مع مشروع طرحة الداعية السعودي الدكتور سلمان العودة يؤكد فيه على توظيف مدارس البنات لممارسه الرياضة.
وكشف العودة في حوار صحفي أنه تقدم بالمشروع منذ عام ولكن لم يصله رد عليه حتى الآن وقال في حديث لصحيفة الرياض السعودية :"طرحت مشروعاً متكاملاً لتوظيف مدارس البنات مساء كل يوم لمناشط ثقافية ورياضية، وليكن ذلك تحت إشراف تعليم البنات ووزارة الشؤون الإسلامية، وأي جهة رقابية؛ حيث يمارسن ألواناً من العمل البدني والفكري، والثقافي والفني، وهي فكرة لا تكلف الكثير مادياً، وذلك أفضل من أن يذهبن إلى نوادي أو أماكن بعيدة عن الرقابة".
أمر بديهي ولا يستحق كل هذه الضجة
يرى الكثيرون من المختصين أن ممارسة المرأة للرياضة هو أمر بديهي ولا تستحق كل هذه الضحة، وتقول الناشطة في حقوق المرأة وأستاذة التاريخ في جامعة الملك سعود الدكتورة هتون الفاسي إن الأمر هو من المسلّمات التي لا يجب التعاطي فيها وتقول :"لا يستحق هذا الأمر كل هذه الضجة فالرياضة النسائية حق مكتسب للمرأة وليست هناك أية مسوغات دينية تمنعها من ممارستها فعلى العكس تماما.. الدين الإسلامي حثنا على تعلم الرياضة والحركة.. أعتبر ما يثار من الأمور البديهة والمسلّم به أن تكون هناك رياضة نسائية في المدارس وتكون خاصة بهم".. وتتابع:" بأي حق يكون هناك تدخل لمنع هذا الحق الإنساني للفتيات وبأي منطلق وحجة؟".
وتشدد الدكتورة الفاسي على أن من المفترض أن تكون الرياضة في مدارس البنات أمرا إلزاميا لأن توضع في طريقه العقبات وتضيف: "يجب علينا أن نساعد على تحسين صحة الطالبات من خلال الرياضة.. فليس من حق البشر أن يحرموا ماحلل الله.. والتمادي في تحريم الحلال بحجة سد الذرائع من الأمور التي لم يناد بها الإسلام.. بل جاء بها مجموعة من الفقهاء في العصور اللاحقه ونحن لا يجب أن نستمر في هذا الأمر".
تحريم كل مايخص المرأة
وفي ذات السياق تؤكد الناشطة الحقوقية وأستاذة التربية الإسلامية سهيلة زين العابدين أن كثيرا من العلماء دأبو على تحريم كل مايخص المرأة حتى ولو لم يرد فيه نص تحريمي.
وقالت زين العابدين الدين الإسلامي يحث على ممارسه الرياضية من خلال الحث على المشي للصلاة، كما أن الرسول الكريم كان يسابق السيدة عائشة رضي الله عنها.. فكثير من الأحاديث والآثار الإسلامية تحث على ممارسة الرياضة وتدعو إليها لأن فيها صحة للجسم".. وحول فتاوى التحريم تقول: "دأب التيار الديني لدينا على تحريم كل مايخص المرأة.. ودائما مايوسعوا دائرة الحرام ويضيقوا دائرة الحلال مع أنه لا يوجد أي نص شرعي يدل على تحريم ممارسة المرأة للرياضة.. وللأسف هم يحرمون ماحلل الله ويتعذرون بقولهم (لما فيه من مفاسد لا تخفى على أحد) دون تحديد ماهي تلك المفاسد.. واذا كانت هناك مفاسد في ممارسة المرأة للرياضة مع بنات جنسها فالمفاسد هي ذاتها موجودة في مدارس الأولاد".
وتضيف: "تشتكي المرأة السعودية من السكري وهشاشة العظام لأنها لا تمشي ولاتتعرض للشمس ولا توجد أماكن لممارسه الرياضة ناهيك عن السمنة المفرطة ومخاطرها.. وكل هذه الأمور لابد أن ننتبه لها ونوفر للمرأة كل مايمكن أن يحافظ على صحتها ومن أبرزها ممارسة الرياضة.. كما أن ممارسة الرياضة تشغل وقت فراغ الطالبات بدلا من الجلوس على الإنترنت ودخول مواقع الدردشة التي قد تجرها الى علاقات مشبوهة فلماذا نحرّم عليها كل مافيه فائدة لها".
الغامدي: الرياضة ليست حراماً على الفتيات
من جانبه لايرى رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة الشيخ أحمد الغامدي أي مانع شرعي من ممارسه الفتيات للرياضة وفق معايير محددة ويقول في حديثة ل "العربية.نت": "لا يوجد مانع شرعي يحول دون ممارسة الفتيات من ممارسة الرياضية في مدارسهن.. ولا حتى إدخال حصص رياضية للطالبات.. خصوصا وأنه يوجد في السنة مايدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم سابق زوجته عائشة رضي الله عنها ولم تكن هناك غضاضة في ذلك".. ويتابع: "اذا كانت ممارسة الرياضة في أطر شرعية فلا مانع في ذلك".
ويؤكد أن من قال بحرمة ذلك قد يكون الأمر اختلط عليه ورأى أن من الأسلم سد الباب من أوله.. ويضيف: "قد يكون لدى بعض العلماء أوطلاب العلم خلط في خروج المرأة من بيتها وممارسة الرياضة فقالو بالتحريم من باب سد الذرائع خوفا أن يكون في ذلك دعوة لخروج المرأة من بينها.. ولكني لا أرى أن في ذلك مايدعو للتحريم فالرياضة بحد ذاتها ليست محرمة على المرأة إذا كان هذا الأمر يتم دون محظورات شرعية".
وظيفة النساء الجلوس في البيت وتربية الأولاد
على الطرف الآخر يشدد كثير من رجال الدين ومنهم أعضاء في هيئة كبار العلماء على أن الرياضة محرمة على النساء.. وكان الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء قد أصدر فتوى بـ "حرمة ممارسة البنات للرياضة في المدارس"، قال فيها إن "النساء وظيفتهن الجلوس في البيوت وتربية الأولاد". واعتبرها من "المفاسد" واعتبرها اتباعاً لخطوات الشيطان الذي أمر الله المسلمين باتخاذه عدوا" حيث يقول: "إذا رأينا ما فعله الشيطان بالنسبة لهذه الرياضة المزعومة، من إيقاع العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله مما لا يخفى على أحد، ويكفينا ما مرت به الدول المجاورة، لمّا تجاوزوا أمر الله عز وجل واتبعوا خطوات الشيطان".
كما أكد الشيخ عبد الله المنيع بخصوص فتوى تحريم ممارسة الفتيات للرياضة، إن رياضة النساء تعد خطراً عليهن وعلى عفافهن وذلك في مسألة "القفزات التي من شأنها أن تكون سبباً من أسباب ذهاب بكاراتهن" .واعتبر المنيع أن "كون الفتاة تمارس رياضة المشي أو شيئاً من الأشياء التي لا تؤثر فيها وفي عفافها ولا الإساءة إليها بسوء الظن فهذه من الأمور التي لا شيء فيها, أما الأمور العنيفة كالقفز والأشياء التي تخشى الفتاة أن تؤثر فيها ينبغي للمرأة تجنبها حفاظاً على سمعتها".
"العربية.نت" |