لحج نيوز/شعر:محمد جربوعة -
إليه رحمه الله هاربا إلى الله من فتنة الفقر/ الكفرِ..وإلى أمه وقد وهبته فانوسا لأيدي الفقراء .
اسمه كان "محمّدْ "
صامتٌ في الحزن جِدا
مثل دمعةْ
هادئٌ في النار جِدا
مثل شمعةْ
وفقيرٌ مثل غصن في الشتاءْ
لم يكنْ يملك شيئا غير وجهٍ
صامدٍ في صرصر الريحِ
كرايات قلاعٍ من بقايا كبرياءْ
حاول الشرطيُّ أن يأخذ "وجه الريحِ "
ماذا سوف يبقى ..
غير قلبٍ دون فانوسِ جميلٍ
يكسر الظلمة في حزن المساءْ ؟
صهلتْ فيه جياد النارِ
واشتدّت بعينيه احتمالات غيابٍ
ربما كان تمنَّى (...)
يتمنى المرءُ في كل وداعٍ
أمَّهُ دون النساءْ
وجهُها كان بعينيه حزينا
لم تكن تبكي ولكنْ
كان في العينين دمعٌ
وغموض من كلامٍ
وانكسارات رجاءْ
كلُّ أُمٍّ
تفقد الدمعَ بعينيها على الأبناءِ
إن مالت جِمال العمرِ عن درب اللقاءْ
المحطاتُ انتهت في رحلة العمرِ..
وبعض النار قد يكفي لإطفاءِ غريقٍ
أو لإنقاذ ملايينِ وجوهٍ
من بقايا فقراءْ
صاحت الطيرُ على الرأسِ
وكان الموتُ يأتي تونسيا
يعبر الحيَّ ويدعو لفقيرٍ
جائعٍ دون حذاءْ
ثم لا بد لبعض الليل مِن حكّةِ كبريتٍ
ومن ظلّ فتيلٍ
يخلع النعلين في باب الضياءْ
اسمه كان "محمدْ "
اسمهُ صار "لهيبَ النارِ"
مأخوذا بمن يصنع " للعنقا" رمادا
كافيا للبعث من "صمت الفناءْ "
اسمه كان "محمّدْ "
اسمه يبقى "محمّدْ "
لم يغيّره حريقُ الطينِ شيئا
تأكل النارُ فقطْ " تينَ الفراعين"
وخبز الأثرياءْ
كان في الدنيا ظلامٌ
أشعلَ "المدفوعُ في الأبوابِ" ما كان تبقّى
فيه ، من لحمٍ وعظمٍ
وجبال راسياتٍ من همومٍ
فوق ظهرٍ
كان ناءْ
شمعة واحدةٌ تكفي لإغراق ظلام الليلِ
في شبر ضياءْ
لم يذقْ ليلته تلك طعاما
تَسْتُرُ الجدرانُ فقرَ الحالِ
و المرءُ سيشكو
حين يلقى اللهَ مِن دون عشاءْ
ربما فرّ مِن الجوعِ
ومن أعين أمٍّ
تفتح الباب مساءً...
... يدخُل الظلُّ كئيبا
يده الريحُ وفي الجيبِ الخواءْ
ربما أخجلهُ "الشيخُ" وقد كان مريضا
وألحّ السُّقمُ في جلبِ الدواءْ
ربّما أتعبه البردُ
وطول اليوم يقضيهِ
إلى جنب قليل من "خضارٍ"
ينفخ الكفّين من بردٍ
بهذاك العراءْ
ربما لم تفهموهُ..
الفقرُ في القلب كتابٌ غامض جدا
ومن دون نقاطٍ
أو حروف للهجاءْ
ربما مسّح عينيه من الدمعِ طويلا
وهو في الشارع أياما طوالا
يرسم الحلمَ ويدري
أن أحلام فقيرٍ
مثلها مثل الهواءْ
ظلموهُ، المرء لا يحرقُ منديل قماشٍ
دون قلب أوقفَ الحدّادُ فيه الطرْقَ
قد ملَّ احتساءَ المرِّ من طفْح الإناءْ
ظلموهْ...
اسمه كان "محمّدْ "
كان مسكينا فقيرا
مات مسكينا فقيرا
عبَرَ النار إلى الله ليشكو
ما يحسّ المرءُ مملوءً شقاءْ
ما يحسّ المرءُ
قد فرّ من الأرض على ظهر جياد النارِ
مضطرا ينادي :
"جئتُ يا رب السماءْ "
جئت يا ربِّ فرارا بيقيني
وبِديني
خائفا من فتنة الكفرِ
وإنّ الفقرَ والكفرَ سواءْ
وضعوا في قبره "قطعة فحمٍ"
ودموعا كلّستها النارُ في وجه حزينٍ
وبقايا من فقيرٍ جائعٍ
يختار ركنا عند "هيغو"
في كتاب "البؤساءْ "
دمشق/ الخميس 13 يناير- جانفي 2011م.