لحج نيوز/كتب:عبدالله مشختي -
يبدو بان هاجس الخوف اخذ يسري في اوصال الانظمة العربية بعد احداث تونس الاخيرة وما رافقها من تغيير لنظام الحكم وهروب رئيسها بن علي زين العابدين الذي حكم تونس ما يقارب 23 عاما .ولعل الشعوب العربية ادركت الان بان اقدام البعض على الانتحار بالحرق وامام مؤسسات دولهم هو الحقنة التي ستفيق الشعوب العربية من حالة التخدير كما حدث في تونس واعقب حالة الانتحار الذي قام به احد خريجي تونس العاطلين عن العمل كشرارة اشعلت الاوضاع وانتهت بسقوط طاغية .اعقب ذلك بان قام اشخاص بنفس عملية الانتحار في الجزائر ونواكشوط ومن ثم اقدام مواطنين مصريين باحراق انفسهم تباعا امام مبنى مجلس الشعب ،ومن ثم توتر الاوضاع في عدة دول عربية اخرى كالاردن التي سادها مظاهرات تطالب بتحسين الاوضاع المعيشية ،قد ولدت خوفا كبيرا داخل الانظمة العربية الفاسدة من ان تنتقل اليهم العدوى التونسية ،فاقدمت على اعادة حساباتها والتخطيط لكل ما يجري في الحسبان .فالبعض منها بادرت الى تقديم مكرمات وهبات وتخصيص اموال لشعوبهم ومنحتهم مؤن غذائية كحقنة مهدئة كي تخمد فيهم جذوة التفكير اواطلاق وعود بالاصلاحات واحترام رأي الشعب.
ان الكثير من المحللين والكتاب قد افرطوا في التفائل باحداث تونس ووصفوا الحدث بانها بداية صحوة ويقظة لشعوب المنطقة للثورة على الواقع السائد في الدول العربية خاصة من حيث وجود انظمة شمولية وورائية تحكم ، اشخاص اتوا على كراسي السلطة ما يربوا على الاربعين فما ادنى من السنين وبطرق مختلفة كالوراثة او الانقلابات العسكرية او الانتخاب وما ان استلموا السلطة امسوا دكتاتوريون ووضعوا شعوبعهم داخل اقفاص تشبه السجون الكبيرة وحرمتهم من كل انواع الحرية والتعبير،بل وصلت الامور الى حد اعتبروا شعوبهم عبيدا لهم وتنكروا لكل المفاهيم والقيم الانسانية ولم يعد يهمهم شيئا سوى الاحتفاظ بكراسي الحكم والاستحواذ على مقدرات وثروات شعوبهم لمصالحهم واقاربهم وزمرهم التي تحمي كراسيهم واهملوا الشعب وكانهم بهائم لا حقوق لهم سوى اظهار الطاعة والخضوع لهم والا فانهم مخربين وارهابيين واعداء للوطن والشعب وغيرها من الشعارات والتهم الجاهزة لاي مواطن يعبر عن سوء الاوضاع في بلدانهم .كما وردت في الاخبار عن تهريب حرم بن علي ليلى الطرابلسي لكميات كبيرة من الذهب من اموال الشعب التونسي .وليس هم وحدهم فهوحال كل انظمةالمنطقة فكم من مليارات الدولارات من ثروات العراق نهبها وهرب بها بطانة الرئيس العراقي السابق صدام حسين .وهناك الالاف من ابناء واحفاد عوائل المشيخات الخليجية وامراء ال سعود الذين يلعبون بمليارات الدولارات من اموال الشعب وما جناه ويجنيه العديد من لاعبي السياسة في العراق الذين اثروا على حساب الشعب العراقي الجائع الى الان دون حسيب او رقيب ونهب ثروات البلد الى الخارج دون مراعاة لادنى قيم الاخلاق والاعراف الدنيوية والسماوية.في الوقت الذي لن تتمكن العديد من العوائل العراقية ان تجد لها مأوى للسكن او معالجة مرضاهم ، او ما يسد رمق اطفالهم .
ان ماقالته هيلاري كلنتون عندما انذرت زعماء وملوك العرب وطلبت منهم القيام بالاصلاحات انما تنبأ عن واقع تدركه الادارة الامريكية وتحركه دوائرها من اجل التغيير في الشرق الاوسط لتثبيت مصالحها لقرن اخر من الزمن .ولكن الامر المدهش هنا لماذا لا يكون الرؤساء والملوك بمستوى المسؤولية التي تتطلب منهم تجاه شعوبهم ويبادروا الى الاصلاح بدلا ان تضغط عليهم امريكا وتتدخل في امورهم ويقدمون على خطوات الاصلاح والتغيير بالاكراه والضغط الامريكي وغيره ليسامح لهم شعوبهم ،ان ما يجري في دول المنطقة عموما في الشرق الاوسط والعالم العربي خصوصا لهو من اسوأالفترات التي مرت على المنطقة عبر قرنين من الزمن، من حيث تكالب الزعماء والؤساء والملوك على نهش اجساد شعوبهم بايعاز او بغير اعاز من الغير وخدمة مصالح الاجنبي والقوى الخارجية مقابل البقاء والاحتفاظ بكراسي السلطة ستؤول بهم الى هاوية ومزبلة التاريخ الذي لايرحم احدا من الطغاة او الظالمين.
ان شعوب المنطقة مطالبة اليوم اكثر من اي وقت اخران ينهضوا من الغفوة التي عاشوا فيها ويخلعوا لباس الخوف وان يتوجهوا للمطالبة بحقوقهم من الطغاة الذين صادرتها عليهم وان يطبالبوا بالحرية التي منعها الدكتاتوريين عنهم ،وان يبادروا للاقتداء بالشعب التونسي الذي اوصلتهم الامور والاوضاع الى ان يفجروا اكبر واعظم بركان جماهيرى لم يهدأ حتى اطاحوا بالدكتاتورية .ان انظمة المنطقة ستقدم على تقديم جرعات كبيرة لشعوبهم لتهدئتهم بعد احداث تونس ولكنها جرعات للتهدئة وتوفير الوقت ليكملوا قبضتهم الحديدية مرة اخرى على شعوبهم ،وان الشعوب يجب ان لا تنخدع بهذه الجرعات التي تقدمها الانظمة حتى ولو وعدت بتغيير الاوجه لانها لن تغير من الواقع المأساوي شيئا بل يجب ان تتغير القيم والمفاهيم والمؤسسات التي بنيت عليها تلك الانظمة ووتتحكم بمصير شعوبها منذ عقود طويلة من الحكم الدكتاتوري والوراثي المقيت او بالانتخابات الصورية والمزيفة والمزورة التي تقدم عليها هذه الانظمةوتبرز وجهها للعالم وكأنها انتخابات ديمقراطية وحرة ونزيهة ،ولكنها في الواقع مزيفة ومزورة ومخططة للاتيان والابقاء على كراسيهم التي يعتبرونها ملكا الاهيا لهم ولذويهم واحفادهم .
[email protected]