لحج نيوز/بقلم:حليمة مظفر -
لم تعد السلطة الرابعة اليوم في يد الإعلاميين والصحفيين ممن درسوا سنوات طويلة لكي يحترفوا هذه المهنة، لم تعد في يد وسائل الإعلام المنظمة الحكومية أو الخاصة، ورقيا أو تلفزة أو حتى المواقع الإلكترونية التي نظمتها لائحة النشر الإلكتروني الأخيرة، والأحداث السياسية العربية من حولنا تثبت عبر ما نشاهده على اليوتيوب من تصوير الناس في مختلف المجتمعات وفرض سلطته حتى على الفضائيات الإخبارية أن المواطن الصحفي هو الذي بات يمتلك السلطة الرابعة والمؤثرة، ولماذا نذهب بعيدا، فخلال كارثة سيول جدة عام 1430هـ وما عشناه أيضا منذ شهر تقريبا، ندرك أن ما كان مؤثرا هو ما نقلته يد المواطنين من مشاهدات مأساوية أجبرت المسؤولين على التعامل معها والتصريح بشأنها.
والعالم الافتراضي في الإنترنت برأيي البسيط لم يعد افتراضيا، إنه مصطلح تخديري حاول من حاول أن يفرضه على الوعي العالمي والعربي ليتجاهل سلطته المؤثرة، وما هو إلا عالم الحقيقة والواقع فيما الإعلام المنظم في قنواته ووسائله الحكومية أو الخاصة هو العالم الافتراضي اليوم، لأنه كثيرا ما لا يمثل وجهة النظر التي يحتاجها المواطن، بل التي يحتاجها المسؤول، ولكن لقد تم تبادل الأدوار كما أظن، ويبدو أن كل المحاولات لتحديث الإعلام القديم والذي لم يمارس يوما دوره كسلطة رابعة لم تعد نافعة لكسب ثقة المشاهد والمسألة هنا ليست على مستوى الإعلام المحلي بل حتى على مستوى الإعلام العربي، ولهذا يكفي الإعلام القديم أن يمارس دوره الترفيهي فحسب، يكفيه أن يستضيف نجوم الكرة الرياضية ونجوم الفن والدراما والمسلسلات والأفلام الأجنبية والعربية والأغاني، فالصحفي المواطن هو من يحضر اليوم، الذي أشيد بفضل أول من تنبأ به وهو صحيفة الوطن إبان فترة ترؤس تحريرها الأستاذ القدير جمال خاشقجي، إذ أنشأت "الوطن" صفحة خاصة لمشاهداته، بل وشجعت المواطنين على ممارسة الصحافة بإرسال مقالاتهم وشكاواهم والمعلومات لنشرها في صفحته الخاصة، واليوم أتمنى ألا تتنازل "الوطن" أيضا عن دورها الريادي وعن تنبؤها، وتتيح في موقعها الإلكتروني نافذة "يوتيوب" للصحفي المواطن، تستقبل فيه مشاهداته الاجتماعية الناقدة، لمكاشفة الفساد والإهمال، وفي ذات الوقت مساعدة هذا المواطن على تحمل دوره بمسؤولية أقرب إلى المهنية، ومن جهة أخرى لإعانة ولاة الأمر في محاسبة المقصرين والفاسدين، دفعا بعجلة التنمية الوطنية التي لا تتطور إلا بالنقد الاجتماعي أولا وأخيرا.
ببساطة، على المسؤولين اليوم في مختلف القطاعات الخاصة والحكومية أن يدركوا أنهم يعيشون في عصر إعلامي مختلف، يمتلك المواطن الصحفي فيه السلطة الرابعة والمؤثرة وربما هذا يدفعهم للقيام بدورهم بمسؤولية في خدمة المواطنين، فقد باتت السلطة الرابعة في يد المواطن الصحفي بما يوثقه من صور أو مقاطع تصويرية عبر كاميرا هاتفه المحمول دون حاجة توفر شروط فنية، لقد بات ما يصوره هو الأكثر مشاهدة وتأثيرا في الرأي العام، لأن العالم اليوم هو إعلام واقع وليس ذلك الذي يخضع لمكياج المونتاج والقص واللزق، لكن أيضا مطلوب من هذا المواطن الصحفي أن يتعامل مع هذه التقنية بمسؤولية ويعي دوره جيدا بأنه ليس فضائحيا للتسلية والعبث وإثارة الفوضى بل للمساعدة في الكشف عن مواطن الفساد.