لحج نيوز/بقلم:خلف الحربي -
أكبر تحد يواجه حكومات العالم اليوم هو محاولة السيطرة على الرأي العام وإعادة قولبته بما يتناسب مع مصالحها في ظل ثورة الإنترنت وفضاءاته المفتوحة، وبالأمس نشرت صحيفة إيلاف الإلكترونية تقريرا عن توقيع الجيش الأمريكي عقدا مع إحدى الشركات من أجل صناعة شخصيات وهمية تحاور وتناقش وتدردش على شبكة الإنترنت بل وتؤسس صفحات فيس بوك ومدونات لإعادة توجيه الرأي العام بما يخدم مصالح الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.
هذه الشخصيات الوهمية التي تسمى (دمى الجوارب على مسرح التواصل الاجتماعي) سيكون لها تاريخ شخصي ومشاركات مدروسة على الشبكة كي لا تبدو متناقضة فيسهل كشفها، والمثير أن هذه الشخصيات الوهمية لن تشارك في شبكة الإنترنت باللغة الإنجليزية لأنها هنا قد تكون موجهة إلى مواطنين أمريكيين وهذا مخالف للقانون الأمريكي حتى لو تم دون قصد!، بل ستكون المناقشات والدردشات باللغات: (العربية، الفارسية، البشتو، الأردو) وستكون مهمتها إعادة تشكيل الرأي العام في الشرق الأوسط وخنق التعليقات التي لا تتوافق مع السياسة الأمريكية!.
ويخشى المراقبون من أن تحذو الكثير من الدول والحكومات حذو الجيش الأمريكي وتبدأ بتوقيع عقود مع هذه الشركات التي تصنع هذه الشخصيات الوهمية أو بصورة أدق (البلطجية الافتراضيين) لمواجهة أزماتها المتجددة مع الفيس بوك وتويتر والمدونات الساخنة، فعلى الرغم من أن كثيرا من السلطات تمتلك أصلا (بلطجية) متخصصين في شبكة الإنترنت إلا أن هؤلاء غالبا ما يقومون بمحاولات ركيكة ومكشوفة للتأثير على الرأي العام، بالإضافة إلى أنهم مهما بلغ عددهم فإنهم لن يستطيعوا متابعة كل ما ينشر على شبكة الإنترنت وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي بينما (البلطجية الافتراضيون) مبرمجون للرد على كل كلمة تنشر على الشبكة والدخول في دردشات ساخنة خلال نصف ساعة فقط!.
وبالرغم أن الولايات المتحدة لن توجه (البلطجية الافتراضيين) نحو شعبها إلا أنه من المتوقع أن يواجه هذا المشروع معارضة من قبل جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات التي تدافع عن حريات التعبير، وأظن أن قيام الجيش الأمريكي بهذه المهمة يأتي في سياق تمرير هذا العمل (غير الأخلاقي) تحت غطاء أنه عمل عسكري لمواجهة المتطرفين الذين قد يستهدفون الجيش الأمريكي وليس عملا سياسيا أو إعلاميا.
عموما يقول شاعر نجد الكبير محمد بن لعبون: (الصج يبقى والتصنف جهالة).. ويقول رسول حمزاتوف شاعر داغستان الكبير: (لا يمكن إنجاب أطفال من زواج الدمى)!، لذلك فإن دمى الجوارب على مسرح التواصل الاجتماعي لن تنجح في تغيير الرأي العام وإعادة تركيبه مهما بدت مقنعة وسريعة التفاعل لأن الوهم يبقى وهما حتى لو تم إنفاق المليارات من أجل تحويله إلى ما يشبه الحقيقة.. ولك الله أيتها الحرية!.