لحج نيوز/بقلم:محمد حسين النظاري -
•يبدوا بأن العقل قد رحل قبل أن ترحل عنا السكينة , ويزول الأمن وتحل الفوضى , وينقلب الناس , وإلا فما معنى أن تنزل المبادرات تلو المبادرات كنزول المطر على الأرض الجدباء ورغم جذبوها إلا أنها ترفض استقبال الغيث , وهذا ما يحصل حاليا في بلادي الحبيبة على قلوبنا جميعا ,اليمن السعيد الذي لم يعد سعيدا , فالمنطق قد اختفى تماما , وانعكست الأمور بحيث أن السيئ قادم لا محالة ونسأل الله العلي القدير أن يجنبنا كل مكروه .
•عندما خرج الشباب طالبين التغيير , كانوا فعلا ينشدون التغيير ولا شيئ سواه , والتغيير كان حينها في حدود المنطق يتمثل في أن يعلن الأخ الرئيس ألا يرشح نفسه أو نجله للرئاسة , ومع موافقة الرئيس بدأ السقف يرتفع شيئا فشيئا , وأصبح المطلوب إسقاط النظام مع أني لا افهم كيف نسعى للتغيير ونطلب إسقاط النظام , من المفترض أن نطالب إما بإصلاح النظام أو تغييره إما إسقاطه فله من التداعيات ما لا يمكن أن يتصوره ليس فقط المنادين به بل الجميع من المعارضين والمؤيدين .
•إذا كان المطلوب تغيير النظام فالرئيس لم يعد له أي مفر من ترك الحكم فهو يستجيب لمطلب الشباب وان بدا الأمر وكأنه مغاير لما يريدونه , لكن في الحقيقة كلا الأمرين يقودان لنتيجة واحدة هي عدم بقاء الرئيس في الحكم واستجابته للتنحي وفق آلية محددة نتجنب من خلالها دخول البلاد في فوضى عارمة تقودنا إلى المجهول .
•إن تمسك الأخ الرئيس بتسليم الحكم لشخص منتخب أو لجهة يقرها الدستور هو المطلوب ولا يفرق حينها إن كان ترك الحكم بعد سنتين أو سنة أو ستة اشهر أو حتى أسبوع وهو ما وافق عليه الأخ الرئيس عندما استجاب لكل مطالب اللقاء المشترك ويجب أن نضع أكثر من خط تحت كلمة اللقاء المشترك كون مضامين تغيير الشباب مغيب , ولان تسليم السلطة في وضع امن يقودنا لوضع يختلف تماما عن الوضعين التونسي والمصري ومغاير للحالة الليبية .
•اتضحت الرؤى وأصبح جليا بأن المطلوب ليس إسقاط النظام وإسقاط الأخ الرئيس باسمه وصفته , وظهر بأن المطلب هو شخصي لأبعد الحدود وفيه تصفية لحسابات بين أشخاص معينين وشخص علي عبد الله صالح , وذلك بعيد كل البعد عن مطلب الشباب الراغب في التغيير وإلا فما معنى أن يتم التركيز فقط على رحيل الأخ الرئيس واستقطاب واحتضان جميع المتساقطين من حكمه والمنقلبين عليه والمنتفعين منه والذين ظلوا لأكثر من ثلاثين عاما يمصون دم الشعب , فكيف نصر على إبعاد الرئيس ونقبل بهؤلاء المتلونين المتباكين على الشعب الذي ظل تحت أقدامهم مهانا ذليلا بل حتى البعض جعل
منهم عبيدا في بعض المناطق , أليسوا أولئك هم المفسدون الذين نطالب بتغييرهم أم أن الفاسد الوحيد في الوطن أصبح علي عبد الله صالح فحسب , والكل تطهر بين ليلة وضحاها ولبس ثوب الملائكة مع انه كان في عداد الشياطين قبل أيام , إن مثل هؤلاء ينبغي أن تلفظهم الساحات وان تركلهم أقدام الشباب الذين طالما ركلوا بأقدامهم عندما كانوا مستقوون بالسلطة على المظلومين .
•أريد من الإخوة الشباب أن تكون مبادرتهم واضحة لا لبس فيها وتتمثل في رفض هؤلاء المندسين الناهبين المفسدين الذين حققوا الثروات في السابق من دمائنا ويريدون أن يزيدوا الغلة في السنوات القادمة وأيضا من دمائنا , فكيف تنطلي علينا استقالات الوزراء والنواب والمحافظين والقادة العسكريين والحزبيين حتى الفراشين استقالوا لينالوا من كعكة الشباب التي يبدوا أنهم لن يحصلوا شيئا منها طالما وان الفريق الفاسد قد انضم إليهم , لا بل واصب ثوريا أكثر منهم والمضحك أنهم يرفعون من الشعارات المطالبة بمحاربة الفساد أكثر مما رفعها الشباب الثائر .
•أيها الشباب لو أردتم أن تفضحوا زيف المنقلبين فاجعلوا من شروط التغيير ألا يبقى أي مسئول خدم في عهد الأخ الرئيس خلال فترة حكمه بدءا من الوزراء ونوابهم والمحافظين ووكلائهم ,ورؤساء القطاعات الاقتصادية ونواب مجلس النواب والمجلس الاستشاري وأمناء المديريات والمجالس المحلية , لو أضفتم هذا المطلب سيكون التغيير شاملا ووافيا وناجعا , وعندها فقط ستكتشفون زيف هؤلاء المنقلبين المستقيلين المتساقطين , ولو فعلتم هذا لانفضوا من حولكم لأنهم بذلك سيعرفون بأنه لا مصلحة لهم معكم , سيبيعونكم كما باعوا ولي نعمتهم لثلاثة عقود , وسيكون التغيير هو
الرابح لأنه تطهر من نجاسة هؤلاء .
•الأخ الرئيس لقد ظهر بأن من باعوك هم من أخلصت لهم طوال تلك السنين , وهم من استشرى فسادهم لأنكم تساهلتم عنهم طوال تلك الفترة الماضية , هم أيضا من زيفوا لك الحقيقة وقلبوا الباطل حقا والحق باطلا , هم كل من كان يقفز حاجزا بينك وبين تطلعات هؤلاء الشباب , واليوم قفزا من على ذلك الحاجز ليمتطوا أكتاف الشباب , ولكنك لست الخاسر بل كسبت وكسب الشعب كله لأنهم انكشفوا وبان وجههم الحقيقي , والرجال معادن لا تظهر إلا في أوقات الأزمات أما أنصاف الرجال فلا قيمة لهم لان قيمتهم تكمن في خستهم فقط .
•الأخ الرئيس يجب أن تعرف انك قد قدمت كل ما يمكن أن يقدمه شخص حريص على امن وطنه وتجنيب شعبه ويلات الانهيار , وإلا لما أقدمت على تقديم التنازلات وافقت على كل ما يريدونه حرفيا , ولكن ما يريدونه لا يتمثل في التغيير أو رحيلك عن الحكم ولكنهم يريدون وللأسف أن يخرجوك مهانا لحاجة في نفس.... , وليس إرضاء لمطالب الشباب فمطالبهم قد استجبت لها , ولكنهم يعز عليهم أن تترك السلطة معززا مكرما , لا يريدونك أن تخرج من الباب الكبير المتمثل في تسليم السلطة لشخص منتخب , بل يريدون إلصاق ما يدور بأذهانهم في شخصك , والله لو قدمت لهم بعد هذا أي شيئ لن يقبلوا فهم
يرفضون حتى قبل الاستماع , ولست ادري أين المخرج فحتى لو قلت لهم ساترك السلطة بعد شهر لقالوا بعد أسبوع , ولو قلت بعد أسبوع لقالوا غدا ولو قلت غدا لقالوا اليوم ولو قلت اليوم قالو الآن ولو قبلت الآن لقالوا نريد محاكمتك , فأين الحل مع طرف يطلب الإعدام لشخص بأي طريقة , المهم يكفيك أمام الله والشعب وسيظل التاريخ يذكر بأنك قدمت كل ما يمكن أن يقدم , ولكن الإصرار على الفتنة هو الشعار الغالب وهدام فاق ألف عمّار , وإلا ما المنطق من قول احدهم سوف نزحف إلى قصرك ونخرجك من غرفة نومك , اهده قيمكم أيها الشباب في دخول غرف النوم؟
•إخواني الشباب أن الذين ينادوكم بالذهاب للقصر الجمهور هم ببساطة يطبلون منكم الانتحار ويريدون منكم أن تكونوا دروعا بشرية تحميهم ليصلوا للسلطة عبر قلب الحكم , إن جمعة الزحف التي ينادوكم إليها هي جمعة الانتحار , فلا تصغوا لصوت يقودكم للانتحار , مطالبكم أجيبت ولهذا هم غاضبون , لأنكم حققتم بصفائكم ما لم يستطيعوا أن يحققوه بمكائدهم , إخوتي الشباب إن قبول الأخ الرئيس بكل مطالبكم يجنب الوطن أتون حرب طاحنة يريد البعض أن يزجنا إليها ويريد أن تكونوا وقود هذه الحرب ,إن من يدعون لجمعة الانتحار لن يتوانوا عن ارتكاب أي عمل مرعب في صوف الشباب
حتى يقوهم إثرها إلى القصر الجمهوري وبالتالي إلى ما يمكن أن يتصوره احد , عليكم أن تفكروا لماذا يتهربون من تسليم السلطة ورحيل الرئيس في وضع امن للوطن كله ؟.
باحث بجامعة الجزائر
[email protected]