لحج نيوز/باريس -
أثار فيلم "نيلوفار" للمخرجة اللبنانية سابين الجميل ردود فعل متباينة لدى عرضه في باريس وقد ذهب بعض الحضور في جلسة النقاش الى اعتبار أن قصة كهذه لم يعد لها وجود وأبدى غضبه من معالجة قضايا المرأة في الشرق الأوسط وفي البلاد المسلمة على هذا النحو.
ويقدم فيلم "نيلوفار" السينمائي نظرة نقدية ثاقبة تتناول وضع المرأة وظروفها في مكان ريفي منعزل يقع عند الحدود العراقية-الايرانية وتدور كل احداثه في الجانب العراقي حيث يتحكم الرجل والتقاليد بمصير المرأة.
إلا أن آخرين في القاعة وبغياب المخرجة دافعوا عن الشريط معتبرين أن الزواج المبكر وكذلك الحرمان من التعليم للفتيات منتشران في اليمن والسعودية. وأشار البعض الى ما يجري من جرائم شرف في الاردن مشددين على ان هذه القضايا لا تزال مطروحة في عدد من المجتمعات في الشرق الأوسط.
وكانت المخرجة سابين الجميل صرحت عقب عرض فيلمها في مهرجان برلين حيث حظي بجائزة إنها لا تنتقد الثقافة العربية وإنما تنتقد "الزواج القسري وحرمان الفتيات من التعليم والقتل بدافع الشرف".
وأشارت المخرجة وقتها الى أن "المنظمات الانسانية التي تقوم بعمليات توعية ساهمت في تراجع طفيف لحالات الزواج القسري والمبكر للفتيات في عدد من المجتمعات الاسلامية".
وكان الفيلم عرض العام الماضي في اطار "الليالي العربية" في مهرجان دبي.
وقدم الفيلم ذي الانتاج الفرنسي اللبناني الايراني المشترك مساء الاثنين في باريس في اطار تظاهرة "الشرق الاوسط، ما الذي تستطيعه السينما؟".
وشارك في الانتاج من الجانب الفرنسي المخرج والمنتج رشيد بوشارب الذي يصور حاليا في تونس الجزء الثاني من فيلمه عن حرب الجزائر بعد عمله "البلديون".
وفيلم "نيلوفار" يمتاز بالعديد من مكونات السينما الايرانية لناحية تصوير الاحداث باعتماد طريقة الواقعية السحرية التي تعيد انتاج واقع عائلتين في قرية زراعية نائية تحتفظ في حياتها بكل مكونات ومفاهيم وعادات المكان القديمة المستمرة.
ويتكلم سكان القرية كلاما تختلط فيه العربية بالفارسية. اما الفيلم فيروي قصة الطفلة نيلوفار التي يوافق والدها الفلاح الفقير على بيعها وتزويجها في الثانية عشرة لرجل كهل مقابل قطعة من الارض لا يملكها ويحلم بامتلاكها.
ويتم العقد بانتظار ان تبلغ الفتاة لتتوالى احداث الفيلم مظهرة علاقة المرأة بالتقاليد من خلال نماذج نسائية مختلفة تتباين في مواقفها وحرمان الفتيات من التعليم. وقد دفع هذا الواقع امرأة متعلمة اتت من ايران لتعيش في المكان الذي دفن فيه زوجها لتعليم نيلوفار وابنتها بالسر داخل المنزل.
وفي حين ترضخ الزوجة ام نيلوفار لمشيئة الاب، تعارضه الزوجة الثانية وتحاول اقناع افراد العشيرة بتغيير موقفهم في الشريط الذي يصور الوعي المبكر للفتاة التي تسعى بشتى السبل لتأخير اوان بلوغها دون نتيجة وترفض ان تعيش ما عاشته اخريات كثيرات في القرية في مثل سنها او اكبر قليلا.
وتبدأ رحلة الوعي والتمرد في الفيلم الذي يصور ايضا موقف الاخ القريب منها في السن وكيفية تحول علاقته باخته الى شيء آخر اكثر سلطوية حين تقنعه العشيرة بضرورة الثأر من اخته لهربها وتركها المنزل.
ويظهر الشريط الذي نال استحسان الكثير من جميعات الدفاع عن حقوق الانسان كيف ان الذكر في المجتمعات التقليدية لديه قابلية اكبر للخضوع لقانون العشيرة اما اخته فلا يكون لها خيار الا التمرد الذي يصبح موازيا لحياتها.
ويبدو التعليم درب تلك الطفلة البريئة الى التمرد فهي تقبل عليه بشغف لدى معلمتها التي تريد لها ان تقرر بنفسها ما تريده والا تجعل الآخرين يقررون مصيرها. اما جدتها التي تؤمن بالسحر فتقول لها ان المصائر مقررة سلفا.
ويحفل الفيلم بنقاشات مستمرة وانتقادات تتناول العلاقة بالله وتفرق بين مشيئة الانسان ومشيئة الله كما يناقش العمل بقوة والحاح الجانب الاتكالي لدى الاشخاص والذي يذهب احيانا الى حد تحميل الله ذنوب البشر جميعا والنابعة من تقاليدهم وتخليهم وضعفهم واستسلامهم لقوانين غير مكتوبة تملي عليهم تصرفاتهم.
ومثل زهرة النيلوفر التي تطفو على سطح المياه ومثل الحياة التي علمتها امها القابلة كيف تساعد على ولادتها في الماء لتطفو، تتمكن الفتاة من النجاة بنفسها منطلقة نحو تحقيق حلمها بان تصبح طبيبة.
وتؤدي رويا ناونهالي بجدارة دور الفتاة في الفيلم فيما تؤدي فاطمة معتمد دور المعلمة.
و"نيلوفار" هو العمل الروائي الأول لسابين الجميل التي كتبت السيناريو له بالتعاون مع فيريشتيه تايربور. وهي ولدت وترعرعت في ايران من اب لبناني وام فرنسية وتعيش حاليا في لوس انجلوس بالولايات المتحدة حيث درست السينما.
|