لحج نيوز/بقلم:أحمد خفاجي -
لا تنتج الثورات قوي سياسيه بين عشية وضحاها , وهناك فرق شاسع بين حقيقة ظهور قوي سياسيه بعد الثوره المصريه وبين ما يتردد عن ذلك , إذ قد يكون ترديد هذه المقولات من باب الدعوه إلي تكوين هذه القوي أو من باب إعتبار بعض القوي الموجوده سلفا من القوي التي أفرزتها الثوره لتكتسب زخما سوف يتم توظيفه لاحقا .
ظهور أحزاب سياسيه جديده لا يعني ظهور قوي سياسيه جديده , وقد كان لدينا أحزاب سياسيه كثيره في مصر لا نسمع عنها ونجد صعوبة بالغه في الإحتفاظ بأسمائها في الذاكره ناهيك عن أن نعتبرها قوة سياسية في الشارع المصري.
الثورة المصريه لم تنتج أي قوي سياسيه جديده وإن أتاحت الفرصه لكل القوي المحظوره والممنوعه للظهور وللتنظيم وللعمل في حرية.
القوه السياسيه لا تكون إلا في صورة من صورتين , الصورة الأولي منظومة فكريه تستمد وجودها من قوة الفكره أو من الحاجة إلي الفكره مثلما هي الحالة في الأحزاب الشيوعيه والإسلاميه , أما الصورة الثانيه فإنها حشد بشري يعبر عن طبقة إجتماعيه أو يلتف حول مصلحة وطنيه , وحتي الان لم يظهر هذا أو ذاك .
ما أردت أن أؤكد عليه , هو أنه لم تظهر قوي سياسيه جديده بعد الثوره حتي الان وكل ما نتعامل معه قديم ولم يطرأ عليه تغيير إلا ما منحته الثوره له من شرعية وحريه.
الساسة القدماء هم ساسة ما بعد الثوره مع إستبعاد بعض الوجوه من الحزب الوطني ولجنة السياسات والتي ما زال بعض ساسة ما بعد الثوره يصرون علي وجود البعض الأخر منهم في المشهد السياسي إما في الحوار الوطني أو في الوفاق القومي أو في ندوات ما قبل الإستفتاء وكأنه قدر علينا أن تظل هذه الوجوه الكريهه متصدرة للمشهد السياسي حتي بعد زوال النظام الذي كانو يسبحون له بالحمد والثناء.
مازالت هذه النخبه السياسيه تحت تأثير المخدرات الإعلاميه للنظام المخلوع برغبتها في أن تكون مخدرة أو برغبتها في التخلص من التيار الإسلامي وإقصائه عن الحياة السياسيه أو برغبتها في أن تقول شيئا ما في موضوع ما ولا تجد غير التخويف من الإخوان لتقول.
إنهم يرددون كل ما كانت تقوله أبواق نظام مبارك عن الإخوان المسلمين بل و يشنون حملة تخويف مفزعة من الإسلاميين مستفيدين في ذلك من تصريحات سلفيه مغموره كان من الممكن أن تمر مرور الكرام لولا هذا الإهتمام الإعلامي المبالغ فيه , ونحن بالطبع لا نغفل أن كوادر الإعلام المصري الرسمي كان يتم إنتقاؤها والتصديق علي تعيينها بواسطة مباحث أمن الدوله وكان الشرط الأول في المرور إلي هذه الوظائف أن تكون منقطعة عن الفكرة الإسلاميه جملة وتفصيلا والأدلة علي ذلك كثيره ومتعدده , لذا فإنه من المتوقع أن تكون هناك مشاعر نفور من التيارات الإسلاميه في هذه المؤسسات.
مبررهم المعلن في التخويف من الإسلاميين ومن الإنتخابات التي يخشون أن تأتي بالإخوان هوالخوف علي مدنية الدوله وخشيتهم من تحول مصر إلي دولة دينيه.
أنا لا أنكر عليهم هذا الخوف , ولا أنكر عليهم التوجس من الإسلاميين , لأن فكرة الدوله وطبيعة الحكومه تبدو ضبابية عند الإسلاميين وعند الخائفين ما يستوجب الحذر .
الفرق بين خوف هؤلاء وخوف مواطن مصري عادي من الإسلاميين أن خوفه ليس عدائيا ولا يأتي في سياق نزاع علي السلطه ولا مصلحة له من وراءه ومن ثم فإنه لا يرغب في التأمر علي الإسلاميين بل يرغب في تفهيمهم أو فهمهم ولا يريد حظرهم من جديد لأنه مثلي تماما وأنا أراهم إخوة في الوطن وفي العقيده ولا أراهم وحشا يلتهم وطنا كما يصورهم الأخرون , إنهم مواطنون ولهم رؤية ونمط من أنماط السلوك الإجتماعي من حقهم أن يعبرو عنه , وعندما تكون رؤيتهم غالبه ونمط حياتهم مطلبا جماهريا فليس من حق أي حزب أو أي سياسي أو أي مفكر أن يمنعهم أو أن يطالب بالوصايه علي الشعب لمنعهم أو أن يدعي أن الشعب لا يستطيع أن يختار لنفسه بحجة أنه سوف يختارهم أو أن يثير الرعب منهم .
إننا أمام خيارين إما أن نختار الديمقراطيه وما ينتج عنها وما يلزم لها , وقد يكون كل أو بعض ذلك غير مقبول للبعض منا أو يتضرر منه , وإما أن نستمع إلي نصيحة هذه الشراذم الإعلاميه أو أن نخضع لهذه الحاله الصوتيه ونؤجل الديمقراطيه حتي إشعار أخر , ولن يصبح الإشعار الأخر حاضرا إلا عندما تتكون شعبية كافيه للقوي العلمانيه في مصر للمنافسه مع الإسلاميين , في كلمات أخري , وضع مستقبل مصر والمصريين رهينة مؤجله من أجل مصلحة الكسالي والمتعالين علي الشعب والمتقوقعين في أبراجهم العاجيه والمرتبطين بأجندات أجنبيه منها منع أي قوه سياسيه مصريه ترفض كامب ديفيد ولا تطبع مع الصهيونيه من الوصول إلي سدة الحكم في مصر وحيث أن عماد الممانعه في مصر يعتمد علي الإسلاميين والقوميين العرب وبعض اليساريين , وحيث أن القوميين واليساريين غير مؤهلين للإتفاق مع أنفسهم ناهيك عن المنافسه في الإنتخابات والوصول إلي السلطه فإن المطلوب أجنبيا (فرنسيا وأمريكيا وبريطانيا وصهيونيا ) هو إستبعاد الإسلاميين بتأجيل الإنتخابات كما يطرحه البعض الان ..
وصل الأمر إلي حد أن تحدث الدكتور عصام شرف عن تأجيل الإنتخابات وكأننا كنا نهزل عندما أجرينا إستفتاءاً علي ذلك أو أن الإستفتاء لم يحدث أصلا .
علي كل هذه الأصوات أن تفهم أن إرادة الشعب فوق إرادة النخبه وأنه لا قول بعد قول الشعب وأن الإلتفاف علي ذلك نسف للدولة المدنيه وللديمقراطيه التي صدعونا بالحديث عنها والتي نسعي جميعا لتحقيقها , لا تتذرعو بكتابة دستور قبل الإنتخابات لم تكن هذه إرادة الشعب ولم يكن هذا هو قراره , ولا تتعللو بالحاله الأمنيه لأن الحكومه الحاليه , أقصد حكومة الدكتور شرف هي من يتساهل في الملف الأمني , لقد فشلت الوزاره في إستعادة الأمن في شوارع مصر ويجب ألا نكافئ الوزاره بإبقائها إلي الأبد في وظيفتها حتي تكمل مهمة تأمين الوطن التي فشلت في تحقيقها حتي الان , إذا كانت الحاله الأمنيه مترديه فإن هذا سبب أخر للتعجيل بالإنتخابات وسبب لحل كل المجالس المحليه و إجراء إنتخابات علي مقاعدها بل وفتح باب الإنتخابات لمناصب العمد والمشايخ لتصعيد قيادات جديده مهما كانت النتائج ومهما كانت المعوقات لا سبيل لنا إلي ممارسة الديمقراطيه وليأتي من يأتي نحن شعب لم يعد يخاف.
الخلاصه الإنتخابات أولا .
[email protected]