لحج نيوز/بقلم: سميرة حميد - الأحداث التي تشهدها اليمن مؤخراً أكدت أن الرئيس صالح يعد واحداً من أدهى الرؤساء العرب إن لم يكن بالفعل أدهاهم حتى الان.. فقد استطاع أن يدير هذه الأزمة بحنكة قيادية وخبرة سياسية أثبتت أن لدية نفس طويل يستطيع من خلاله امتصاص الغضب وإعادة تشكيل الأحداث وفقاً لما يرى أنه يخدمه.
وما شهدته منطقة الحصبة خلال الأيام الماضية كشفت أن (جهال) الأحمر ضاقوا ذرعاً ولم يعودوا يستطيعون تحمل الصبر أمام حنكة وقدرة الرئيس على التعامل مع الأزمة التي سموها ثورة وحاولوا من خلالها إسقاط صالح ونظامه والصعود إلى سدة الحكم..
لقد أعتقد (جهال) الأحمر أن إعلان اللواء علي محسن الانشقاق والتمرد على صالح سيكون الضربة القاضية التي تجعل الأخير يغادر دار الرئاسة فوراً خصوصاً مع الترتيبات التي تمت متزامنة مع إعلان علي محسن التمرد من استقالات من الحكومة والبرلمان والسفراء وقيادات الحزب الحاكم، لكن اعتقادهم ذلك خاب بفعل نجاح صالح ودهائه في امتصاص تلك الضربة التي كانت لو وجهت لرئيس عربي أخر لفر مذعوراً خارج البلد وليس خارج دار الرئاسة.
بن علي لم يصمد أمام عشرة الاف متظاهر حاصروا وزارة الداخلية ومبارك بكل عنفوانه عجز عن الاستمرار في وجه المظاهرات أكثر من 18 يوماً بينما نجح صالح حتى الآن في إدارة الأزمة لأكثر من 4 أشهر بحنكة غير مسبوقة.
ورغم أن مدة 33 عاماً باتت تشكل جانباً سلبياً وعاملاً للضغط على صالح لترك السلطة، إلا أن هذه الفترة بما شهدتة من أحداث جعلته خبيراً ومتمرساً في إدارة الأزمات، فلقد شهدت بداية عهدة أزمة الحرب الشطرية واستطاع أن يقضي على بؤر التوتر التي كانت تشهدها المناطق الوسطى في شمال اليمن بذكائه.. وعقب إعادة تحقيق الوحدة نجح صالح في إدارة الأزمة خلال الفترة الانتقالية، ثم نجح بامتياز في إدارة حرب الانفصال وتحقيق النصر فيها.
وواجه صالح تهديداً جديداً تمثل في مخاطر تنظيم القاعدة إلا أن صالح استطاع أن يتعاطي مع هذا الملف بطريقة جنبت اليمن مخاطر أن تتحول إلى أفغانستان أخرى أو إلى صومال جديد.. ونجح في الانضمام إلى الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب وحقق نجاحات كثيرة في هذا المجال.
أما حروب صعدة فرغم أنها طالت إلا أن الكثيرين يعيدون ذلك إلى اعتماد صالح كثيراً على اللواء علي محسن في إدارة تلك المعارك بشكل كبير وهو ما أسهم في تحويل صعدة إلى بؤرة توتر كاد صالح أن ينجح في حسم معركتها في الحرب الأخيرة حينما ابعد مسئولية إدارة الأزمة عن علي محسن وقاد المعركة بنفسه لولا الوساطة القطرية التي أوقفت موضوع الحسم في لحظاته الأخيرة.
أزمة الحراك الجنوبي كانت هي محطة أخرى نجح صالح في احتوائها والتعاطي معها بنفس طويل استطاع سحب البساط ممن يديرونها وحول الموضوع الى قضية دعوة إلى الانفصال وهي دعوة باتت في مرمى رفض ومواجهة الشعب اليمني كله.
كل هذه الأحداث جعلت من صالح رئيساً قادراً على إدارة الأزمات بحنكة سياسية كبيرة ونجح أن يتجاوزها بشكل أثبت أنه قيادي وسياسي من الطراز الأول.
وعندما جاءت ما تسمى بالثورة الشبابية متزامنة مع التقلبات التي تشهدها المنطقة نجح صالح في تحويلها إلى أزمة سياسية حيث فشلت محاولات أحزاب المعارضة في الاستفادة منها لإسقاط نظام صالح رغم أنها شكلت ضربة قوية له حينما أعلن اللواء علي محسن تمرده، إلا أن صالح استطاع أن يحول من علي محسن إلى مجرد ضابط عسكرياً متمرد وحاصره في منطقة معينة لم يستطيع أن يتجاوزها.
ومن الغريب أن يأتي جهال الأحمر اليوم ليعلنوا حرباً ضد الدولة وضد صالح متناسيين أن صالح يحنكه وحكمته وقدراته العسكرية ليس ذلك الرجل السهل، فالضربة التي وجهت لهم والمتمثلة في ضرب منزلهم في الحصبة وهو المنزل الذي لم يستطيع أي رئيس أن يطلق عليه رصاصه واحدة ليس إلا بداية لمايمكن أن يفعلة صالح بهؤلاء الجهال.
ولعل المضحك في الامر ان جهال الاحمر ذاقوا من نفس الكاس فعقب حر ب الانفاصال استباحوا المحافظات الجنوبية ونهبوا الاراضي والمنازل واليوم وبعد ان غادروا منزلهم قام حراسهم بنهبها في مشهد دراماتيكي .
نقول لجهال الأحمر.. لم تروا من الجمل إلا إذنه كما يقول المثل الشعبي.. علي عبدالله صالح بإدارته للازمة حتى الآن أثبت أنه رجل دولة من الطراز الأول.. بل وأكثر الرؤساء العرب دهاء وخبرة وحنكة. |