لحج نيوز/بقلم:جميل مفرح -
< غمرتنا فرحة قصوى حين علمنا بأن حكومة وفاق ستتشكل ثم تشكلت، وأن مختلف أطياف العمل السياسي ستكون حاضرة وفاعلة، بمعنى أنه ستحقق الشراكة الفعلية في إدارة البلاد، الشراكة التي نطمح إليها، بعيداً عن الغلبة المطلقة والرجحان الأوحد لحزب بعينه أو توجه بذاته، حتى وإن يكن هذا أو ذاك التوجه المتفرد على الافتراض هو ما يخدم أو يستوعب انتماءنا، لأننا نؤمن بأن الشراكة دائماً يفترض بها أن تتمثل التعدد، والتعدد يقوي الاختيار ويتقن القرار، باعتباره ينظر إلى الأمور أو يتعامل معها من جهات ووجهات نظر متباينة تحقق التكامل المبتغى في أقصى درجات النسبية.
< كنا نحلم ونأمل، وكنا نظن ونعتقد، وما يزال هاجس الأمل والظن الحسن قائماً ولن يتراجع ما شاء الله تعالى.. ولكن ما يخشى وربما مابات يلمس هنا أو هناك من تصرفات مرجعيتها في الأول والأخير الولاء الحزبي وقاعدتها مبنية على علاقة الندية والخصومة والاقصائية، أمر يعيد الحسابات إلى منطلقها الصفري، ويصل بنا قاب قوسين أو أدنى من تخوفات سلامة الوضع بين القوى المتشاركة التي يبعث تحفزها وجاهزيتها إحساساً قوياً بأن كل طرف متمترس للآخر ومستعد للانقضاض عليه في أية لحظة.. وهذا بعلم الجميع حال لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنبني عليه شراكة أياً كانت.
< إن التغيير الذي طرأ في المنطقة مؤخراً جاء مبنياً على مبدأ الحرية والديمقراطية والشراكة الفعلية في البناء والقيادة، والنجاة من سلطة الصوت الواحد والخيار المطلق، والتخلص من الكيانات والأنظمة الفردية المعمرة.. ذلك وأكثر منه كان في الأجندات والواجهات الدعائية للتغيير أما ما بعد ذلك فيبقى الأمر في حالات منه رهن الانتظار والآمال الكبيرة، وفي حالات أخرى رهن التخوف واليأس، جراء ما لمس من تصرفات لاتكاد تضع اعتباراً لمثل تلك القيم وهذه الوعود التي نرجو الاّ تكون دعائية وحسب.
< نحن في اليمن بالفعل نمر بمرحلة من الصعوبة بمكان وليس أمامنا إلاّ أن نتخلص من معادلات وحسابات الضدية والندية لننجو وينجو معنا الوطن.. لاخلاف على أن لنا خضوصية أو ميزات، وأن حالتنا لا يمكن أن تتطابق مع سوانا.. نعم وأن بلدنا بلد تعددي مختلف، وذلك ما يؤكد على أن سلوكاً يخالف التعددية والقبول بالآخر، لن ينجح مهما كانت سطوته، وهذا السلوك العصري الراقي هو ما يجب انتهاجه إذا كان هدفنا فعلاً النجاح في أي تحول أو انتقال يهدف إليه.
واعتماداً على ذلك فإنه من الضرورة الملحة أن نتنبه إلى أن استبدال المهيمن الواحد بالمهيمنين العدة والانتقال من حالة انقياد إلى حالات ارتهان، لن يصل بنا سوى إلى نقطة الانطلاق التي كنا نحاول بكل ما أوتينا من قوة أن نبارحها والا نعاود الالتفاف إليها.
< وعلينا أن نؤمن بأن التعايش مع الرقيب السياسي والانتمائي المفرط في التعامل مع كل توجه حسب مراميه وحساباته الفردية والإقصائية، ربما لن يكتفي بإعادتنا إلى منطقة الصفر والبداية الجديدة ويضعنا أمام المثل القائل «وكأنك يا أبو زيد ما غزيت» وإنما سيصل بنا إلى حيز السالب فنجد أنفسنا نتعايش مع مثل آخر يقول «أراد أن يكحلها فأعماها».
< أخيراً.. مادمنا إلى الآن ما نزال نكتب ونقول ونتعامل وجوقة المحاذير السياسية والحزبية الإرضائية والاسترضائية تحيط بنا من كل اتجاه، وما تزال دفاتر وكشوفات الحسابات الماضية لم تقفل بعد، فلا أظننا سنبارح مكاننا ولا أظن الحال سيتغير إلى الأفضل، بل ولن تظل الأوضاع حتى كما هي اليوم، وإنما ننتظر أن تسوء أكثر وأكثر من يوم لآخر.. والله من وراء المقصد والمبتغى.
صحيفة الثورة