بقلم/ جميل مفرح -
> يتردد على مسامعنا وبين سطور قراءاتنا على الدوام عبارة سحر المستديرة أو سحر الجلد المستدير ويغلب استخدام هذه العبارة في مراس ومعايشة الإعلام الرياضي الذي حولها بفعل التكرار والتشديد إلى متناول عام وواحدة من مفردات أو عبارات التداول اليومي خصوصاً خلال فترات المواسم الكروية وعلى رأس ذلك إثارة وتفاعلاً وجذباً موسما كاس العالم وكاس أوروبا.
> أعود إلى ذي بدء فأقول: يتجسد حقا ما يشبه فعل السحر حين يتعلق الأمر بالكرة الأوروبية وينطبق خلال فترة هذا الحدث وبالأخص فترة النهائيات التي لا أبالغ حين أقول أنها تسلب اللب وتشغل البال وتعيد حيويا الحماس الرياضي مهما هرم إلى ريعان شبابه وعنفوان تفاعله.. هذا الحدث الذي يجذب الملايين بل مئات الملايين ليغدو مقصداً للاهتمام والمتابعة بما يضيفه من حيويه ونشوة لا تجد إلا أن تصفهما بمنقطعتي النظير وعديمتي الشبه، مهما بدا أو تراءى لنا وجود المناظرة والتشابه معهما.
> موسم 2012م الذي اختتم ألقه وتفاعله قبل البارحة بتتويج المنتخب الإسباني "الساحر" كان دلالة واضحة على أهمية وحيوية هذا الحدث بما قدمه للمشاهد والعاشق والمهتم من بهجة وحماس ليثبت أنه ما يزال هناك أشياء كثيرة تدفع باتجاه التفاؤل والفرح بوجود إجماع واجتماع شبه عالمي على حدث ما أو مناسبة ما .. في زمن أصبح التشتت والتباعد والتباين أبرز صفاته وسلوكه.
> ملامح جميلة وصور مبهجة وأحداث وفعاليات آسرة وأخاذة يأتي هذا الحدث حاملاً إياها في يديه ليشبع حاجاتنا الماسة للانفلات من أسر التضاربات والمفارقات والضجيج العنيف الذي بدأ البشر يتعودون عليه وكأنه قدر لا فكاك منه، نشعر بذلك ونحن نتابع هذا الحدث ببهجة متناهية مشبعة بالغبطة لأنفسنا كشهود عليه وإن على بُعد ولمنظمي هذا الحدث لما يتحلون به من قدرة على إيجاد وابتكار تلك الغبطة وجعلها حقاً مشتركاً مع كل البشر على الأرض، ثم تخامر أمنياتنا فلاشات إمكانية وأحلام المماثلة والتقليد بل والتساؤل لماذا لا نستطيع نحن أن نصدر البهجة والمتعة بهذا القدر كما يفعل هؤلاء الذين ندعي أنهم بنو عمنا؟!
> بهجة أخرى من نوع خاص لا يستطيع أن يبتكرها ويوزعها على مئات الملايين من المتابعين سوى ساحر واحد هو "الماتادور" وهي التسمية الإسبانية الأصل لمنتخب المملكة الإسبانية والذي يعني في أصله مصارع الثيران، والذي يقال أنه يعود في اعتقادي وأغلب ظني أنه مروض الثيران وينطبق على هذا المنتخب من حيث كونه مروض أعتى وأقوى منتخبات العالم.
متعة يضفيها الإسبان على هذه المناسبة لا تكاد توصف بما يقدمونه من مفاتح لتجديد اللعبة واكتشاف مكامن براعتها وإمكانيات تطوير أدائها وفنياتها وذلك عبر نجوم لا تستطيع أن تنجو من فعل سحرهم وطلاسمهم التي يتمتمون بها على المستطيل الأخضر فلا تجد بداً من أن تكون أحد مشجعيهم وتراهن على انتصاراتهم إن لم يكن بالأهداف والأرقام فبما يحققونه للمتعطش من متعة قصوى واجتذاب لا يستطيعه سواهم.
> الإسبان ليسوا مروضي ثيران ومنتخبات فقط بل أثبتوا ويثبتون أنهم أيضا مروضو إعجاب وافتتان لذلك نجدهم يحتلون رأس الهرم في ترتيب منتخبات العالم، إنهم سحرة بالفعل ولذلك هم وحدهم من يتجاوزون الخارق ويروضون المستحيل حتى يثنوه عن الاستحالة إنهم يعرفون ماذا يريد المشجعون لذلك هم السباقون إلى اجتذابه واعتقد أن الثلاثة الألقاب التي جروها من نواصيها منصاعة طائعة ليست إلا بداية المشوار السحري لشياطين الكرة الحمُر.