بقلم / عبدالرحمن بجَّاش -
خرجت والأستاذ المسّاح من الصحيفة ليل أمس الأول وحسب طلبه مررنا من الستين الشمالي، فقد كان متجهاً إلى شارع الرباط، وواصلت أنا الرحيل صوب بيت بوس جنوباً، جرّنا الحديث إلى مواضيع شتى حتى فوجئنا بتوقف الحركة أو الشارع أو نحن، لا فرق!! فقد تبيّن أن ممراً ضيقاً للسيارة علينا أن نكافح من أجل المروق منه، يشبه مضيق جبل طارق!! الاتجاه الآخر للشارع أغلق بقدرة قادر وتزاحمت السيارات حتى كدنا نلمس بعضنا، ليس حباً، بل ضرورة، اختلط الحابل بالنابل، سيارات تقفز من هذا الاتجاه إلى الآخر، كلٌّ يخترق لنفسه منفذاً، مَنْ كانت سيارته عالية فيقفز من أي نقطة، وَمَنْ كانت سيارته صغيرة ترحمه وهو يتوسل أن يسمح له بالقفز!! ويظل هكذا حتى يجد المخرج!!
سأقسم باللَّه الذي رفع السماء بدون عمد أن إدارة المرور لا تعلم عمّا يحدث في الستين الشمالي شيئاً، فمدير الأمانة مشغول بالكتابة لـ «آراؤهم»، والمدير العام من يوم أن تعين لم نعد نعلم عنه شيئاً!! بدليل أنهم لم يستطيعوا إيجاد حل للمشكلة المرورية في ميدان السبعين، فرحنا بحركة صغيرة لتحريك الكتل الأسمنتية وانتهى كل شيء!!
الآن شارع الستين لا نسمع عنه إلاَّ في تقارير العزيزين النشيطين عبداللَّه النويرة ومحمد حزام لإذاعة البرنامج العام كأرقام حوادث، أما دون ذلك فكلٌّ يسرح ويمرح فيه كما يشاء، فبعد خروجنا من المعمعة نفاجأ بنقطة تفتيش تجاوزناها لنجد سيلاً من السيارات يسير في الاتجاه المعاكس لنفس الاتجاه، وكلٌّ يسير بسرعة الصاروخ، مَنْ يمر من يمينك والآخر من يسارك وترفع رأسك لعل أحدهم قد قرر أن يطير، فكل شيء وارد!! تسأل : لماذا إدارة مرور ومخالفات وجنود وونّانات؟ وتسأل : هل هناك أمانة؟ فتجد الجواب : نعم، «أمانة العاسمة»!! أين هي؟ في مبنى وزارة الخارجية السابق، ما عدا ذلك لا أثر لها حتى على صعيد النظافة!!
الستين كشارع نموذج حي لكل العبث، لكل التخلف، لكل الاستهتار، وانظر لقد قرر باعة الفاكهة والخضروات الخروج إلى الشارع، فضيّقوه ولا أحد يقول لهم ثلث الثلاثة كم!! لأن لا أحد فاضي للآخر، ولذلك «فنحن أحرار نفعل ما نشاء»، أو كما يقول لك أحدهم من «المسائيل» وأنت تحدّثه عن أي تسيب أو إهمال : مش تشتوا تغيير!! وهناك مَنْ يتعمد السيئات ليلصق المسؤولية بالتغيير، وكأن التغيير جريمة!!