بقلم/مطهر الأشموري -
إذا كنت قد أصبت بجنون فلست غير واحد من ملايين هذا الشعب وبينه مجانين كثر، وبالتالي ما حاجية صحف كل الأطراف الحاكمة والمعارضة والبين بين وحتى أهلية لتضمني بالعته والجنون، وتطالب بإلحاقي مصحة نفسية وغير ذلك؟!!..
ذلك الإجماع الواسع قد يوصل شخصا إلى جنون حتى لو لم يكن به مس من جنون!!.
إذاً الحمد لله أن جنوني لم يكن بمستوى التنصيص ولم أصل إلى جنون من الوصف والوصم، لأنه ربما حين تركيز صحف كل الأطراف والأثقال على جنون شخصي المتواضع كنت أتابع وأتأمل في جنوح وجنون آخرين كأنظمة أو أحزاب أو كمنطقة أو منطق!!.
من ينتقد النظام والمعارضة معاً وهو مكشوف الظهر فهو كالمجنون وسيدفع به إلى الجنون، وتلك مشكلة للآخرين في جنوحي ومشكلتهم في إيصالي إلى الجنون، فيما مشكلتي هي في جتوحهم وجنونهم هم.
محطات تتراءى أمامي في مشهد يشخص كل الجنوح وكل فنون الجنون منذ ثورة سبتمبر ثم اكتوبر، والفاصل بين محطات الشرق انتقالا إلى محطات الغرب هي حروب المناطق الوسطى في اليمن التي تؤكد اكتشاف فكر لمواجهة وهزيمة الشيوعية من ناحية، وتؤكد انتقالنا والمنقطة برمتها من محطات الشرق إلى محطات الغرب ومن حروب مع إسرائيل إلى حروب أخرى أوسع وأكبر بعيداً عن إسرائيل.
كل هذه الحروب جاءت وجيء بها من الأسلمة كمد غربي في شكله المباشر كقاعدة من الأسلمة السنية أو غير المباشر كخمينية وتصدير الثورة لتحتوي الأسلمة القومية في مواجهة التصدير.
محطة 2011 توضح مدى جنون أنظمة وثورات ومعارضات وجنون من طالتهم الثورة ومن لم تصلهم كأنظمة، فكيف تمارس عقلانية في ظل تفعيل جنون عام كأنمن بات الجنون هو العقل والعقلانية هي الجنون؟!!.
فمحطات الغرب جاءت من خلال الأسلمة ومن صراع الأسلمة المتضادة، فالغرب مارس تفعيل الجهاد في أفغانستان بالأسلمة وهو من جاء بثورة أسلمة أخرى هي الشيعية التي كان يعنينا أو كلفنا بمواجهة خطرها التي جاء بها، والحال تطور إلى ما يعرف "خطر البرنامج النووي"، فيما أهم ما جرى تحديث صراعات الأسلمة إلى ثنائية مذهبية قطبية كقطبي الحرب الباردة بين السنية والشيعية، وذلك الذي لا زال وسيظل يلقي بانعكاسات مدمرة وتدميرية على واقع بلد كاليمن.
إذا 1% من سكان أميركا يحتكرون 99% من ثروات الدولة الأعظم في العالم فهل ذلك من العقل أم من الجنون؟!!..
إذا راتب بعض الصينيين يصل إلى خمسة آلاف دولار وكثير من الصينيين لا يتجاوز الخمسة دولارات فهل ذلك من العقل أم من الجنون؟!!..
أميركا لا تقرأ أو تفهم غير جنون الصين لتثوير يدمر الصين تحت شعارات معالجة الجنون وتحمل مستوى من الجنان هو أفضل من كل وكامل الدمار.
الصين تقرأ وتفهم الجنون الأميركي ولكنها تظل في وضع دفاع وقد تستخدم الجنوح أو الجنون كدفاع، وليست في وضع المبادرة والهجوم كما أميركا.
أي طرف قد يتمكن من وضع الآخر في الزاوية الضيقة ومحاولة خنقه، فذلك قد يدفعه إلى مستوى من الجنون بما في ذلك الجنون النووي!!.
على من يتذكر استرجاع أنه جرت في اليمن عام 2001م انتخابات محلية ولكن قبل سبتمبر 2001م بشهور، والإصلاح صعد العنف في تلك الانتخابات وفي بعض المناطق إلى مستوى من الجنون.
ذلك مورس لأن الانتخابات جرت قبل سبتمبر ولو جرت بعده ما كان ليحدث لأن محطة أحداث سبتمبر 2001م عالجت جنون هذا الطرف لعقد.
قبل محطة 2011م لم تكن أحزاب المعارضة تحلم بأن تعطي 50% من كراسي الحكومة فقط وليس رئاستها، ومع ذلك فالرئيس السابق علي عبدالله صالح رحل ونالت المعارضة رئاسة الحكومة و50% من الحقائب الوزارية، واتخذت قرارات إبعاد محسوبين على صالح بـ"الدبل والهبل"، ولا زالت معارضات ومعارضون في تشنجات وتطرفات هي من الجنون في التعامل مع واقع ومع قضايا واقع.
ربما ظليت أرى في حاكم ليبيا القذافي أنموذج الجنون بنسبة عالية، وكنت استغرب أن يصبح أقدم حاكم عربي أو "عميد الحكام العرب" كما طرح، ولكنني حين تابعت الرئيس السابق صالح في مؤتمر قمة بليبيا يتبنى مع القذافي "اتحاداً عربياً" فذلك إن لم يكن تكتيكاً من طرفه فهو من الجنون، لأن واقع المنطقة وربطها التبعي بالغربية كعلاقة عضوية تجاوز إمكانية إنجاح مثل هذا بما تحت الحد الأدنى.
المسارات التي فرضت على المنطقة منذ آخر الحروب مع إسرائيل هي جنون بالإذعان المذل للعرب، وجنون حين التقاطع مع الغرب كما غزو الكويت أو حالة "القاعدة" وعلى النظام الإيراني التنبه لمثل هذا وهو يعطي من الحالة السورية في محطة 2011م دور زهو "طاووسي".
إذا الإسلام هم كما المقدم في محطة 2011م فلماذا ضغط الجنون على الوقع والوطن حين الاستفتاء على دستور دولة الوحدة؟!!.. ولماذا كفرتم بالوحدة ثم كفَّرتم الاشتراكي لعدم وحدويته؟!!..
لماذا كل تلك الحروب لتوحيد اليمن شيوعياً بالقوة وبعد تحققها سلمياً يراد العودة إلى التمزق والانفصال؟!!.. لا أدري إن كنت مجنونا طيباً أو الطيبة هي في جنوني، وربما لن يجدوا "النظام والمعارضة" في واقع اليمن مجنوناً مثلي يلتزم بيته لأكثر من عقد كأنما فرض على ذاته الإقامة الجبرية.
فذلك ما أراه وقد يراه البعض من العقل وما قد يراه آخرون من الجنون وذروته.. وللناس آراء ووجهات نظر تختلف حتى في مسألة العقل أو الجنون!.