لحج نيوز/بقلم: سفيان عباس -
التغيير الدراماتيكي المفاجئ للأنظمة السياسية وحكوماتها البديلة أو الوريثة التي تحاول اللعب مع الكبار يخضع بالضرورة إلى قوانين اللعبة في إطارها العام المحدد في قواميس الفكر السياسي وان شخوصها هم أبطال بلا بطولة يتصارعون مع الذات على حلبة العدم من اجل البقاء المنتهية أبعاده سلفا لان طبيعة المباراة غير متكافئة وان الفارق محسوم بين الفرقاء منذ شروعه الأول فلا غلبة للصغار ولا فوز إلا للكبار على وفق المناظير الإستراتيجية التي تضع آفاق المتغيرات ضمن رؤى أصحاب التنظير بعيد المدى ، فان للسياسة قوانينها وافانينها المحسوبة في قواعدها الثابتة ، فأي عملية انقلابية للنظام السياسي المعني والمطلوب أن يكون داخل واحة التغيير تتهيأ العناصر المختارة التي كتب عليها تنفيذ ما هو مقرر في دهاليز الكبار على قاعدة الإحلال والبديل المرحلي وتنساق حتما إلى نظرية حرق المراحل والأشخاص بعد إكمال المهمة وهي فلسفة معتمدة لدى اغلب الدول المؤثرة على الساحة الدولية وخاصة منها الغربية وأمريكا وتسهم معها الدوائر الصهيونية والماسيونية العالمية من اجل رفدها بكل ما هو مفيد عند الاختيار والتسقيط ، ولهذا البداية غالبا ما تكون لصالح تلك العناصر المجلوبة سوقا في الترغيب والترهيب والإغراء والتهليل كونها آلة اللعبة المبرمجة للسوق العام والتكتيك الاستراتيجي . إن التصويب الأولي من قبل الأجهزة المتخصصة والتابعة إلى مراكز صناعة الأزمات في تلك الدول يقع عادة على الأحزاب السياسية والتيارات الدينية المسيسة المنشئة أساسا من قبلها لغرض القبول ألقسري للبطولة ، فهو أشبه بالتجنيد الإجباري الخالي من الخيارات الكيفية برغم كونه مصحوب بالامتيازات المغرية التي تمنح هؤلاء الساسة في الاستجابة مرغمين على أمل التعويض حال استلامهم مقاليد السلطة بغية إشباع رغباتهم وشهواتهم من المال العام والتمتع مؤقتا بالجاه المزيف أو تحقيق شيء ما يرتبط في أهدافهم العقائدية أو الفكرية دون المساس بأصل الهدف المكلفين فيه أو التعرض إلى جوهره ، وإذا ما انحرفت في مسارها عن المرسوم تكون قد وضعت نفسها عند نقطة بداية النهاية ، فالأمثلة الحية متعددة الوجوه والأشكال وان أطرافها مختارين للمسوغات ذاتها المخطط لها بعناية فائقة في أروقة مركز صناعة الأزمات الدولية وعلى سبيل المثال لا الحصر ما حصل لمجاهدي أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي السابق في سبعينات القرن الماضي ثم لطالبان من بعدهم حينما جاءوا بها عام 1994 وكلفت في القضاء على المجاهدين المذكورين واستلمت مقاليد السلطة والحكم أمريكيا عام 1996 حتى أحداث أيلول عام 2001 بعد أن أطيح بها في اثر تلك الأحداث المأساوية حين قرر الرئيس جورج بوش غزو أفغانستان بعد عشرة ساعات من وقوع الهجوم المروع وكأنه يمتلك علم الغيب بأن طالبان والقاعدة هما اللذان نفذا تلك الهجمات في حين إن فريقه من المحققين الأمريكان لم يتوصل إلى أية نتيجة جنائية تدل على تورط القاعدة أو طالبان حتى يومنا هذا . ولكنني اعتقد إن أمريكا هي الرابح الأكبر في هذه اللعبة برغم مرارتها لان ما قامت به طالبان خلال حكمها ينسجم مع الحملة الأمريكية والغربية المسماة بالحملة العالمية لمكافحة الإرهاب ( الإسلام ) حيث أعطت أبشع الصور المرعبة عن هذا الدين الحنيف للرأي العام العالمي ، هذه البدايات والنهايات مسطرة على الصفحات السوداء من تاريخ القوى التي تلعب بالنار مع الكبار . وفي الجانب الأخر من المشرق العربي وقعت الواقعة بعينها في العراق تحت الحجة المقاربة لمجاهدي أفغانستان الأوائل ضد الاتحاد السوفيتي المنهار فقد تشابهت الوقائع والغايات والأهداف والوسائل والأدوات والنتيجة واحدة على المسرح الأمريكي والغربي كونهم الفائزون في جائزة النتائج المثمرة لحملتم ضد الإسلام والمسلمين ، فالقوى هذه المرة جاءت معهم وكانت جاهزة في تلبية المهمة والتكليف والمكتوب ، لقد توصل أطراف اللعبة من التيارات الدينية أيا كان المذهب بأن العملية السياسية ما هي إلا بداية التقرير المجدول زمنيا لكي تتضامن مع طالبان بشأن الإسلام من حيث المحصلة المطلوبة أمريكيا ومنحت شهادة النجاح بعد أن أثبتت ما فعلت من قتل وتهجير واضطهاد وفساد إداري وأخلاقي وتمزيق كل الصفحات الخالدة لهذا الشعب العريق وان الإسلام دين لا ينسجم مع الركب الحضاري ولابد من حرب كونية ضده ، هنا انتهت الأشواط وأسدل الستار فأن النهاية لهذه الأحزاب قد بدأت .