4997 يوما
ً
منذ تمرد المنشق علي محسن
ً

قصيدة (الــجــبــــال) للراحل الأسطورة محمد عبد الاله العصار
لحج نيوز
السعودية وكابوس الغباء السياسي
بقلم/ عبدالملك العصار
العالم يتكلم هندي !!
بقلم / عبدالرحمن بجاش
هادي ورقصة الديك
بقلم د./ عادل الشجاع
التهريب.. جريمة تدمر الفرد والمجتمع وخيانة بحق الوطن ..؟
بقلم/طه العامري
مابين الوطنية والخيانة ..
بقلم / طه عزالدين
نصيحتان في أذن المجلس السياسي الأعلى ومحافظ البنك المركزي بن همام
بقلم / عبدالكريم المدي
ما هو السر المخيف في هذه الصورة ؟
لحج نيوز/متابعات
فتاة تتحول لإله في نيبال لأن رموشها مثل البقرة
لحج نيوز/متابعات
طفلة الـ10 أعوام.. أنجبت طفلاً وانكشف المستور!
لحج نيوز/متابعات
فتيات اليابان غير المتزوجات لم يمارسن الجنس من قبل... لماذا؟
لحج نيوز/متابعات
ماذا يعني وجود "نصف قمر صغير" على أظافرك
لحج نيوز/متابعات
قبل عيدالأضحى .. لماذا حذرت سلطنة عمان النساء من استخدام الحناء السوداء ؟
لحج نيوز/متابعات
مصريّة تقتل زوجها بمساعدة عشيقها بعد أن ضبطهما في أحضان بعض في غرفة نومه
لحج نيوز/متابعات
الأربعاء, 15-أغسطس-2012
لحج نيوز - مصطفى قطبي بقلم/ مصطفى قطبي -
جاء الانقلاب العسكري في جمهورية مالي مفاجئاً للجميع، إلا أنه ليس مفاجئاً كما يبدو لمخططي السياسات الاستعمارية ومراكز النفوذ في الشركات الغربية العملاقة التي تسعى للاستحواذ على ثروات الشعوب من خلال خلق الصراعات المحلية الدامية وتأجيجها واللعب على أوتار النزاعات والاختلافات المحلية تمهيداً لتفتيت دول المنطقة والاستئثار بالنفط واليورانيوم والمعادن الثمينة وتقاسم مناطق النفوذ. وقد وقع الانقلاب المالي في الـ 22 من آذار الماضي وقاده الكابتن أمادوسانوكو الذي أطاح بحكومة الرئيس أمادو توماني توري.‏‏

ولفهم ما يجري في مالي، لابد من البدء بالخريطة الجغرافية: جمهورية مالي عبارة عن أرض مقسمة إلى جزأين، مساحتها تفوق مساحة فرنسا بـ ضعفين ونصف، الناتج الإجمالي المحلي السنوي في فرنسا هو 2800 مليار دولار، أما في مالي فيقدر بـ 10 مليارات دولار، أي تصنف عالمياً في المرتبة 175، هنا أصبحت مفاتيح المشكلة واضحة، وبالعودة إلى الوراء عام واحد فقط، حلف الناتو انتهك علناً تفويض الأمم المتحدة في ليبيا، فأرسل قواته إليها، وقام بتوزيع كميات هائلة من الأسلحة على المتمردين. لماذا…؟! هل الهدف من هذا الغزو كان ”حماية المدنيين”، والإطاحة بنظام ”ديكتاتوري”؟!

هذا الكلام وهذه الذرائع لا تخرج عن سياق الهراء والاستخفاف بالعقول، ذلك أن أهداف شياطين الناتو انفضحت للملأ… تقاسم وتوزيع ثروة النفط، وزعزعة استقرار المنطقة لتبرير تدخلهم المقبل، قسم كبير من أسلحة الناتو التي وزعت في ليبيا على المتمردين، تم سحبها وأعيد توزيعها وتسليمها إلى المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون في الساحل للقيام بمهمة بسيطة هي فتح البازار لترسيخ وتسهيل لعبة وحركة العم سام، واستغلال الظروف والوقت بقدر الإمكان طالما أن ليس للصين أي نفوذ عسكري بعد في أفريقيا… وباراك أوباما، صاحب جائزة نوبل للسلام يعمل على توزيع الأرباح. فأسلحة الناتو وبرنار هنري ليفي وصلت خلال أشهر قليلة إلى المسلحين الطوارق الذين شنوا الهجوم وشجعوا عدداً من الضباط في الجيش المالي على القيام بانقلاب عسكري، وبث الفوضى في البلاد، أكثر من 200 ألف مسلح تمركزوا وتنقلوا منذ نهاية كانون الثاني، من تحدث عنهم، وهل ثمة وسيلة إعلامية غربية حذرت منهم؟

فجرت الأحداث الأخيرة في مالي، الكلام حول الدور الذي يلعبه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ومدى العلاقة التي تربطه بعدد من القوى المحلية، بخاصة بعد أن تمكن هؤلاء من لفت الأنظار عسكريًا، عقب تحقيق سلسلة من الانتصارات وضعت مالي على محك التقسيم. كما أن الشعارات التي رفعت في المدن التي جرى السيطرة عليها في الشمال، أعطت إشارات قوية على وجود القاعدة في هذه المنطقة. الأمر الذي أثار هواجس متعددة وفتح الباب للحديث عن سيناريوهات غامضة، بخاصة أن ما يجري في مالي غير بعيد عما يدور في بلاد أخرى، مثل اليمن والصومال وباكستان وأيضًا العراق، حول نجاح القاعدة في إعادة ترتيب صفوفه مرة ثانية، تمهيدًا لاستئناف عملياته ضد أهداف ومصالح غربية متباينة.

فبين ”جماعة أنصار الدين” السلفية الطارقية، و”حركة الجهاد والتوحيد” السلفية الوهابية، يقف تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، فارضاً نفسه وصياً روحياً عليهما، وعلى المشروع السلفي الوهابي الجهادي في المنطقة برمتها، باعتباره صاحب السبق في إدخال الدعوة السلفية الوهابية الجهادية إلى المنطقة، ويقرّ له الفريقان بالأقدمية في ساحة الجهاد والدعوة السلفية، وإلى منظريه ومفتيه يلجأون في حل القضايا الفقهية الشائكة. ويعتبر تنظيم القاعدة الذي وصل إلى المنطقة عام 2003 على يد أمير كتيبة الملثمين ”مختار بلمختار” الملقب ب ”الأعور”، أرسخ التنظيمات السلفية قدماً في الصحراء الكبرى عموماً ومنطقة أزواد خصوصاً، وقد تمكن من استقطاب الكثيرين رغباً ورهباً، إذ كانت يده تطال خصومه في المنطقة تصفية واختطافاً، وعطاياه تغدق على مهادنيه ومواليه، فضلاً عن ارتباط معظم عناصره بعلاقات مصاهرة مع المجموعات القبلية الأزوادية.

تفيد الكثير من القراءات الاستراتيجية أن ما يحدث في مالي يدخل في خانة السباق من أجل النفوذ بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الساحل. فرنسا تعتبر منطقة الساحل هي الحديقة الخلفية التاريخية لها وتعمل على بسط رغبتها في منع بروز ارتباطات استراتيجية بين دول المنطقة ودول أجنبية أخرى.

وأمريكا من خلال دراسة أعدها رئيس أركان جهاز الأمن في القوات الأمريكية يقول فيها: إن إتفاقية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة العربية، لم تحترم ”خارطة الدم”، يتكلم فيها عن تقسيم العراق إلى ثلاث دول، والسودان إلى دولتين، ودولة تضم أجزاء من سوريا والأردن والضفة الغربية، كما يتحدث أيضاً عن دولة للأكراد، ما يعني أن هناك شيئًاً يطبخ لاحترام ”خارطة الدم” في منطقة الساحل وذلك بدفع مشروع دولة للطوارق.

لم يخطىء من وصف الحركات المسلحة التي تسيطر على أهم المناطق في شمال مالي بأنها ”طالبان إفريقيا”، فأوجه الشبه بين هذه الحركات والطالبان كثيرة ومتعددة، فهي مرتبطة كما هو معروف بالقاعدة مثل طالبان، وتتبنى عقيدة قتالية ”جهادية” هي نفسها العقيدة التي تتبناها القاعدة في تبرير حربها على الغرب وحكومات المنطقة. ولعل من أبرز أوجه الشبه بين الحركات المتطرفة التي تسيطر على شمال مالي وطالبان يكمن في العقيدة السلفية المتشعبة بالفكر الوهابي السعودي، وهذه العقيدة تفسر أيضاً كل توجه هذه الحركات واستراتيجيتها في المنطقة. فكل الحركات الدينية التي تسيطر على شمال مالي، خصوصاً حركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا، وحركة أنصار الدين، انشقت في الواقع عن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وحتى وإن لا تزال العلاقة قائمة بين هذه التنظيمات والفرع المغاربي للقاعدة، فإن بروزها يشكل بحد ذاته عنواناً لفشل تنظيم درود كال في احتواء التنظيمات الجهادية في منطقة الساحل الصحراوي التي التفت حوله في البداية، لكن سرعان ما انفصلت عنه بمجرد أن اشتد عودها وحصلت على المال والسلاح وكسبت المزيد من القوة واخترقتها أجهزة الاستخبارات في المنطقة ومن دول غربية معروفة على غرار فرنسا.

لقد برزت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا في أواخر عام 2011، وتوصف بأنها ”الجماعة الإرهابية المسلحة الأكثر إثارة للرعب في شمال مالي”، فهي ممولة من ومسلحة بشكل جيد، وتتخذ حركة الجهاد والتوحيد من الهضبة الصحراوية الشاسعة الممتدة من منطقة تساليت في أقصى شمال مالي إلى مدينة غاو معقلاً لها، وهو ما يمكنها من فرض سيطرتها على عدد من القرى في تلك المنطقة، وبحسب الكثير من الكتابات المتخصصة فإن هذه الحركة تتوفر على نفوذ كبير جداً في شمال مالي على وجه التحديد، وهذا بفضل الأموال التي حصلت عليها من خلال تحصيل الفدية عبر خطف الرهائن الغربيين، وتعاونها مع عصابات تهريب السلاح والمخدرات، واستفادت هذه الحركة كثيراً من الحرب في ليبيا، سواء من خلال السلاح الليبي الذي حصلت عليه، أو من خلال العناصر المدربة التي التحقت بصفوفها بعد مشاركتها في الحرب الليبية.

أما حركة أنصار الدين فتعتبر من الحركات التي تسيطر على شمال مالي، وقد بدا موقف هذه الحركة غامضاً في أكثر من مناسبة. فرغبة في الحصول على تعاطف فئات إقليمية ومحلية، بدأت شرائح كثيرة من طوارق مالي تركز في خطابها السياسي على الانتماء الإسلامي وقامت حركة ”أنصار الدين” بالتأكيد على ذلك، وهو ما أثار جدلاً بشأن علاقتهم بتنظيم ”القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”. فهناك كلام حول وجود علاقة قوية، بموجب شبكة مصالح جيدة تربط بين الطرفين، عمادها رغبة التنظيم في تحصين نفسه في هذه المنطقة بقوى محلية، ويسعى للضغط على حكومة تمبكتو التي تعتبر طرفاً أصيلاً في عمليات مكافحة الإرهاب التي تقودها دول غربية في المنطقة. كما أن الطوارق يريدون استخدام التنظيم بحساب كورقة ضغط إضافية على الدول التي تحاول إجهاض مطالبهم، وهم مدركون أن الارتماء تمامًا في أحضان التنظيم ربما يفقدهم جانبًا من التعاطف الإقليمي والدولي الذي يحظى به الطوارق كأقلية لم تنل حقوقها السياسية كاملة.

ويقود الحركة الشيخ إياد أغ غالي وهو مواطن من سكان كيدال وكان قنصلاً سابقاً لدى السعودية، وبعد انتهاء مهمته في السعودية، أصبح غالي ”جهادي متشدد، وأصبح قريباً جداً من الناحية الفكرية من جماعة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وتلقى حركة أنصار الدين مساعدة من بعض الرجال الأقوياء المنتمين للقيادي في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ”مختار بلمختار” المكنى بأبي العباس وبالأعور، واستولت حركة أنصار الدين على العديد من المناطق في شمال مالي وأظهرت الحركة حماساً كبيراً في الذهاب نحو تأسيس إمارة إسلامية في شمال مالي، وشرعت فعلاً في تنفيذ الحدود على الأهالي وتطبيق الشريعة الإسلامية وفق منهج الحركة طبعاً، وتورطت حركة أنصار الدين، رغم زعمها نبذ العنف، في عمليات هدم لأضرحة الأولياء الصالحين في مدينة تمبكتو. ودانت جمعية رجال الدين في مالي ”جريمة تمبكتو”. وأعربت منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 عضواً، عن ”الأسف” لتدمير الأضرحة التي هي ”جزء من التراث الإسلامي الزاخر في مالي والذي يجب ألا يدمره متعصبون أو يعرضوه للخطر”. وصدرت أيضاً إدانة من الجزائر التي تعتبر أن الأولياء والعلماء المدفونين في الأضرحة ”ساهموا في ازدهار الإسلام في المنطقة ونشر قيم التسامح والروحانية”. واعتبرت منظمة اليونسكو أن الإسلاميين يشكلون خطراً على مدينة تمبكتو الأسطورة التي كان يطلق عليها إسم ”مدينة الاولياء الـ333” في إشارة إلى رجال دين دفنوا هناك.‏

ويرى باحثون آخرون أن مجموعة أنصار الدين استمرت في ”تلقي الدعم اللوجستي والمالي” لا سيما من شخصيات في السعودية وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بينما انعزلت حركة الطوارق بإعلانها استقلال أزواد من جانب واحد. ويقول ماتيو غيدير إن الوضع اليوم”أصبح أكثر وضوحاً في شمال مالي الذي بات تحت سيطرة الإسلاميين بشكل كامل ومجموعة مهيمنة هي أنصار الدين”. ويضيف: ”لقد اتفقوا مع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا (المنشقة عن القاعدة) قبل شهرين على أرضية مشتركة لإقامة دولة إسلامية في شمال مالي”. ويوضح الباحث أن العلاقات الهرمية بينهم مقننة جداً وأن ”الإسلاميين في شمال مالي اعترفوا لأياد آغ غالي بأنه سيد الأرض، وذلك يعني أن مسؤولي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مثل مختار بلمختار وأبو زيد بايعوه”.

والمدقق في طريقة التعامل الغربي مع التيار الإسلامي، يلاحظ أن هناك تفرقة مقصودة والكلام عن وجود معتدلين ومتشددين. وإذا كان الغرب يقبل التعامل معهم في مصر وتونس وليبيا في الحدود السياسية التي تقتضي التفاهم والتعاون، فإنه على استعداد للتعامل بطريقة ثانية (مغايرة) مع الخارجين على الأعراف والقوانين الدولية، وهذه المسألة يمكن أن تكون واضحة في حالة مالي، إذا تطور نشاط تنظيم القاعدة وتوزع نشاطه على أماكن مختلفة وتمكنت جماعة أنصار الدين من تطبيق أجندتها وبدأت حركة التوحيد والجهاد في نشر أفكارها وتوسيع نطاق التجنيد العسكري والحشد السياسي، لأن كثيرًا من القوى الإقليمية والدولية لن تسمح بظهور إمارة سلفية تقتدي بالقاعدة في هذه المنطقة.

فمنذ انطلاق الحرب في الشمال اتضح بشكل لا لبس فيه أن دور القوى الدولية وخصوصاً الغربية، فيها كان بارزاً، فالفرنسيون معنيون بشكل مباشر بوضعية الإقليم الذي ينشط فيه تنظيم القاعدة الذي اختطف وقتل العديد من الرعايا الفرنسيين في المنطقة خلال السنوات الأخيرة. ومن الواضح أن فرنسا وحلفائها الإقليميين أرادوا وضع اليد على الإقليم وملء الفراغ الذي خلفه رحيل العقيد القذافي، الذي شكّل خلال العقود الاخيرة أهم ركن يأوي إليه الطوارق ويؤثر في مواقفهم السياسية، ولذلك أرادت فرنسا أن تتقدم منذ اللحظات الأولى لانهيار نظام القذافي باتجاه وراثته في هذا الجانب خصوصاً، لتؤسس بشكل أفضل لوضعية تسمح بتصفية حسابها مع القاعدة التي تحتجز منذ العام الماضي سبعة فرنسيين كانوا يعملون في شركة استغلال مناجم اليورانيوم بالنيجر. وتأسيساً على التصريحات الإعلامية والتسريبات الصحفية، فإن فرنسا قد نسجت تحالفاً قوياً مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تلقى ثناء واسعاً في العديد من وسائل الإعلام الفرنسية مقابل حملة إعلامية واسعة تتعرض لها القاعدة وحلفاؤها الأزواديون.

ومع أن فرنسا تتمسك علناً بوحدة التراب المالي، فإن الرئيس السابق ساركوزي ألمح في تصريح له نشرته جريدة لونوفيل أوبسرفاتور الفرنسية إلى أن الأزواديين يستحقون حكماً ذاتياً داخلياً بشمال مالي، وهو ما لمست فيه الصحيفة نوعاً من التساهل في الموقف بشأن وحدة التراب المالي. وتتداول العديد من وسائل الإعلام حالياً أخباراً عن عزم فرنسا دعم الحركة الوطنية لتحرير أزواد من أجل انخراطها في مشروع فرنسي يلقى دعماً دولياً ويهدف لتصفية وجود تنظيم القاعدة في الإقليم، وتشير بعض البرقيات والتقارير إلى وصول معدات تسليح فرنسية ثقيلة لاستعمالها في الحرب على القاعدة.

وقريباً من موقف فرنسا، أعلن الرئيس الموريتاني ”محمد ولد عبد العزيز” أنه لا يحبذ فكرة استقلال الطوارق عن مالي، ولكنه فضل منح مناطق الشمال حكماً ذاتياً وأعرب عن استعداد بلاده للمشاركة في أي عمل عسكري يهدف للقضاء على الإرهاب في المنطقة في إطار مهمات الاتحاد الإفريقي والمنظومة الدولية. الموقف الموريتاني الفرنسي المتطابق في هذه القضية اتضح بشكل أكبر في إطار تصريحات قادة الحركة الوطنية لتحرير أزواد اللذين يعلنون استعدادهم للنهوض بدور إنهاء سيطرة القاعدة على الإقليم، غير أن خطاب الحركة الإعلامي في الخارج ليس بالضرورة هو الموجه الرئيسي للموقف الداخلي المعقد، الذي تواجهه تهديدات ومخاطر الصوملة والبلقنة بما تحمله من آلام موجعة.

ولنعد إلى أطروحة ”الدولة الإرهابية أو الإسلامية” التي ترعب فرنسا. فهذه الدولة السلفية الوهابية إن رأت النور ستكون حتماً بفضل فرنسا وبفضل استخباراتها في منطقة الساحل، وبفضل بعض حلفائها الغربيين أيضاً، وستكون نتيجة طبيعية للسياسات التي اعتمدتها فرنسا في المنطقة، والتي سمحت بتغويل المجموعات الإرهابية وبتسليحها، وإضعاف النظام في مالي وبعض دول الساحل بجنوب الصحراء، أمام مجموعات متمردة، مجهزة بكل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة التي هربتها من ليبيا أثناء الحرب في هذا البلد بعد سقوط نظام العقيد القذافي. فرنسا كانت تعلم جيداً بأن الحرب في ليبيا وسقوط نظام الحكم في هذا البلد سوف تنتج عنه نتائج كارثية على أمن واستقرار كامل المنطقة، وفرنسا ساهمت بشكل مباشر في فوضى السلاح التي عرفتها ولا تزال تعرفها ليبيا. وفي انتقال أطنان من هذا السلاح إلى منطقة الساحل الصحراوي، فأين كانت السلطات الفرنسية لما كانت التقارير الاستخباراتية حتى الفرنسية تكشف عن مشاركة كتائب ممن يسمون بالجهاديين، من التابعين للجماعة الليبية المقاتلة، القريبة من القاعدة، إلى جانب ”ثوار ليبيا”، وصمّت آذانها أمام كل التحذيرات التي أطلقتها الجزائر حول استغلال المجموعات الإرهابية للحرب الليبية لتوسيع نفوذها، وللحصول على المزيد من الأسلحة والذخيرة. والنتيجة أن الجيش المالي وجد نفسه في مواجهة ”جيش” حقيقي مشكّل من فصائل من طوارق الأزواد ومن الحركات الجهادية التي تنتمي إلى القاعدة.

من جهة ثانية، هناك اتجاه غربي لجعل منطقة شمال مالي مكانًا ملائمًا لتجمع العناصر الإسلامية المتشددة، تمهيدًا للتعامل معها دوليًا وبصورة جماعية، بمعنى أن الانقلاب العسكري الذي حدث في مالي يوم 22 مارس الماضي والذي رفضته جميع القوى الكبرى علنًا، كان هو الغطاء الذي بموجبه بدأت بسببه الأمور تزداد تدهورًا، حتى تتشجع القوى الإسلامية المتشددة على الإعلان عن نفسها وتستفيد من الجيوبولتيك المعقدة هناك، بعدها يمكن التفكير في التعامل معها أمنيًا، بخاصة أن الترتيبات التي اتخذتها قوى كبرى منذ فترة للتعامل مع نمو هذه الظاهرة في الصحراء الكبرى لم تقدم مبررات قوية تفسر الاهتمام الكبير من دول إفريقية وغير إفريقية بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، أما الآن ونحن أمام نشاط واسع للإسلاميين فيمكن الانقضاض عليهم، وتحريض المجتمع الدولي ضدهم.

وتشير كل الدلائل بأن المستهدف الرئيسي من كل ما يحدث في شمال مالي هي الجزائر، من دون أن نغفل طبعاً الرهانات الاقتصادية التي لها صلة بالاحتياطات المحتملة من الغاز والبترول في منطقة الساحل الصحراوي والتي تجهلها حتى الدول المعنية نفسها، وتعتبر المعلومات الخطيرة التي كشفت عنها إحدى الصحف الفرنسية مؤخراً في غاية الأهمية، حيث جرى الحديث عن تورط قطري في تسليح المجموعات الجهادية في شمال مالي. فالتعاون بين الدوحة وباريس ليس بجديد، وقد سبق لقطر أن سلحت المعارضين في ليبيا، وهي تقوم حالياً بتسليح المعارضة في سورية، وطموحات هذه المشيخة تجاوزت حجمها، والأدوار التي يقوم بها أمير قطر تتجاوز حساباته الاستراتيجية لتصب في صالح حسابات استراتيجية لدول كبرى يبدو أنها هي من يكلف قطر بأداء أدوار معينة على أمتار فقط من الحدود الجزائرية. فالدور القطري فضحته أيضاً مصادر غربية حتى في شمال مالي، من خلال معلومات تتحدث عن قيام الدوحة بتسليح التنظيمات الإسلامية هناك، خصوصاً حركة أنصار الدين لأياد غالي الذي عمل دبلوماسياً ممثلاً لمالي في السعودية قبل أن يلبس عباءة السلفيين الجهاديين ويقود التمرد ضد باماكو ويتحالف مع القاعدة والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بها. وما تقوم به قطر هو أكبر بكثير حتى من مداركها ويتجاوز عقلها، فهذا الدور في الواقع خدمة استراتيجية لأمريكا ومن ثمة لإسرائيل. لا تنال منها قطر أي شيء اللهم المحافظة على كرسي المشيخة.

وبالإستناد للقراءات الإستشرافية للمستقبل فإن الدول العظمى تعمل على إيجاد موطئ قدم في منطقة الساحل الغنية بالثروات الطبيعية كالنفط و الغاز واليورانيوم. ومن شأن تنامي رغبة الطوارق في إقامة دولة خاصة بهم في المنطقة أن يغذي هذه الأطماع، بخاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لجلب عشرين بالمائة من حاجياتها من النفط من منطقة الساحل، وهذا يتطلب منفذًاً إلى المنطقة التي تشهد غزواً غير مسبوق للنفوذ الصيني.

يعرف أن السياسة الدولية هي لعبة مصالح تتطلب التعامل بواقعية مع من يحكم على الأرض، فإن التحدي الأكبر وعكس الدفع باستراتيجية الدول العظمى، هو فيما يخص قدرة دول الجوار في بناء منظومة مؤسساتية لإدارة الأزمات الأمنية وغير الأمنية في منطقة الساحل من أجل التعامل مع التداعيات السلبية لأزمة مالي سواء ما تعلق الأمر بالاستقرار المرتبطة بالأزواد أو ما تعلق بالجريمة المنظمة أو ما تعلق بالإرهاب، وهو الدور الذي تتحرك الجزائر من أجله ومن أجل استقرار المنطقة ومكافحة مختلف أشكال الجريمة وحتى لا تترك أي فراغ يمكن أن تستغله الدول الغربية من أجل أي تدخل في المنطقة.

وبما أن قضية انعدام الاستقرار تهدد المنطقة المغاربية كقوة مؤسسية، ينبغي على دولها أن تتصدى لهذا التهديد بشكل جماعي. في ظل هذه الظروف، من مصلحة المغرب والجزائر وضع صراعهما جانباً والتركيز على مواجهة هذا الخطر. يجب التخلي عن فكرة تشكيل هوية الأمة من خلال معارضة الآخرين، وعلينا فهم بأن ما يجمع الدول المغاربية أكبر مما يفرقها. وبالإضافة إلى ذلك، فالسياقان الإقليمي والدولي لا يدعان مجالاً لتحرك الدول المتفرقة، مما يدفع هذه الأخيرة إلى التفاهم والتعاون. كما أن متطلبات الأمن ـ كالتنمية مثلا ـ تجعل التعاون المغاربي ضرورياً للغاية.

فمصير هذه المنطقة يعتمد على عمل مشترك ومنسق. وحده التعاون الوثيق والعقلاني كفيل بتمكين البلدان المغاربية من تجنب عواقب غير متوقعة. وفي هذا الصدد، لا بد من اعتبار أحداث مالي كناقوس خطر للمنطقة بأسرها، لتشجيعها على وضع حد للصراعات من الدرجة الثانية والتركيز على القضايا الهامة.

فالتحرك ضمن نطاق إقليمي أو قاري يبقى هو الحل الأمثل لاجتثاث القاعدة من شمال مالي، وإعادة الوحدة إلى التراب المالي واستبعاد كل ما من شأنه أن يقود المنطقة برمتها إلى حروب إثنية تعيد رسم خارطة المنطقة، وتضرب في الصميم مبدأ قدسية الحدود الموروثة عن العهد الاستعماري.
ارسل هذا الخبر
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر

التعليقات:

الاسم:
التعليق:

اكتب كود التأكيد:




جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (لحج نيوز)