بقلم/عبدالكريم الرازحي -
بالأمس كانوا يتبرمون ويزعلون ويضيقون بالنقد ولا يتقبلونه، وكانت حجتهم في ذلك أنهم معارضة لا يجوز التعرض لهم بالنقد تصريحاً أو تلميحاً.
وأن أي نقد لهم – حتى لو كان من داخل أحزابهم – إنما يصب في مجرى الحزب الحاكم، وفي خدمة نظامه القائم الذين يسعون إلى إسقاطه.
ودائما ما كانوا يقولون ويرددون: نحن لسنا سلطة حتى تنتقدونا دعونا أولاً نصل إلى السلطة وبعد ذلك انتقدوا وتكلموا بكل حرية .
واليوم وبعد أن خطفوا الثورة من الشباب ووصلوا إلى السلطة على سلم من دمائهم،
أطلقوا كلابهم المسعورة بهدف إسكات كل صوت يرتفع في وجه أحزابهم الحاكمة.
وكم تذكرني كلابهم المسعورة تلك بكلاب الخنزير القائد نابليون في رواية الكاتب الإنجليزي (جورج أورويل) مزرعة الحيوانات.
لقد ثارت جميع حيوانات المزرعة ضد السيد جونز مالك المزرعة الذي يستغلها ويستعبدها وطردته من المزرعة.
لكن بضعة خنازير على رأسهم الخنزير نابليون استأثرت وحدها بخيراتها وخيرات المزرعة، وراحت تشرب اللبن وتأكل التفاح، وعندما بدأت الحيوانات تشكو وتنتقد همساً وتتذمر من هذا السلوك بعثت الخنازير إليها الخنزير سكويلر مندوباً عنها لإقناع الحيوانات بشرعية هذا الإجراء فأمر بجمعها ثم خطب فيها قائلاً:
أيها الرفاق، حاشا لكم أن تظنوا أن مبعث هذا الإجراء من قبيل الأثرة، فإن كثيراً من الخنازير لا تطيق طعم اللبن والتفاح، وأنا شخصياً من هذه الزمرة!
إلا أننا مضطرون كذلك اضطراراً وفقاً للأصول الطبية التي تحتِّم تقديم مثل هذه الوجبات إبقاء على طاقتنا الذهنية حتى نتمكن من مواصلة أعمالنا في التنظيم والإدارة والأعمال
المناطة بنا والتي تعتمد عليها المزرعة، فكما ترون أيها الرفاق: من أجلكم أنتم نشرب نحن اللبن ونأكل التفاح! ألا تعلمون ما الذي يمكن أن يحدث لكم إذا ما فشلت الخنازير في مهامها؟
إن جونز يعود ثانية.. نعم جونز بنفسه أيها الرفاق.. من منكم أيها الرفاق يرغب في عودته؟
ولأن جميع الحيوانات كانت خائفة من عودة السيد جونز ولا تريد عودته فقد أسرعت بالموافقة على قرار الخنازير بالاستئثار باللبن والتفاح.
أما تلك الحيوانات التي كانت تحتج وترفع صوتها عالياً فقد كان الخنزير نابليون يأمر كلابه المسعورة بإسكاتها.
وهكذا تمكنت الخنازير من خطف الثورة وتحويل مسارها الحيواني، وإذا بالثورة – ثورة حيوانات المزرعة- تغدو بين عشية وضحاها ثورة الخنازير.
*صحيفة اليمن اليوم