بقلم/عبداللطيف الحسيني -
هذه شرفتُكَ تطلُّ منها لتجدَ كلَّ شيءٍ مقلوباً أومغلوباً على أمرِهِ , الثقافيُّ وجدَ مسلكَه في درب لا يفضيه إلا إلى متاهةٍ لا تليقُ إلا به , و كأنّه خُلِقَ لها , وهي خُلِقتْ له وعلى مقاسه القاعيّ حتى قاعه الذي لم يتعرّف عليه بعدُ , فيتسلّق بألف ميل ظانّاً منه أنّ غيرَه قد يسبقه إلى سلم (جنان عدنٍ) ويأكل ثمره اللذيذ – الطيّب , والسياسيّ وجدَ طريقَه السابق الذي أفنى عمراً في ترتيبه , و بقي في بيته الداخليّ يجترُّ ما لُقِّنَ و حفظه عن ظهر قلب دونَ أنْ يقرأ واقعَه الجديد بأدوات جديدة , لكن هيهات لتلك الأدوات أنْ تطيعَ عقلاً مؤسَّساً لا يجدُ في الواقع إلا القراءة العادية , العادية التي تملّكته واستحوذتْ على عقله , فكيف بقول قائلٍ يطلبُ منه قراءة النفوس وهو لا يستطيع قراءة أقرب ما بمتناوَله من الأشياء البسيطة ؟ . خصوصاً أنّ النفوس الكبرى تتأوّل القراءةُ فيها عمقاً وسطحاً .
ما يعنينا – يعنيني أنّ السياسيّ حاولَ موفّقاً أنْ يمتصّ عملَ وجُهْدَ الثقافيّ الذي بقيَ متفرّجاً أو مبتسماً وهو يُنتهَك بعدَما أُنهِكَ حضوراً ثقافيّاً واجتماعيّاً في تقبّل الفكر المؤسَّس دون أنْ ينتبه رجلُ الثقافة أنّ الإنسان الجديد سيكون مؤسِّسَ التعدّد في الحياة الجديدة التي تتطلّب نبذ التملّك وتبديد الفردانيّة والرأي الواحد دونَ أنْ ينتبه أنّه يقول : (مرحباً بالرماد) , وكان سابقاً يتبجّح بأني : (سأودّعُ الرماد ).
فيا مرحباً بالرماد الجديد.
[email protected]