بقلم /د-عبدالرحمن أحمد ناجي -
ليس تبدلاً في مواقفي وقناعاتي ، وليس مغازلةً وتودداً لطيف سياسي معين ، بل ثباتاً على آرائي ومبادئي ، وبنفس الكيفية والرؤية التي أعلنتها مطلع العام 2011م ، فقناعتي أن المحرك لأحداث ما سمي (الربيع العربي) هو هـو ذاته محرك (الشتاء العربي) في مصر ، وهو ذاته من يريد أن تكون مصر الكنانة وقلب العرب النابض منطلقاً لتنفيذ المرحلة الثانية من سيناريو الفوضى الخلاقة ، كما جعل تونس من قبل منطلقاً لعاصفة 2011م ، لتستمر (الفوضى الخلاقة) ويستمر الاحتكام للشارع ، وليصبح الشارع مرجعيتنا ومصدر تشريعنا...ـ
ألم نصرخ وبأعلى أصواتنا أنه وفقاً لأحكام شريعتنا الإسلامية ، وكما جاء في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بوجوب طاعة ولي الأمر وعدم جواز الخروج عليه إلا إن أصدر ما يمكن اعتباره كفر بواح ؟! ، ألم نستهجن ونرفض الاحتكام للشارع ؟! ، ألم نحذر وبملئ الفم من أننا لو حكَّمنا الشارع لألقينا بأوطاننا إلى الهاوية وحققنا لأعداء الأمة الإسلامية المتربصين بالدين الإسلامي مآربهم ومخططاتهم الخبيثة ؟! ، ألم ندعو لتحكيم شرع الله في كل ما اختلفنا فيه وعدم الانسياق لأهوائنا ورغباتنا وإملاءات قادة وزعماء أحزابنا وكياناتنا السياسية؟! ، ألم ننتقد استمرار الاعتصامات والمخيمات وتقييد حرية بعض من البشر بحجة عدم تحقيق المعتصمين لأهداف اعتصامهم ؟؟! ، ألم نحذر من أن القوى الاستعمارية الصهيونية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي جعلت من الإسلام عدوها الأول وأنها تعمل ليل نهار وبكل قواها المتاحة على تقويضه من خلال معتنقيه ومن يدينون به ؟؟!!.
فهل ينبغي لنا الآن التعامل مع ما يجري من أحداث في مصر من باب التشفي وتصفية الحسابات ؟! ، وهل لنا أن نفكر بهدوء ونتأمل فيما يُراد لنا أن نسير إليه ؟! ، وهل لنا أن نطبق كل ما نادينا به ، ورأينا أنه المخرج من كل ما ألم بنا من خطوب ؟! ، فلا نقع في التناقضات ، نعم .. فنحن نطبق حرفياً ومن حيث لا ندري ما يريده من نصبوا أنفسهم أعداءً لديننا الإسلامي وأعلنوها من قبل حرب صليبية وعلى لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، ونحن ندرك جميعاً أنها لم تكن زلة لسان ، أو خطأ في الترجمة ، بل عن سابق إصرار وترصد ..
نكررها للمرة المليار أعداءنا يريدون أن يشوهوا ويهدموا الإسلام عن طريق بعض أبناءه الذين صعدوا بهم لسدة الحكم بهدف تعريتهم وإحراقهم ثم تنكيسهم وإسقاطهم، يريدوننا أن نكون نحن المسلمين في حيرة من أمرنا ، ويريدون تعميق الكراهية والبغضاء والحقد وتوسيع الهوة شيئاً فشيئاً فيما بيننا، وطالما كان واقع الحال كذلك فلست على الإطلاق مع إسقاط الرئيس / محمد مرسي بهذه الآلية ، فليست آلية تحريك الشارع ، وليست آلية وثقافة (ارحل) هي المتوافقة مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، وطالما احتكمنا لصندوق الانتخابات واخترنا الحاكم من خلاله ، ومهما كان رأينا في مدى نجاح العملية الانتخابية وخلوها من العثرات ، ومهما كنا متفقين أو مختلفين مع الحاكم الذي وصل لسدة الحكم عن طريق ذلك الصندوق ولو بفارق ضئيل مشكوك فيه ، فلتكن مرجعيتنا النصوص القرآنية وما جاء على لسان سيدنا محمد بن عبدالله في الأحاديث الصحيحة المروية عنه صلى الله عليه وسلم ...ــ
وطالما ارتضينا بصندوق الانتخابات فيصلاً بيننا ، فلنجعله كذلك وليكن الرهان على مدى نجاح الحاكم أو إخفاقه خلال فترة توليه للحكم ، ولتكن القوى السياسية المعارضة هي الفاعلة في تقويم ما تراه اعوجاجاً في قرارات ذلك الحاكم ، أما أن نجعل من الشارع محركاً لأفعالنا فتلك كارثة محققة وبكل المقاييس ، وإذا افترضنا في مصر نموذجاً أنه وفقاً لمزاج الشارع تم إسقاط الرئيس / محمد مرسي بالثقافة التي يريد أعداءنا تجذيرها في نفوسنا وعقولنا وأفئدتنا بتعالي صرخات مجاميع الشارع مدويةً إلى عنان السماء ( ارحل) و (الشعب يريد إسقاط النظام) ، فإننا سنظل في ذات الدوامة وسيستمر سيناريو الفوضى الخلاقة ، وسيتربص مؤيدو وأنصار الرئيس / محمد مرسي بالحاكم الجديد ، ويحتكموا لنفس الآلية لإسقاطه .
فهل فهمناها أم مازلنا نكابر ؟! هل استوعبنا الدرس أم مازلنا ندس رؤوسنا في الرمال ؟! ، جميعنا يسعى للتغيير فالتغيير هو سُنة الله في الكون ، ولكن ليس بآلية الشارع ، وليس بآلية الاعتصامات والمخيمات وشق عصا المسلمين ما بين الستين والسبعين، وليس بآلية (ارحل) ، وليس بآلية (الشعب يريد إسقاط النظام) ، بل بما يتفق مع أحكام وتعاليم ديننا الإسلامي ، وبما لا يتعارض مع تلك الأحكام والتعاليم ، وهذا بالضبط ما لا يريده أعداء الإسلام ، ويريدون هدمه من خلال من يعتنقون ويدينون بنفس الدين ...
* أكاديمي بجامعة صنعاء