لحج نيوز/متابعات -
احتدام الجدل في فرنسا حول حظر ارتداء النقاب تقدمت لجنة برلمانية فرنسية، تمثل كل الأحزاب السياسية، باقتراح إجراءات لحظر ارتداء النقاب في الحافلات والمترو ومؤسسات عامة أخرى. ونص التقرير على أن هذا الإجراء يتضمن إجبار الأفراد على كشف الوجه طيلة رحلات النقل العام.
وأوصى التقرير بأن يتبنى البرلمان "قرارا يدين ارتداء البرقع باعتباره يتناقض مع قيم الجمهورية الفرنسية". أما مقرر اللجنة إيريك راؤول فقال"نريد أن نحارب الأصولية الإسلامية، والبرقع أحد مظاهر هذه الأصولية". وعلى الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن عدد مرتديات البرقع في فرنسا
كلها لا يتجاوز ألفي سيدة، إلا أن القضية كانت محور نقاش سياسي في فرنسا لأشهر طويلة.
وانتقدت صحيفة Le Point الفرنسية الأسبوعية المناقشات هذا الموضوع، معتبرة أنه في هذه المناقشات يتم الخلط بين قيم الجمهورية الفرنسية، وحقوق المرأة، والنشاط السياسي، والتماسك الاجتماعي. وهي قضايا أجرت حولها اللجنة البرلمانية، على مدى الأشهر الستة الماضية، مشاورات مع خبراء ومتخصصين.
إشكالات قانونية ودستورية
عدد من ممثلي الجالية المسلمة في فرنسا يؤيدون توصية اللجنة البرلمانية ويعتبرون أن النقاب ليس فرضا إسلاميا.بيد أن نتيجة هذه المناقشات تمثلت في نهاية المطاف في الخلاف؛ وبوجه خاص الخلاف حول إمكان فرض حظر ارتداء البرقع والنقاب في فرنسا؛ فقد رفض معظم الخبراء القانونيين هذا الحظر، قائلين بأنه سيُواجه بالرفض من قبل المحكمة الدستورية، ومن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. كما رفض هذا الحظر رئيس اللجنة البرلمانية، النائب الشيوعي أندريه جيران الذي يقول بأن: " المشكلة لا تكمن في معاقبة النساء المنتقبات. وإنما تكمن في مكافحة التطرف، وهؤلاء الأئمة الذين يضرون بالمسلمين وبالإسلام في فرنسا. وهذه المكافحة أمر بالغ الحساسية"
ويحتدم الخلاف داخل أوساط المحافظين أنفسهم؛ بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء فرانسوا فيون من جهة، و رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم جان- فرانسوا كوبيه، الذي يسعى لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2017، من جهة أخرى. وبينما كانت اللجنة تجري مشاورات حول إمكان فرض حظر النقاب في فرنسا، أعلن كوبيه أنه يؤيد إصدار قانون بشأن الحظر الشامل لارتداء النقاب، أي حماية عامة ضد البرقع والنقاب. ولولا أن هناك حججا قانونية، وتنافسا سياسيا، لكان هذا أيضا هو رأي ساركوزي الذي أعلن أن: "فرنسا بلد تتمتع فيه المرأة بالحرية، ويتم فيه احترام عقيدة كل فرد. بيد أنها أيضا بلد لا مكان فيه للنقاب، ولا لاضطهاد المرأة بأي حال، ولا بأي تبرير".
اللجنة توصي بإقناع المنتقبات بالحظر
تعقيدات قانونية ودستورية قد تؤخر تنفيذ حظر الحجاب في الأماكن العامة في فرنسا.واقترحت اللجنة البرلمانية حوالي عشرين خطوة، أولاها تحديد فترة زمنية بمقدار ستة أشهر يتم فيها إقناع المنتقبات بأن أعضاء البرلمان مجمعون على حظر ارتداء النقاب. وبعد هذه المدة يتم إصدار قانون بشأن حظر ارتداء النقاب في الأماكن والمؤسسات ووسائل المواصلات العامة.
من ناحية أخرى أكد ممثلو المسلمين في اللجنة بالإجماع أن ارتداء البرقع والنقاب ليس واجبا إسلاميا. بيد أنه خارج البرلمان وُصفت المناقشات حول النقاب بأنها حملة ضد المسلمين في فرنسا. وهذا من مخاطر هذه المناقشات، كما تقول المتخصصة في علم الأنتروبولوجيا، ومؤلفة كتاب حول البرقع والنقاب، دنيا بوزار، التي تؤيد حظرا شاملا لارتداء النقاب، وتقول: "قد يكون من الجيد إصدار قانون بالحظر، لأنه لن يدعم المجموعات التي تحكي للشباب بأن هناك مؤامرت تحاك في فرنسا، وأنه لا يمكن للمرء أن يكون مسلما هناك".
بيد أن النساء المعنيات، واللاتي يقدر عددهن بين حوالي أربعمائة، وألفي سيدة، تعلن أنهن سيكافحن ضد حظر ارتداء النقاب. وعلي سبيل المثال تقول السيدة كنزا، وهي أم لأربعة أطفال، وترتدي النقاب منذ عشر سنوات: "سواء تم الحظر بقانون، أو بدون قانون، فسأظل أرتدي النقاب في الأماكن العامة، فلي الحق في الحرية وفي إبداء الرأي".
ومن المتوقع أن تتخذ الحكومة الفرنسية قرارها بشأن حظر النقاب في البلاد بعد الانتخابات المحلية التي ستجري في مارس/ آذار المقبل.
|