بقلم/عبدالرحمن الاهنومي -
الجدل السائد حول الغارات الجوية الصهيونية على سوريا ليس إلا إدانة لما يسمى بالثورة السورية المتعفنة ، فالفتوى والاستغناء والاستعطاف البدائي صار مصدرا للثورة والحرية بدلا من الحجج المنطقية، كما صار القدح والذم والسخرية هو الطابع المميز للخطاب اليومي لمدعي الحرية والثورة في سوريا ، ثم إن هذه الفورة من الإدعاء والتبرير والتناقض ، والانهيار التام للمنظومة الأخلاقية في صورة هذه السلسلة من حوادث الاختطاف والتفجيرات وقطع الرؤوس بشكل شنيع التي ترتكبه الجماعات الصهيوسلاموية في سوريا ، ومحو أخلاقيات الحرب من الوجود والبربرية السادية في انتهاكات جبهة النصرة التي لم تترك لأحد فرصة في التفكير والبحث الهادئ المتروي أو وقفة لتحليل ذاتها.
فإذا كان لنا أن نهزم هذه العبثية من منطلق الغيرة على سوريا ، وإذا أردنا ألا نبقى رهينة للمنطق البالي المضاد للحقيقة ، وإذا كان لنا ألا نصبح أسرى لطنطنة ومعمعات الربيعيين في حديثهم عن دكتاتورية بشار وطائفية السيد حسن نصر الله ، وتقدمية وعلمانية وليبرالية جبهة النصرة السلمية الشعبية العظيمة ، وحتى لا نقع فريسة القوباء المنطقية ، فإنه لابد من وقفة صريحة ومباشرة وفورية ومواجهة مع ادعاء الحرية والثورة يتخطى حدود وقيود ما يسمى بالربيع العربي في مفهوم وماهية الحرية خصوصا مع محاولات رموز مصنوعة لهذا الغرض استغباء العقل العربي وجعله صندوقا للفتوى السياسية التجارية حسب الطلب.
للأسف فإن الممارسة الحالية لما كان يسمى بالربيع، على أيدي الجماعات الإرهابية والمتطرفة، هي تحويل مفهوم الحرية والثورة من كونها مطلباً شعبيا إلى أيديولوجية حرب ذات أبعاد طائفية صهيو أمريكية ، بل إن تحريف مفهوم الثورة من الكفاح والنضال والتضحية المطلقة لتنفيذ المخططات والمؤامرات على الشعب العربي السوري هو تعبير واضح بأن هناك منطقا عبثياً كغطاء لما جرى ويجري من حرب كافرة في سورية حتى في إطار حظيرة "الربيع العربي" المفصل.
في الواقع تكشف ما تسمى بثورة سوريا سوءات ذاتها، وتبين بشكل خاص لضحاياها على الأقل أنها صهيونية حتى النخاع. ومع الأخذ في الاعتبار التحدي الموجود الآن والمتمثل في القصف الصهيوني على سورية.
يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال ونتظاهر بأن حريتنا في سوريا تعني تسليم سوريا لقمة سائغة للعدو الصهيوني يجب أن ندرك الواقع والحقيقة من مصدرها على الأرض ، يجب أن نرفض استخفاف أي كائن مخلوق مهما كانت صناعته بعقولنا ووعينا ..
يجب أن نواجه الأدعاء العبثي بالحرية وألا نخشى وهج خطابها العاطفي غير الإنساني بعيدا عن ما يحدث على الأرض فنحن نشهد حرب الوعي والوعي الزائف المضاد ، وهي حرب أخطر من الحرب العسكرية كونها تخلق المبرر الأخلاقي للجريمة التي ترتكب في سوريا..
ما استفزني هنا هو تناقض الست توكل كرمان في تعليقها على الغارة الصهيونية في سوريا كتبت توكل كرمان على حائطها "اسرائيل تدمر الأسلحة السورية خوفاً من استيلاء الجيش الحر عليها بعد ان ظلت لعقود في مأمن" وبهذا المنطق المتناقض مع ذاته هي تنسف وتلغي تاريخ من الصراع العربي الإسرائيلي بل إلغاء للعقل وللمنطق وللحقيقة..وبهذا المنطق تكون حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي كالتالي:
- حين شنت إسرائيل حربها على الفلسطينين عام 48 لتدمير أسلحة العرب كان خوفا من وصولها إلى أيدي العصابات الصهيونية التي بدأت باحتلال بلدات فلسطينية..
- إسرائيل دمرت أسلحة الجيش المصري في عام 73 خوفا من وصول أسلحته إلى جماعة الإخوان بعد أن ظلت لعقود في مأمن منه..
- وشنت إسرائيل في 14 آذار/مارس 1978حربا عسكرية ضد الفلسطينيين في جنوب لبنان حتى لا يتسرب سلاح ياسر عرفات في صبرا إلى جماعة احمد الأسير والحريري وسمير جعجع..
- ودخلت إسرائيل حربا عسكرية في عام 1982 مع حزب الله في الجنوب اللبناني والبقاع لتدمير اسلحة حزب الله حتى لا تصل إلى أيدي القوات اللبنانية الكتائبية التي قتلت نحو الف فلسطيني في صبرا وشاتيلا برئاسة بيار الجميّل..
- وأعلن الجيش الإسرائيلي عن عمليات عناقيد الغضب في الجنوب اللبناني خوفا من استيلاء حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع "يمكن" بعد أن ظلت في مامن منه لسنوات..
- وفي عام 2006 شنت إسرائيل حربا عسكرية على لبنان لتدمير سلاح حزب الله حتى لا يستولي عليه سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع..
- وفي عام 2009- شنت إسرائيل حربا عسكرية لتدمر سلاح المقاومة الإسلامية في غزة حتى لا يصل إلى أيدي حركة فتح في رام الله والمستوطنين الصهاينة في القدس وغيرها بعد ان ظلت لعقود في ايدي المقاومة وإسرائيل في مأمن منه.
- وفي نهاية العام من 2012- قصفت إسرائيل غزة لتدمير سلاح كتائب القسام وسرايا القدس حتى لا يصل إلي يد حمد بن خليفة ورجب أوردغان ومحمد مرسي وجماعة الإخوان في مصر والجيش الحر في سوريا والثورة الشعبية الليبية العظمى بعد أن ظلت إسرائيل لزمن في مأمن منه..
بمنطق الضد للمنطق تريد صاحبة نوبل أن تقنع العالم أن جيش سوريا وإسرائيل يتآمرون على جيش الثورة السورية العظيمة..
كان عليك يا توكل أن تتذكري دعاء الشيخ الدكتور العلامة يوسف القرضاوي في الجمعة الماضية..وقبلها..كان عليك أن تتذكري مطالبة الخطيب للناتو بتوفير غطاء جوي للمسلحين في سوريا...
هل بإمكاننا أن نصدق بوست "نوبلي" وننكر ملايين الوقائع والأحداث الواضحة للعيان...
لماذا إسرائيل لا تستهدف السلاح الذي يقاتل به الجيش الحر ويسكه من الأول..لماذا لا يقول لتركيا الحليف السابق والحالي أن يوقف دعم الجيش الحر في سوريا بالسلاح وتصدير المقاتلين...لماذا إسرائيل لا تضغط على الأردن الحليف القوي لإسرائيل بأن يغلق حدوده ويمنع تدفق الأسلحة الى سوريا..لماذ لا يمنع الكيان الصهيوني أمريكا من توفير غطاء سياسي للمسلحين في سوريا..قائد الجيش الحر يا ست توكل يتواجد ما بين تركيا وفرنسا ويقود عملياته من هناك فلماذا لا يلقى القبض عليه!!
تريدين منا أن نلغي كل المفاهيم الكونية ونلغي عقولنا لنأخذ الحقيقة من منطقك هذا..هذه جريمة إنسانية لا تقل بشاعة عن القصف الصهيوني لسوريا...بهذا أنت توفرين غطاء أخلاقي للجريمة الدولية التي ترتكبها الصهيونية في سوريا..
أي منطق هذا وأي تفكير وأي حكايات وحزاوي وهرج وهرطقة واستحمار يا توكل كرمان.. لعنتي على ثورة جعلت منك نوبلا لإلغاء العقل والمنطق يا توكل كرمان, قليل من الخجل والاحترام لعقل الإنسان رجاءً
ملاحظة: القوباء المنطقية تعني: التهاب فيروسي يسبب طفحا جلديا مؤلما