لحج نيوز: امل حزام - مأساة تدمي القلب عندما يعاني فنان كبير كفيصل علوي حين تراه يدخل مرحلة اليأس بسبب جحود الزملاء والأصدقاء وهي مشاعر أكثر إيلاماً من سقم الجسد الذي استطاع الخروج منه بسلام.
هذا الفنان القدير الذي كان مجرد الوصول إليه مهمة صعبة لإجراء مقابلة معه.
اختفت الكلمات مني للتعبير عن مدى معاناة فناننا الكبير وهو الذي أحيا التراث اللحجي والقمنداني وأصبح محبوب الجماهير اليمنية والخليجية.تتملك الفنان فيصل علوي الدهشة والاستغراب بسبب تجاهل وبعد أقرب الناس إليه في الساحة الفنية.
ولكننا لن ننسى هذا الفنان المعطاء الذي يعد الفنان العربي الذي أضاف اوتاراً إلى عوده فأصبح أول فنان عربي يعزف بثمانية عشر وتراً .
اليوم الفنان فيصل علوي في بيته يعاني الوحدة وجحود رفقاء الأمس في محافظتي عدن ولحج وهما المدينتان اللتان اشهرتا مولده الفني وتعلق بهما كما يتعلق بأمه الرؤوم. فهل هناك مأساة أكثر من هروب الأحبة؟ !
وفي حديث خاص لصحيفة 14 أكتوبر كان اللقاء كالتالي :
*:حدثنا عن سيرة حياتك الفنية؟
**:ولدت في 1950 حسب اعتقادي، أبي علوي سعد كان فناناً وجدي كان عالماً وقاضي قضاة وإمام مسجد، ولدت والعود معلق في البيت فعايشت الفن من داخل البيت ودرست معالمه مع عمي الحاج سعد شبلة وكنت راعي غنم ، في أيام السلاطين كان سعيد كرد ابن عم صالح ناصر كرد قائد الندوة اللحجية التي التحقت بها فيما بعد فعندما سمع صوتي ابلغ عن وجود صوت مميز وهكذا أدخلوني في هذه الندوة اللحجية فهي تشمل شعراء وفنانين وكتاباً وملحنين وأول خطوة كانت بالنسبة لي أن يجروا لي اختباراً فقلت لهم أنا أحب الدان « الدحفة ، الدمندم ، الحارة) فغنيت أول أغنية ياطائر كف النياح،فكان الأمير الشاعر عبده عبدالكريم صالح الفقيه والأخ عبدالله الشهاب مدير الزراعة في لحج وقائد الفرقة محمد سنحان وشط العود سنحان فلم تكن الدوزنة صحيحة رغم أني هبتدئ لكن كان عندي إحساس أن هناك شيئاً زاد عن حده وقلت يا دان وأول لحن يتكلف به الأستاذ / صالح ناصر كرد وأول أغنية للأستاذ احمد عبادي حسين ( بسألك بالحب يافاتن جميل) وكانت أول باكوره .
وقال الأستاذ احمد عبادي حسين انه الوجه الجديد صاحب الصوت الفريد جاء يحيي من جديد غناء هارون الرشيد وجلبوا العود وكانت الأغنية المكلفة جاهزة بعد ثلاثة أشهر وتم التنسيق بين الإذاعة والندوة اللحجية وكان في ذلك الوقت مدير إذاعة عدن الأستاذ / حسين الصافي وعلوي السقاف نائبه في الخمسينات وهكذا بدأت انطلاقتي الفنية بنجاح .
العود سلطان الطرب
*:ما اقرب الآلات الموسيقية إلى قلبك ؟
**:العود اعتبره أنا سلطان جميع الأدوات الموسيقية وهكذا أصبحت مغنياً وملحناً وأصبحت مطرباً يطرب القلوب وشعرت بالنجاح منذ البداية .
*:من هو خليفتك اليوم ؟
**:علوي فيصل علوي هو خليفتي اليوم، علماً بأن عائلتي كلهم فنانون والفنان ليس مقتصراً على الغناء فقط فكل إنسان يبدع في مجاله يعتبر فناناً وأنا فخور بأبنائي كثيراً.
كانت القلوب نظيفة والحياة بسيطة في السابق.
*:مار أيك بالفن اليوم ؟
**:الفن السابق كان فيه التواصل والروابط والإبداع وان يكون المجموع دائماً واحداً ولهذا كان الانتعاش كبيراً والعلاقات سامية وكان للفن مجال واسع الانتشار فإذا كان الشعب مثقفاً يصعب محاربته لان الفن يجمع صفوف البشرية في صف واحد للتمتع والاستمتاع بالطرب والغناء بعيداً عن الطبقات والقبائل والأديان واللغات بل يجتمع الجميع لإحياء الفن وهنا يرتقي المجتمع ويرتفع درجات عالية من الوعي ويصبح الإنسان المثقف مواطناً صالحاً في مجتمعه فهذه تعتبر أول درجات الانتماء الحقيقي إلى الوطن أن نجتمع معاً حول ساحة الفن وأنا هنا أحببت الفن اللحجي والقمنداني حتى أصبحت كل إذاعة وبرنامج وندوة تعقد من أجل الاستماع إلى الفن اللحجي، وحقيقة في فننا المعاصر اليوم لا أهيئ أحداً خليفتي غير أبني .
ولابد للفنان من أن يصل إلى أرواح الناس، فالحالة الاجتماعية اليوم تلعب دوراً، وفي السابق كانت الحياة بسيطة ولكن القلوب كانت نظيفة وكان الاهتمام كبيراً من الجهات ذات العلاقة بالثقافة، ولكننا أحببنا الفن للفن نفسه وليس للمادة فإذا الجذور يبست فروعها ولا وجود لمن يشعر بالفن ويدعمه انتهى الفن..زمان كان السلاطين يهتمون بكل فنان فيصبح الفنان قادراً على العطاء اليوم الفنان أصبح يبحث عن لقمة العيش فكيف يمكن أن يبدع، كيف يمكن أن تقاس الشعوب إلاّ بالفن أو الحضارات؟
*:من وقف اليوم مع الفنان علوي فيصل؟
**:الدولة ما قصرت في دعمي، أبو أحمد فخامة الرئيس لم يقصر عندما مرضت حيث لقيت الدعم وما زلت أتعالج اليوم على حساب الرئيس في مستشفى الثورة ويسأل عني دائماً والأهم هو أن تجد أحداً يقف أمامك، أما بالنسبة للفنانين فأنا حقيقة استغربت - لأن علاقتي لم تكن وطيدة به أو قريبة وأنا مريض يأتي إلى زيارتي الفنان فؤاد الكبسي ويقدم لي دعماً خاصاً منه يقدر بـ 40 ألف دولار ثم يعلم الرئيس بوجودي ويأتي فخامة الرئيس ليدعمنا دعماً كاملاً، هذا شيء رائع أن يجد الإنسان عندما يتعرض لمصيبة في ظل أوضاعنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أناساً مازالوا يؤمنون بالإنسانية ويتعاطفون معه ويعطون الإنسان حقه بعد عطاء كامل وسنين من العمر فهذا هو الطبيعي.
*:ما الذي قدمه لكم مكتب الثقافة اليوم؟
**:لم أكن أتوقع هذا النوع من المعاملة من مكتب الثقافة، قد يختلف الناس في أشياء كثيرة وهذا طبيعي ولكن أن تصل الحالة إلى درجة اللامبالاة فهذه جريمة وإذا كان هناك قانون لكان العقاب شديداً. فكسر النفوس وعدم الاهتمام بالفنانين وتركهم وحيدين يعانون الغربة في بلادهم، شيء صعب لا يمكن وصفه وعندما رجعت من رحلة علاجي، كانت أول زيارة من مكتب الثقافة للسؤال عن صحتي هي إرسال ورقة التقاعد بمبلغ وقدره 23 ألف ريال والسبب إنني في يوم من الأيام قلت أن أوضاع الفنانين سيئة فهم يعانون ظلم الحياة وصعوبتها مطالباً بتحسين الأوضاع فكان الرد إحالتي للتقاعد.
محمد مرشد ناجي الفنان الوحيد الذي قام بزيارتي.
**:من زارك بعد رجوعك من رحلة علاجك؟
**:الآن لي سنتان ونصف منذ رجوعي بعد سفر العلاج وللأسف لا محافظ لحج ولا أحد من المجالس المحلية أو من مسؤولي مكاتب الثقافة والفن والفنانين والزملاء لم يتعبوا أنفسهم في رفع السماعة والسؤال عن حالي إلاّ الفنان القدير محمد مرشد ناجي حفظه الله وأعطاه الصحة الوحيد الذي زارني يقول المثل (من لقي العافية دق بها صدره) ولكني لا أذكر أن المحافظ السابق الدره عمل الواجب وأكثر أما اليوم أنا أقابل بجحود لم أرء له مثيلاً.
*:ماهي كلمتك في ختام اللقاء؟
**:شكر كل من جاء اليوم لزيارتي وسلام كبير للفنان محمد مرشد ناجي على تواضعه وأنا أطالب اليوم في ظل هذه الأوضاع الاهتمام بالثقافة والفن ولم شمل الشباب في افتتاح الحلقات الشعرية وفتح المسارح للإبداع والفن والطرب فالثقافة مهمة للشباب لرفع قدراتهم الفكرية وإعطائهم فرصاً لتفجير إبداعاتهم وطاقاتهم وكل شهر لابد من أن تنظم احتفالات غناء ولا يجعلوا شبابنا يضيعون في فراغ الجهل والأمية عرضة للضياع اهتموا بالفن هذه هي الكلمة الأخيرة ولكن أقول كلمة شكر لا يمكن أن أو أجد الكلمات للتعبير عنها عن.. شكر لفخامة الرئيس والفنان الكبسي والذي فاجأني بأنه لم يقف عند هذا الحد من الدعم بل خص لي (800 ألف) ريال كل ثلاثة أشهر حفظ الله أمثالهم.
|