4997 يوما
ً
منذ تمرد المنشق علي محسن
ً

قصيدة (الــجــبــــال) للراحل الأسطورة محمد عبد الاله العصار
لحج نيوز
السعودية وكابوس الغباء السياسي
بقلم/ عبدالملك العصار
العالم يتكلم هندي !!
بقلم / عبدالرحمن بجاش
هادي ورقصة الديك
بقلم د./ عادل الشجاع
التهريب.. جريمة تدمر الفرد والمجتمع وخيانة بحق الوطن ..؟
بقلم/طه العامري
مابين الوطنية والخيانة ..
بقلم / طه عزالدين
نصيحتان في أذن المجلس السياسي الأعلى ومحافظ البنك المركزي بن همام
بقلم / عبدالكريم المدي
ما هو السر المخيف في هذه الصورة ؟
لحج نيوز/متابعات
فتاة تتحول لإله في نيبال لأن رموشها مثل البقرة
لحج نيوز/متابعات
طفلة الـ10 أعوام.. أنجبت طفلاً وانكشف المستور!
لحج نيوز/متابعات
فتيات اليابان غير المتزوجات لم يمارسن الجنس من قبل... لماذا؟
لحج نيوز/متابعات
ماذا يعني وجود "نصف قمر صغير" على أظافرك
لحج نيوز/متابعات
قبل عيدالأضحى .. لماذا حذرت سلطنة عمان النساء من استخدام الحناء السوداء ؟
لحج نيوز/متابعات
مصريّة تقتل زوجها بمساعدة عشيقها بعد أن ضبطهما في أحضان بعض في غرفة نومه
لحج نيوز/متابعات
لحج نيوز - نارام سرجون

الخميس, 16-مايو-2013
بقلم / نارام سرجون -
عندما قرأت كتاب الراحل محمد الماغوط "سأخون وطني".. نظرت مليا إلى العنوان وحدقت فيه لأتبينه بدقة.. وأعدت قراءته وأنا أعتقد أن هناك خطأ في قراءتي.. لكن العنوان الغريب جذبني وأغراني بالغوص في الكتاب.. العنوان المحرض الغريب أعجبني أيما إعجاب.. وفيه من الذكاء ما يجعله مشحونا بالكهرباء العالية.. وكلما مرت عليه العين انتفض الجسد كما ينتفض جسد من يتعرض للصعق الكهربائي في مشاهد إنقاذ المرضى.. وكنت كلما مررت بإحباط وحالة غضب من ممارسات لا أرضى عنها أقول في نفسي.. ما أبلغك يا أيها الماغوط.. وما أحلى أن يصرخ الإنسان فينا الآن (سأخون وطني)!!.. إنها حالة تمرد وثورة وإحباط عنيف عبر عنها الماغوط بإتقان.. فما هو أكثر انحطاطا وهزيمة من خيانة الوطن.. ومع هذا يعلنها الماغوط كما يهدد المؤمن بالزنا والبغاء من شدة شعوره بالمرارة..

لكن الماغوط الذي كتب "كاسك ياوطن" لم يكن يدعو إلى الخيانة بل كان في العمق يقول: حذار من أن تصبح الخيانة خيارا وطنيا بحجة أن وطنا لا يحترم أبناءه وكرامتهم "جدير بأن يخان".. وأن وطنا مواطنه يهان جدير بأن يخان.. كانت صرخة الماغوط تقول بالضبط: إن أعظم شر يرتكبه البشر هو خيانة الوطن.. وإن الإحباط الذاتي الساحق سيبرر خيانة الوطن.. أي انهيار الإنسان والمواطن.. وهو قعر السقوط الإنساني وذوبان الشخصية وتميعها.. إنها نهاية مزرية للغاية ومصير مثير للاشمئزاز والتقزز.. والتقيؤ.. والاحتقار.. والانتحار... إن صرخة سأخون وطني صارت توازي صرخة.. سأخون جسدي وسأنتحر..

في الماضي كانت الخيانة السرية من اختصاص الملوك العرب والرؤساء وقلة قليلة من الأفراد.. والخيانة في النخب السياسية وعلية القوم كانت هي سبب البلاء العربي.. ففي النكبة حنث الملوك العرب والرؤساء بوعودهم وتركوا جيش الإنقاذ لمصيره.. وتسلل الملك عبد الله الأول جد الملك عبد الله الثاني الحالي خلسة من القرى والبلدات وتركها للهاغاناة وعصابات شتيرن.. بل وأفرغ لهم القرى والبلدات بأن طلب من السكان مغادرتها مؤقتا حرصا عليهم لأن جيوشه العاصفة ستجتاحها وهو حريص على شعبه من أذى الجيوش الغاضبة التي تتقاتل وتحطم كل شيء.. فدخلت العصابات الصهيونية معظم القرى العربية دون قتال.. وطبق الملك مبدأ (فادخلوها بسلام آمنين) وأضاف عليها الملك الأردني كلمة (غانمين)..

وفي الستينات هزمنا ولكن من دون خيانة فينا على المستوى الشعبي والجماهيري وبقيت خيانة الملوك مثل الملك حسين حفيد الملك عبدالله الأول ووالد الملك عبد الله الثاني والذي انسحب من الضفة الغربية بصمت مريب من دون قتال بحجة أن ناصر هزم واستدرجه إلى هزيمة.. ضجيج سيناء سمع عندما سقطت وكذلك ضجيج الجولان ولكن بعد قتال غير متكافئ.. أما الضفة فسقطت بصمت مطبق.. وكان ملك آخر هو ملك السعودية هو الذي أرسل سرا للرئيس الأمريكي اقتراحا فيه توسل بأن يتم إيقاف اندفاعة تيار عبد الناصر الذي يأخذ المنطقة بالتدريج.. وكان ذلك إذنا بتحطيم عبد الناصر في حزيران.. وكانت خيانة الملوك إضافة أخرى إلى سجل الخيانات العربية..

وفي السبعينات طار الجاسوس (المستر بيف) الملك حسين حفيد عبد الله الأول ووالد عبد الله الثاني سرا إلى إسرائيل لتحذير الإسرائيليين من هجوم مباغت وشيك يقوم به السوريون والمصريون.. ثم تم زحلقة السادات واستدراجه إلى اتفاق سلام لن تقوم مصر من آثاره بعقود.. وهاهي تدخل مرحلة التطبيع الثاني الإسلامي..

الخيانة كانت في القمة ومن القمة.. وكانت القمة تخشى الشعوب وتخشى انتقام الشعوب من الخونة وتخشى مزاجها الغاضب.. ولم يكن أحد يجرؤ على الحديث عن صداقة مع إسرائيليين ولا اتصال معهم ولاعن مكاتب تجارية ولاعن سفارات ولا عن مفاوضات.. ولم يفكر أحد في رفع علم إسرائيل.. بل في ذروة الصراع بين الدولة السورية والإخوان المسلمين في الثمانينات لم يظهر الإخوان شيئا من هذا السلوك المتماهي مع إسرائيل رغم أن التحرك في الثمانينات كان من أجل السلطة وإقامة الحكم الإسلامي..

ولكن حدث تطور غريب في ممارسة الخيانة وهو أنها صارت جماهيرية وممارسة جماعية.. فرغم أن خطوة الرئيس السادات بزيارة القدس صنفت عربيا على أنها خيانة في مقاييس عصره لأنها فتحت الباب نحو كسر الحاجز النفسي تجاه العدو إلا أنها بقيت خارج الخيانة الجماعية.. وبقيت موقفا اتخذه مع فريق سياسي لم يعمم نظرته لتصبح جماهيرية.. وفوجئت مؤخرا أنه حتى هذه اللحظة فإن الأدبيات العسكرية المصرية لا تشير إلا إسرائيل إلا بالقول (العدو الإسرائيلي) وعندما يقوم الجيش المصري بمناورات وتدريبات فإن العدو الافتراضي الذي يتحدث به العسكريون فيما بينهم هو (العدو الإسرائيلي)..

ثم حدث النزاع الكويتي العراقي وعاصفة الصحراء.. فاندفع الكويتيون لاختراع نوع جديد من الولاء والوطنية.. وهو الولاء للمحتل الغربي وليس المحتل العربي.. الكويتيون والخلايجة قاموا برفع شأن الأمريكيين (الغزاة الجدد) إلى حد مثير للدهشة وتحول الخليج إلى عصفورية من مجانين بلا عقل.. ومعقل من معاقل تربية الفكر الخياني.. وصرت إذا دخلت مكاتب رسميين وقياديين وأفراد كويتيين تجد صورة جورج بوش الأب بكل وقاحة بدل صورة عبد الناصر أو آية قرآنية أو سورة الكرسي أو الفاتحة.. وصورة العلم الأمريكي بدل صورة الأقصى.. ولا أنسى كيف أن والدي الذي ينتمي إلى جيل (الهزائم الكبرى) وقف مبهوتا لا يصدق وهو يتأمل مصدوما صورة ضخمة لجورج بوش الأب على جدار غرفة مكتب أحد الكويتيين.. وقال بعفوية: "الله لا يسامحك يا صدام حسين لأنك تركت هؤلاء على قيد الحياة".. إنه جيل الهزيمة لكنه جيل الكبرياء الأكبر والوطنية الكبرى..

انتعشت ثقافة الخيانة وتحدي الوطنية علنا بحجة الاحتجاج على القزو (الغزو العراقي) أو الاحتجاج على ديكتاتور.. ولكن المثير للسخرية هو أن الأمريكيين لو أنهم حرروا الكويت "ببلاش" وبلا ثمن وبسبب دوافع أخوة وصداقة وأخلاقيات إنسانية فسأضع بنفسي صورة بوش وابنه وزوجته في غرفة الاستقبال وفي غرفة نومي فوق سريري.. وسأضع العلم الأمريكي على زجاج سيارتي.. لكن الأمريكي لم يحرر الكوايتة إلا ليسرقهم ويمتص دمهم وعروقهم... وهو قاتل ابن قاتل وسارق ابن سارق بدأ بالهنود الحمر والفيتناميين واليابانيين والكوريين ولايزال يزدرد فلسطين والعراق وليبيا.. أي طرد الأمريكيون صدام والتهموا الفريسة الكويتية مع بقية الذئاب والضباع الجائعة الأوروبية.. وقاموا بأنفسهم باحتلال الخليج كله واتكؤوا بقواعدهم على حافة قبر النبي.. وصار الأمريكي يتدخل في كل شيء كما أي محتل ويفرض صفقات سلاح هائلة على الجميع مثيرة للاحتقار ويمد يده دون وازع إلى جيوب الخليجيين ليمول اقتصاده.. ومع هذا اعتبر محررا.. واستقبل بوش حيثما حل كما يستقبل غيفارا الذي نذر نفسه بلا مقابل لتحرير الشعوب المظلومة.. وقامت مجموعات واسعة في تلك المنطقة وتكتلات اجتماعية بالترحيب بالاحتلال.. وغض المثقفون الطرف عن هذا النوع من الخيانة بل وتغير الوضع ليكون لتبرير الاحتلال الجديد للحماية من خطر إيران هذه المرة.. ثم دخلت إسرائيل من نافذة قطر وصار لها وجود أكثر مما هي موجودة في بعض مستوطنات الضفة الغربية.. وصارت الخيانة عملا من الأعمال والأنشطة التي يعاب على الناس اللجوء لانتقادها وتعتبر حركة دقة قديمة من حركات (القومجية).. وصارت هناك ثقافة قبيحة للغاية وهي (لا أحد منا خائن.. ولا داعي للتخوين والمزايدة).. لغة التخوين صارت منبوذة تجاه ثقافة الحرية وثقافة تقديس (الحوار وتبادل الرأي)..

لكن الخيانة الجماعية طرأ عليها طفرة جعلتها تتحول إلى ثقافة مرضية خطيرة للغاية وهي أنها صارت واسعة الانتشار بل صارت على مستوى شعبي وجماعات واسعة وكأنها انفلونزا الطيور.. كانت البداية مع المعارضة العراقية التي افتتحت عالم الخيانة الجماعية بتسهيل التواطؤ مع الغزاة وكان المعارضون من شتى الفرق يذرفون الدموع على كل الشاشات ويؤتى بهم إلى كل المؤتمرات ليقبلوا أيادي المجتمعين يطلبون إنقاذهم وهم يبالغون في الشكوى والألم والتفجع.. كانت حالة هستيرية من الانفعال والابتهاج بالعمل الخياني وكأنه اكتشاف جديد للبشرية في عملية النضال والجهاد والتحرر.. وكان الحديث مع المعارضين العراقيين مسببا للصداع لأنه سينفجر فورا إلى صراخ علينا وبكاء وادعاء أننا لا نعرف صدام ولا نظامه ونتعاطف مع الجلاد والسفاح.. وأن رحمة أمريكا أهم من رحمة الوطن الذي يقتلنا.. الوطن الذي يهيننا جدير بأن يخان.. عبارة كان الصواب فيها هو أن وطنا نموت فيه جدير بأن نموت لتحريره بأيدينا.. لا لخيانته..

ووصلت الخيانة إلى منعطف خطر جدا في لبنان عندما تحول السياسيون وكتلهم السياسية إلى كتل كبيرة تؤسس لثقافة الخيانة الجماعية وحفلات التعري والستبرتيز من ثقافة الوطنية تحت شعار (الدم يعمي العيون).. ودم الحريري أهم من الوطن وعيون الوطن وأرز الوطن.. وطلب "الحئيئة" والثأر لدم الشهيد عبر ميليس ولجان تحقيق تقطر صهيونية هو الوطنية الخالصة الذهبية.. ولكن صدقوني لن يعرف العالم قاتل الحريري طالما أنه صار أساسا راسخا لثقافة الخيانة وتوارثها.. وانطلقت ثقافة إسكات الانتقاد والتشكيك من قبل الوطنيين بالتهديد بإطلاق التمرد على اتهامات التخوين بحجة "الاستئلال من الوصاية السورية".. والغريب أن مبالغة الوطنيين اللبنانيين في تفهم مشاعر الطرف الآخر وعدم استفزازه جعلهم ينحنون أمام إعصار ثقافة الخيانة الجارف.. ووصل الأمر أن يشرب الجيش الإسرائيلي الشاي علنا في مضافة أحمد فتفت وهو وزير في منصب رسمي دون أن يحاسب أو أن يقال.. وصارت حفلات الشاي ودبلوماسية الشاي هي قلب التحرك ضد المقاومة.. وصار كل الجواسيس والعملاء وكل الدلالين على الأهداف والجواسيس الذين يتقاضون رواتب من إسرائيل هم الأحرار.. ومع هذا تم السكوت عن الخيانات العظمى..

وصارت الخيانة الصريحة تلبس ثيابا ملونة ومزركشة وتتزين بأقراط (الرأي والرأي الآخر) الذي أشاعت أجواءه الجزيرة وجرائد السعودية وعبد الرحمن الراشد الذي كانت مجلة المجلة تحت إدارته معنية بالتطبيع مع المجتمع الإسرائيلي وليس مع نخبه السياسية.. بحجة حرية التعبير.. والديمقراطية في السياسة.. ولكل رأيه الذي لا يجب تكفيره واضطهاد فكره.. وهو اجتهاد سياسي من أجل الوطن..

والخطير أن الإعلان الصريح بالخيانة علنا على الشاشات صار يقود الناس العاديين في الشارع العربي إلى تكرار التفكير بالخيانة بشكل ببغائي.. كأنها عمل تقوم به النخبة وعلية القوم وهو من صفات التفكير الحر المتمرد.. وهو من مزايا الشخصية المتطورة المنفتحة.. وهو من علائم الثورية والنزق..

ونضج العقار الجديد والحساء الذي يشربه الجميع في ربيع العرب وتسابقت العامة والنخب للالتحاق بالخيانة الوطنية بعد موت الشعور الوطني كما تسابق نبلاء فرنسا من غرفة الملك لويس الخامس عشر الذي مات وهم يرددون: مات الملك.. قبل أن يقفزوا بسرعة وجنون في ممرات قصر فرساي وهم يتدافعون ويتسابقون للوصول إلى مقر ولي العهد لويس السادس عشر وهم يصرخون عاش الملك.. عاش الملك..

الثورات مات ملكها القديم وهو الوطن.. وعاش الناتو الملك الجديد.. وعاش الاحتلال..

ونضجت الخيانة الجماهيرية الواسعة في الربيع العربي وتألق فيها الإسلاميون أيما تألق في تونس وليبيا ومصر وسورية.. وقادت القيادات الإسلامية جماهيرها غرائزيا إلى حالة تبرير الخيانة ومباركتها طالما أنها توصل إلى حكم الخلافة.. فصار قصف ليبيا لتحريرها حضارة وحرية.. والاعتراض عليها هو خيانة لدم الشهداء.. وقبّل الثورجيون السوريون أحذية العالم ولعقوا الأقدام وباعوا نساءهم في المعسكرات ووزعوا صور أبنائهم المشردين والأذلاء من أجل تسول الفصل السابع.. وظهرت لنا أشكال هيئة التنسيق والبليد ثقيل الظل ميشيل كيلو وجورج صبرة وسيدا ولوردا وقضماني والأتاسيات والائتلاف الوطني من أجل أن يتم احتلال بلادهم بحجة تحريرها.. وباع رياض الشقفة لواء اسكندرون علنا وتخلى عنه من أجل الوصول إلى السلطة بحجة أن التقادم يلغي الحق.. وتسابق غليون وسيدا ومعاذ لطمأنة إسرائيل والى تقطيع أوصال وشرايين العلاقة بين سورية وإيران وحزب الله وروسيا.. وقصف اسم حزب الله وإيران بكل قذائف الطائفية فيما رقص الجميع في حفل زفاف إسرائيل على الثورات العربية وصارت إسرائيل عروسا جميلة طالما أنها ستساعد في الوصول إلى الحرية في بناء الدولة الإسلامية وتملأ الدنيا مساجد وتملؤها بمسلمين ليس لهم عقول المسلمين ولا قلوب المسلمين بل روبوتات تسير إلى الصلاة والفتن.. بل عقول دخلها الطاعون وشربت من انفلونزا الخيانة..

لقد ظهر ثوب آخر خلعته الثورات على الخيانة على أنها مبررة لأن (من يقتل شعبه خائن) وهذا يبرر الخيانة العظمى لإنقاذ الشعب من (الخائن).. وتم الزج بعبارة (التحالف مع الشيطان مبرر) وكان هذا الشيطان الودود هو إسرائيل.. وبالتالي تسابق الجميع إلى الخيانة لأنها صارت حسا غرائزيا لدى الجمهور الثوري..الحواضن الثورية خرجت إلى حالة من اللاوعي الجمعي والخيانة الجماعية.. ومارست غواية الخيانة.. ورذيلة الخيانة.. وبغاء الخيانة..

ماذا بقي من الوطن إن بقي كل هؤلاء الخونة.. بعضهم يعرض الوطن للبيع في قطر وبعضهم لا يمانع أن يهديه لأمريكا وبعضهم يريد وضعه في علبة أنيقة ويربطه بخيطان الهدايا ويقدمه لتركيا.. وبعضهم يطبخه بالدم والثورات ويشويه بالنار ليقدمه وجبة شهية لإسرائيل..

لنتذكر قصيدة لشاعر دمشق نزار قباني لا تنطبق على حكام العرب وحدهم بعد اليوم بل على الجميع من حكام نعاج إلى ثوار العرب وحواضنهم وجيل الثورات الناتوية إذ يقول:

.. واحدٌ يبحث في لندن عن قصرٍ منيف

..واحدٌ يعمل سمسار سلاح..

يطلب في البارات ثاره

آآآآه.. يا جيل الخيانات..

ويا جيل العمولات.. ويا جيل النفايات

ويا جيل الدعارة

هذه هي ثقافة الخيانة التي تنتشر في الأمة كالنار في الهشيم وتجسدها كمرض تأصل تصريحات المعارضين السوريين التي هللت وكبرت للضربة الإسرائيلية على جمرايا.. ولا يمكن علاجها إلا بإنهاض ثقافة الحساب العسير والمحاكمات الكبرى والمشانق لرموز الخيانة في الساحات.. يجب أن يعود العبوس الثوري الوطني في وجوه الخونة.. ففي لبنان فوّتنا فرصة تقديم كل الذين تعاملوا مع العدو إلى المحاكم خشية على مشاعر الطوائف وصار كل خائن يهدد بطائفته وبالفتنة.. ولكن كان يجب التصرف بحزم أخلاقي تجاه هذه الظاهرة التي صارت ثقافة وصارت ربيعا عربيا لاحقا.. وصل إلى سورية من وادي خالد..

يجب أن تعاد للوطنية قدسيتها الكبرى وموقعها الرفيع.. ويجب أن تعاد للوطنية هيبتها فيبقى الخونة ضامرين غائبين في الظلام كي لا ينشروا هذا الفيروس والداء والمرض بين الناس والثقافة المخجلة والمشينة.. لأن ما فعلته ثورات الخيانة العربية جعل كل واحد فينا يتساءل تساؤلا منطقيا.. هل ما فعلته الديكتاتوريات الوطنية كان قليلا بحق هؤلاء الوضيعين.. بل هل كانت الديكتاتوريات تدرك أن حجم الميل للخيانة سيكون كبيرا إن ترك الحبل على الغارب فمارست الديكتاتوريات القسوة على الناس لأنها تعرف ضعف الناس؟؟ لا أعرف حقيقة.. لكن جيل الخيانات والعمولات والنفايات والدعارة الذي نراه وهو يكبر لاشتعال قاسيون بصاروخ إسرائيلي ويعبر عن ابتهاجه على الشاشات الإسرائيلية ويشكر لإسرائيل تفانيها لخدمة قضيتهم.. يجعلنا نحس بالعار.. وبالرغبة في أن نرفع المشانق بدل حقوق الإنسان.. وبدل الأعلام.. وهذا إجراء طبيعي.. وفي كثير من دول الغرب فإن إسقاط الجنسية حق من حقوق الدولة وواجباتها المقدسة تجاه من يثبت أنه لا يمارس الولاء للوطن.. أو يتعاطف مع العدو تحت أية ذريعة.. وهاهم كل الثورجيين العرب في أميركا.. يستطيعون إطلاق لحاهم حتى تلامس الأرض وتكنس الرصيف.. ويستطيع بالحرية أن يلف امرأته بنقاب كالخيمة لتصبح كالمومياء.. لكن لسانه لا يخرج إلا ليثني على أميركا ويغض الطرف عن انتقاد إسرائيل.. والويل للسانه إن أنكر الهولوكوست.. وإن لم يعلن التبرؤ من بن لادن.. ومن جبهة النصرة والقاعدة.. وإلا فالقانون الصارم في انتظاره.. قانون الباتريوت والإرهاب.. وهناك تشريعات واضحة في العديد من الدول الغربية لسحب الجنسية عمن يدينه القانون بعمل يضر بالمصلحة العليا ويخصون في ذلك أبناء المهاجرين..

لا ترتفع الأعلام الوطنية إذا ارتفعت هامات الخيانة.. ولكن لا ترتفع هامات الخيانات إذا ارتفعت المشانق.. وليقل الأحرار ما يقولون.. إنني أحترم المحاكم العلنية الكبرى.. وإنني أحترم مشانقها التي تشنق رموز النفايات.. وثوار العمولات والدعارة.. ما أعظم هيبتها تلك المشانق.. وما أضعف الوطن عندما تغيب عنه المشانق..

وطن بلا خيانات يصبح أذان الفجر فيه مسبوقا بعبارة.. أقسم لن أخونك يا وطني.. وعندها سيختفي حمد بن خليفة وحمد بن جاسم في زرائبهما.. وسيدخل الملك الهاشمي في جحره الصغير.. ويذهب نبيل العربي إلى فراشه بعد أن يبول جيدا في الحمام لينام دون انقطاع.. ويعود سعد الحريري إلى روضته وألعابه ويترك السياسة.. ويقرر عقاب صقر بيع الحليب في حلب بدل اللعب بالسياسة.. ويتمنى خالد مشعل أن يعمل في مقهى الروضة الدمشقي بوظيفة موظف أركيلة.. ويعمل إسماعيل هنية مطهرا للأولاد بدل تطهير يد القرضاوي بفمه.. وسيدخل ملك السعودية إلى خيمته ويمضغ بعض التمر ممزوجا ببول البعير..

إذا كان الماغوط قد قال: إن وطنا لا يكرمني جدير بأن يخان.. فإنني سأقول: إن وطنا بلا مشانق جدير بأن يخان.
ارسل هذا الخبر
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر

التعليقات:

الاسم:
التعليق:

اكتب كود التأكيد:




جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (لحج نيوز)