لحج نيوز/بقلم:عبد الهادي ناجي علي -
المتتبع لما يدور في شوارع تعز من عبث وفوضى تحت ذريعة الصيانة وإعادة التأهيل لبعضها يصاب بحيرة مما يراه فالشوارع التي كانت بالأمس مرصوفة بالأحجار والخرسانة نجدها اليوم تكسر وتحطم وتدمر وكأنهم يبحثون عن شيء افتقدوه تحت تلك الشوارع التي رصفوها من قبل ثم عادو وكسروها ونبشوها كما تنبش القبور ، أمر عجيب أن نجد مثل تلك الأعمال بل والأعجب أن تستمر تلك الحركات المهدرة لإمكانيات ووقت يفترض أن توظف في مواقع أخرى وأعمال أخرى .
الخراب الحاصل في بعض شوارع تعز هو استمرار لفوضى التخطيط والتنسيق بين الجهات التي تقوم بتخريب ما بدأته الجهة الأخرى كل تحت ذريعة انجاز مشروعه ، فالمياه تكسر والكهرباء تكسر والهاتف يكسرون وفي النهاية يرسمون لوحة مشوهة وغير مرغوب الرؤية إليها فيتسببون في زحمة المرور واتساع الحوادث المرورية وكله لأنهم لم يخططوا ولم ينسقوا مع بعضهم البعض.
فساد العمل في الطرقات والشوارع الرئيسية زاد عن حده ووصل الأمر إلى حد بات المواطن يلعن القائمين عليها صباح مساء وأصبح المواطن يتمنى اليوم الذي يرى فيه مسئولي الإنشاءات وهم يحاسبون أمام نيابة الأموال العامة ويصدر فيهم القضاء أمره لأنهم بما يفعلون يهدرون المال العام ويبددون القروض التي تتم من اجل انجاز الطرقات والشوارع الرئيسية ويقدمون صورة سيئة عن الجهات المنفذة لتلك المشاريع التي تتسلمها شركات غير مؤهلة لانجاز المشاريع التي توكل إليها فجعلت من تعز أقل ما يمكن أن نطلق عليها أنها أسوأ من قرية نائية في مديرية من مديريات تعز .
الأخوة أعضاء السلطة المحلية بحكم مسؤولياتهم ينبغي أن يكون لهم كلمة في المناظر التخريبية التي تحدث في شوارع تعز بدلاً من غض الطرف عن عملية تخريب واستنزاف للمال العام تحت مبرر إصلاح الطرقات بل ينبغي أن يصرخوا ملئ أفواههم التي يمضغون بها القات في دواوين المتنفذين والمشائخ والوجهاء ويقولوا للفاسد أنت فاسد وللمقصر أنت مقصر بدلاً من التحول إلى أبواق ومناصرين لمسئولين في المكاتب التنفيذية يفترض أن يحاسبوا على تقصيرهم في الخراب الحاصل في شوارع تعز .
مسئولي السلطة المحلية في المديريات ليسو كلهم سيئين وليس كلهم ملائكة ولكن في بعضهم الغيرة على المال العام وفي بعضهم روح المسؤولية بدون مزايدة أو تملق تجدهم يواجهون تصرفات عبثية لبعض المعنيين بالمكاتب التنفيذية بكل جرأة فمثل أولئك نحتاج إليهم في أكثر من مكان ولمثل مواقفهم تلك يجب أن يشد على أيديهم ويؤيدوا ويناصروا لأنهم بمواقفهم الرائعة تلك يحدون على الأقل من اتساع ظاهرة العبث بالمال العام .
المواطن في نفس الوقت يتحمل نسبة كبيرة مما يحدث من عبث وفوضى في شوارع تعز فلو كان هناك موقف موحد من مواطني منطقة ما أو مديرية ما وشكلوا رأي واحد وتقدموا بدعوى موحدة أمام النيابة ضد ما يحدث في أحيائهم ومناطقهم لكان ذلك كاف بأن يجعل كل مسئول في مرفقه يحسب مليون مرة لرد فعل المواطن الذي يستغفل اليوم ويستهزأ به كونه سلبي وغير قادر على أن يحرك حجرة من الأرض ناهيك عن دعوى قضائية فلماذا لا يشكل المواطنون أمام ظواهر الفساد والعبث بالمال العام رأي موحد ويتقدموا للاحتساب أمام القضاء ؟
في تعز أكبر نموذج للفساد والعبث بالمال يحتم على المعنيين في جهات الرقابة والمحاسبة أو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن يسرعوا في تقديم مرتكبي تلك الجريمة التي يمر عليها الناس كل ساعة ولحظة والتي يتلذذ المواطن في الحديث عنها كل ما مر من أمامها وكأنها لا تعنيه تلك الجريمة أو النموذج الأكثر فساداً ما يسمى بوادي القاضي في تعز والطريق التي صارت أسطورة الفساد وصارت تحاك فيها القصائد وتكتب حولها القصص ،نموذج صارخ لفساد الإنشاءات في المدينة التي يفترض أن تكون نظيفة من الأتربة والمجاري والأوساخ التي صارت جزء من حياة المواطن في تلك المنطقة .
وادي القاضي باسمه هذا لم يجد من ينصفه من فساد القائمين على إصلاحه فيفترض بدلاً من بقاء اسم "القاضي" عليه أن يحول إلى "وادي الفساد" .
وادي القاضي طريق مرت عليه سنوات عجاف وعجزت السلطة المحلية أن تنجزه بزمن قياسي في الوقت الذي نرى دولاً تخرج من الحروب والكوارث فتعيد بناء مدن بكاملها بأشهر وأيام قليلة ، ونحن لو حسبنا السنوات التي مرت من عمر هذا الطريق لكان لزاماً على الجهات المعنية به أن تقدم للمحاسبة والمساءلة القانونية جراء ما تم سكبه من أموال عامة في هذا الطريق الذي اجزم أنه عنوان صارخ ونموذج حي على فساد الإنشاءات في هذه المحافظة التي تحولت إلى بقرة حلوب تتقاسمها شركات وهمية وشركات مقربة من متخذي القرار وشركات الباطن .
وادي القاضي يفترض أن كون عنوان بلاغ يقدم إلى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وان يتحرك كل من في الهيئة لتقديم المتسببين في إطالة مدة بقاء هذا الطريق مقبرة للمال العام إلى القضاء وبرهنة حرصها على المال العام ووقف النزيف الذي يسببه هذا الطريق للخزينة العامة .