بقلم/جميل مفرح -
ترى لأية إرادة هوجاء ولأية غاية شيطانية وفكرة شاذة يجري ما يجري على تراب الوطن من زرع خبيث لأشواك الشر التي تردي سمومها كل شجر الفضيلة والدعة ويسلب يباسها كل ظلال الأمان والاطمئنان، أية نيران هذه تأكل ما تبقى في القلوب من اخضرار المودة ويفاعة الأحلام؟ وأي جمر هذا الذي يأبى إلا أن يظل ملتصقا بشغاف الأفئدة لتظل مكلومة لا تبرأ يوما واحدا من أحزانها ولا تنجو من مكابداتها الحسرة والألم؟!
> ترى لصالح من يراد لهذا الوطن السقوط في مهاوي الفوضى وغياب الفتن وجندلة عزته وكرامته وبراءة أهله في مسافك الدم ومجاري الدموع التي غدت لا تجف يوما ومنارات النحيب والعويل التي أصبح لها في الحناجر حضور لا يموت وفي الأفئدة والذاكرات مساكن حسرة مأهولة لا يكاد يدركها هجران أو إقفار كما ينبغي أو يفترض إثر مرض أو عرض أو أجل اعتيادي؟! ترى من يريد لوطننا كل هذا العناء الشاق ولقلوبنا كل هذا الأذى البالغ؟!
> ترى من يريد لهذه الدماء الطاهرة أن تظل تصرخ من قيعان وتلال وهضاب هذه الأرض الطيبة وأن تظل الأحداث والمتواليات القلقة المقلقة مضيئة بحمرتها القانية الذابحة لكل معنى اطمئنان والموقدة لمشاعل الحزن والفقدان من يصر كل صبيحة على استدعاء الموت واستضافته جبرا وقسرا وكل مساء؟! من هو هذا الذي يشعل بيديه وببندقيته نار الكراهية والبغضاء طلبا للبرد والسلام؟! وأي برد وسلام تفتح بابه بندقية وتدير نسائمه رصاصة غادرة أو عبوة حقيرة؟!
> هل حقا يريدون منا أن نعتاد على مشاهد البراءة والنقاء وهي تتطاير أشلاء والوجود وهو يتعود التحول إلى خسارات وفناء؟! هل حقا يريدون لنا أن نؤمن بأن الشر حاجة لا بد منها وأن بين ظهرانينا مساحات شاسعة لاحتوائه وأن علينا أن نفسح له جزءا من إراداتنا وكما لا يحد من تسليمنا وإيماننا؟! أيصرون على أن نعترف بأن جوهر أصلنا شر مستطير وأن الفضيلة والخير والسلوك السوي ما هو إلا استثناء لا يؤخذ به؟!
> لماذا يريدون لنا كل هذا السواد في حين أن لنا قلوباً بيضاء لا يخدشها لوث مما يصيب أو يؤذي؟! لماذا يصممون على أن يغدو وطني لوحة مظلمة تتناثر على أجزائها علامات الأذى وتشوه فطرتها النقية لطخات الشر القادم من وراء البعيد؟! لماذا أيها اليمنيون تفتقدون يمنيتكم النقية التي منحتكم إياها فطرة جوهرها النقاء وديدنها صيرورات الصلاح؟! لماذا تفضلون الشيطنة وتقتلون الملائكة التي ترفرف من حولنا كي تحمي أرواحنا من عوارض الأذى وتمنحنا ما استطاعت من برء وحياة؟!
> لماذا أيها البشر - إن كنتم بشرا - تتخذون من القتل سبيلا تعلمون أن الفقد والحسرة والأذى والندم نهاياته الأكيدة؟! لماذا تصرون على أن تفقدوا ما منحتكم إياه الفطرة من ميزات خص الله بها أديم قلوبكم وأرضكم؟!
ويا.... أيها الموت لا نستطيع إلا أن نرحب بك حين تقبل على حضورنا ولكن ليس في قلب رصاصك شر ولا في ثنايا أحزمة مطوقة بالكراهية والغدر ولا على متن إرادة مشبعة بالخيانات، فمن يقلونك في هذه الصياغات الغادرة المجحفة أحق بك مما يعتمل في صفوفنا من بقايا للبراءة والإنسانية السوية.