بقلم/ عارف الشرجبي -
في تصريحاته الصحفية بالعاصمة صنعاء أمس الأول قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر إن القرار الاممي رقم 2140 لم يصدر ضد اليمن كدولة وإنما ضد الأشخاص والجماعات المعرقلة للتسوية السياسية وكلام كهذا في تصوري غير دقيق بل يتنافى إلى حد كبير مع مضمون القرار ذاته ومع الحقائق الموضوعية التي على الأرض. هذا القرار اتهم اليمن صراحة بأنها تشكل تهديدا خطيرا على الأمن والسلم الدوليين وهو ما يعطي للأمم المتحدة والدول المهيمنة الحق في اتخاذ التدابير القسرية اللازمة ضد اليمن بحجة حماية الأمن والسلم الدوليين وفقا لمصالح تلك الدول وان استدعى الأمر إلى التدخل العسكري أو احتلال جزءا من الأرض وفقا للمادة 42 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة . القول أن القرار صدر ضد الأشخاص فقط مردود على قائله فقرار كهذا لايصدرعادة إلا ضد الدول التي تمارس العنف اوحروب اباده ضد الأقليات الدينية والعرقية وتنتهك حقوق الإنسان كحالات التطهير العرقي التي حدثت في جمهورية صربيا أو ضد الدول التي تجتاح دول أخرى وليس ضد الأشخاص الذين يفترض أن يخضعوا للقوانين المحلية في بلدانهم رؤساء كانوا أو مرؤوسين وإذا افترضنا جدلا إمكانية القبول بصدور هذا القرار بذريعة معاقبة المعرقلين للتسوية فلماذا حرصت بريطانيا أن يكون تحت الفصل السابع تحديدا إن لم يكن هناك نيات وأجندات خارجية تتعدى أهدافها المعلنة. لو تمعنا في مواد القرار سنجد عبارات وجمل تحتمل أكثر من تأويل ومعاني ظاهره الرحمة وباطنها العذاب ولعل حشر اسم تنظيم القاعدة الإرهابي ضمن قائمة الجزاات المفروضة يوجب التأمل والتروي ذلك لان القاعدة تنظيم دولي ونبتة شيطانية ليس حكرا على اليمن وإدراجه ضمن قرار يختص باليمن لاشك أن له تبعات وأهداف قد تصل إلى التواجد العسكري البري والجوي والبحري في اليمن تماما كما حدث في أفغانستان التي لازالت ترزح تحت جنازير الدبابات متعددة الجنسيات وهو الامرالذي نخشى تطبيقه على بلادنا التي أصبحت فعليا تحت الوصاية الدولية بموجب هذا القرار وما تشكيل لجنة ال15 للإشراف على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتحديد المعرقلين إلا دليلا على أننا دولة منزوعة السيادة شئنا أم أبينا .ودخول أي بلد تحت الفصل السابع لايعني إلا الوصاية الأممية واستلاب الإرادة الوطنية للدول وإلغاء للدساتير والقوانين التي تحمي الأرض والعرض وتمنع معاقبة أو ملاحقة أي مواطن في أي دولة ذات سيادة . اللافت أن صدور قرار كهذا من مجلس الأمن يعد سابقة خطيرة تجعل مستقبل منظمة الأمم المتحدة على المحك و تضعها أمام اختبار حقيقي في تعاطيها مع مفهوم الحقوق والحريات سواء للدول أو للإفراد والجماعات في بلدانهم بعيدا عن الهيمنة والتلويح باستخدام القوة لاستلاب الحريات وفرض الوصاية التي تحاول منظمة الأمم المتحدة تكريسها في دول عدة من العالم لاسيما في الشرق الأوسط باستثنا إسرائيل التي يرى الكثير أنها الولاية ال51 للولايات المتحدة الأمريكية .القرار الاممي جاء مخيبا للآمال بكل المقاييس ففي الوقت الذي يدعي واضعوه انه جاء لصيانة الحقوق نجده يسعى لتكريس مزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان ويبرز ذلك في التلويح بالعقوبات على والوسائل الإعلامية التي قال أنها تثير وتحرض على العنف ناهيك عن الشروط المجحفة لخوض الانتخاب الرئاسية التي تحرم على العسكريين حق الترشح إلا بعد مرور عشر سنوات على تقديم الاستقالات لمنتسبي هذه الوحدات وهذا الأمر يعد تقييدا وانتهاكا صارخا للحقوق والحريات والمواطنة المتساوية وأمام الوضع الجديد الذي ستعيشه اليمن تحت الفصل السابع نتساءل عن موقف الأحزاب والنخب السياسية في بلادنا والتي سارعت بالتهليل والتكبير والترحيب بهذا القرار الذي يضع اليمن تحت الوصاية الدولية دون أن يمنحوا أنفسهم ولو فرصة للتفكير ودراسة الأمر ليعرفوا ما إذا كان القرار سيفيد اليمن أم سيجلب عليها الويل والثبور وعظائم الأمور.الم يكن من الأحرى أمام قرار بهذه الخطورة أن يلتقي فرقاء العمل السياسي بمختلف توجهاتهم ومشاربهم السياسية ليتدارسوا الأمر بعيدا عن المناكفات السياسية التي اعتادوا عليها ويضعوا مصلحة اليمن واليمنيين فوق كل اعتبار.الم يكن مجرد التلويح بإصدار قرار كهذا ادعى لخصوم الأمس أن يصبحوا حلفاء اليوم من اجل اليمن ولكي ليسجل التاريخ هذه المواقف التي غابت عنها الحكمة اليمانية. لا أتصور أن تكون النخب وقادة الرأي في الساحة اليمنية لأتعرف مدى خطورة هذا القرار وتبعاته الكارثية وهو الأمر الذي يجعلنا نتسائلها بأي ذنب تذبح اليمن وانتم تنظرون .وهل المكايدات والمناكفات وربما الأحقاد السياسية قد بلغت مبلغها بينكم إلى الحد الذي يجعلكم تضحون باليمن دون وازع من ضمير ليتسلل من أراد باليمن شرا من بين أعينكم وانتم تنظرون .قد يقول قائل ماجدوى كلا مي بعد أن صدر القرار ووقعت الفأس بالرأس خاصة وان القرارات التي تصدر تحت الفصل السابع ملزمة التنفيذ ولا سبيل لإيقاف تنفيذها إلا بصدور قرار أممي أخر بعكس القرارات التي تصدر تحت الفصل السادس غير ملزمة التنفيذ ولكني أؤكد انه لازال هناك متسع من الوقت للرفض واذكر الجميع بحكاية المثل أكلت يوم أكل الثور الأبيض غير أن الذي سيذبح هذه المرة هو الوطن لاسمح الله<