لحج نيوز:ـ - المواجهات التي وقعت في جنوب اليمن بين الجيش وبعض المعارضين أمر يثير القلق، لأن الاستقرار في اليمن أمر حيوي للأمن الإقليمي في الخليج والبحر الأحمر والجزيرة العربية والقرن الأفريقي، وأشقاء اليمن والغيورون عليه يعلمون أن هذه الدولة منهكة بالصراعات والعنف التخريبي؛ ومن ذلك التمرد الحوثي والخلايا الإرهابية التابعة للقاعدة والمشكلات السياسية القائمة بين الحكومة والمعارضة، ولذا فإن اليمن ليس في حاجة إلى مزيد من العنف السياسي والتمردات والانشقاقات، فما زالت مركزية الدولة اليمنية وسيطرتها الكاملة على أنحاء البلاد يعتريها بعض القصور، وأي تدهور في سيطرة الدولة على أراضيها سيعتبر مصدر خطر، ليس لأمن اليمن واستقراره فقط، بل وحتى للاستقرار الإقليمي.
ومن المأمول أن يتجنب أبناء اليمن أعمال العنف وأن يجنحوا إلى الحوار السياسي الذي ينبغي أن يتسم بالحكمة وتطغى عليه التضحيات المتبادلة بين أبناء البلد الواحد لصالح دولتهم وأمنها واستقرارها، فلا خير في مصالح فئوية أو جهوية أو حزبية إذا كانت لا تصب في صالح مستقبل اليمن وأمنه وازدهاره، ولا أمل في التطور والتقدم والتنمية، إذا فقد الأمن والاستقرار في البلاد. فالتنمية تحتاج إلى مجتمع آمن ودولة هادئة ومستقرة، ومجتمع يملؤه التطلع للمستقبل، وهو ما نعتقد أنه من خلق الأشقاء اليمنيين.
ليس من صالح اليمن ولا جيرانه ولا إقليمه الاستراتيجي أن يتحول إلى صومال آخر، فقد خسر العرب والأفارقة والعالم أجمع بانهيار الدولة في الصومال وما زال الجميع يعاني من الحرب الأهلية هناك وانفلات الأمن في أرضها وبحرها، ولذا فإن أي كلام يقال عن مستقبل يمني مشابه للصومال، فإنه محض مخاوف مخلصة وخائفة على اليمن السعيد، ولا يعني أن شيئاً من هذا يلوح في الأفق، فما زالت الدولة اليمنية قوية, وجيشها مخلص لشعبه وحكومته، وللمكتسبات التي حققها خلال السنوات الماضية، لكن مازالت أمام اليمن تحديات جسيمة، أولها سيطرة الدولة وسيادة النظام والقانون من أجل تثبيت دعائم الأمن. وثانيها تحديات التنمية التي يؤمل أن يتجاوز بها اليمنيون مشكلات الاقتصاد العالمي.
لعل الجغرافيا البشرية في اليمن تساعد على تهديد سيطرة الدولة.
ويمكن أن يكون دور القبيلة المتصاعد في المجتمع قد ينال من نفوذ مؤسسات الحكومة والنظام العام، لكن التجربة السياسية التي عاشها اليمن بما في ذلك التشكل الحزبي والتطور الديموقراطي قد تضخ دمـاء جـديدة للعمل العام في اليمن، وقد تساعد الأطراف المتصارعة على استنبـاط الحلـول الخـلاقة لتثبيت القواسم والثوابت الوطنية المشترك.
مما يستدعي تفعيل روح المبادرات السياسية التي تعين على حلحلة المشكلة القائمة وتجمع اليمنيين صفا واحدا أمام المخاطر المحدقة.
إن قلوبنا مع اليمن، وكذا تمنياتنا المخلصة، لكن القادر على صنع المستقبل اليمني هم اليمنيون أنفسهم بجميع فئاتهم وأماكنهم، والأمل أن ينخرط الجميع في مصالحة سياسية شاملة تجنب هذا البلد العزيز المنزلقات وتحمي مكتسباته وتحقق طموحاته المستقبلية.
|