بقلم/علي عمر الصيعري -
كثير من فتاوى «التحريم» هي من آراء المضيقين على أنفسهم وعلى الناس, وليست من صحيح الدين ولا من أحكام الصيام، وفي السنّة النبوية الصحيحة مأثور لزاد لا ينفد من أصول التيسير على الناس في أحكام هذا الشهر المبارك لو تأمّله هؤلاء المضيقون بعين الإنصاف وبعقل الفقيه لتبينوا أنهم في تشديدهم على غير هدى النبوءة التي منّ الله بصاحبها على خلقه، فقال: ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )ـ التوبة 128.
ولعل أول مظاهر التيسير في السنّة النبوية هو تحديد الصيام المفروض بأنه صيام شهر رمضان وحده، لا يسبقه صيام يوم أو يومين خشية الخطأ في رؤية الهلال أو الشك فيه.
في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقدموا شهر رمضان بصيام يوم أو يومين, إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه» صحيح البخاري ج 4/190 وصحيح مسلم رقم (1082).
كما إن من مظاهر التيسير في السنّة النبوية الأمر بتعجيل الفطر وتأخير "السحور" خلافاً لما يفعله ويفتي به بعض الناس تحوطاً منهم حيث زعموا - ألا يكون الغروب قد اكتمل, أو أن يكون الفجر قد طلع - وللغروب، والفجر توقيتان لا يحتملان هذا الاحتياط العجيب.
وقد ثبت في السنة الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر» (صحيح البخاري ج 4/173 وصحيح مسلم الحديث رقم 1198, والموطأ للإمام مالك ج 1/288).
وبعض الناس يتركون تناول طعام السحور ظناً منهم أن هذا الترك أفضل ديانة، أو أنهم به يكونون أكثر زهداً وتقرباً إلى الله .
إن السنّةَ الصحيحة تعلمنا أن السحور مشروع مرّغب فيه، ففي الحديث الصحيح “تسحروا فإن في السحور بركة“(البخاري ج 120/4 وصحيح مسلم حديث رقم 1095).
وبعض الناس يوسع في دائرة الممنوعات حتى لتطال عدداً من المباحات، والإسلام دين الفطرة ، ولا يغفل تشريعه عن غرائز الناس وشهواتهم بل يحترمها ويقدّرها, وقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل ويباشر وهو صائم, وكان أملككم لإربه“(البخاري ج 4/129 - ومسلم رقم 1106).