بقلم/ نائف حسان -
ما يحدث في مؤسسة الثورة للصحافة هو فضيحة غير مسبوقة تكشف الحال المزري الذي وصلت إليه البلاد.
كنا نشهد حالات فساد في مطابع صحيفة الثورة على شاكلة أخذ رشاوي من الصحف التي تتولى الطباعة هناك، وتهريب كميات من بقايا رولات الورق، وأحبار، لبيعها في السوق السوداء، أو لأصحاب المطاعم وغيرهم، بأسعار بخسة تُجسد مقولة "بيعة سارق". كان ذلك يتم بشكل متخفي وحذر، أما اليوم، فالفساد يُمارس في هذه المؤسسة الحكومية بوقاحة غير مسبوقة؛ فـ"الخُبرة" لم يعودوا يكتفون بأخذ بقايا رولات الورق، بل أصبحوا يأخذون كميات كبيرة من الرولات الجديدة. وفيما كان يجري في السابق ممارسة عمليات السرقة عبر التخفي؛ يجري اليوم ممارسة الأمر على مرأى ومسمع الجميع، إذ يجري استخدام قاطرات نقل كبيرة لإخراج كميات الورق!
زمان، كانوا يخرجون بقايا رولات ورق تُباع كل كمية منها بمبالغ بسيطة قد تصل إلى 200 ألف ريال. اليوم، كل قاطرة تحمل نحو 30 طناً من الورق يصل سعرها إلى 27 ألف دولار. تم إخراج قاطرات عدة وهي محملة بكميات من الورق، ومازالت العملية مستمرة حتى اليوم، رغم افتضاح الأمر، ورغم صدور أمر قضائي قضى بمنع إخراج أي كمية من الورق من مخازن "الثورة"!
منذ أشهر، ونحن نتلقى بلاغات من زملاء في "الثورة" تمكنوا من تصوير هذه القاطرات، وهي تقوم بنقل الورق من مخازن "المؤسسة"، بهذه الطريقة المتجاوزة لحد الوقاحة. نشرنا القضية، فقالت قيادة "الثورة" أن هذه الكميات الكبيرة من الورق، التي يتم إخراجها بقاطرات، تابعة لأحد التجار وضعها كـ"أمانة" لديهم!!!!
موظفون في "الثورة" قدموا شكوى بذلك إلى نيابة الأموال العامة، التي أصدر وكيلها، في 22 يناير الفائت، أمراً قضائياً قضى بعدم إخراج أي كميات ورق من مخازن هذه المؤسسة الحكومية، "حتى يتم الانتهاء من التحقيق ومعرفة الجهة التي تنقل إليها الأوراق". إلا أن قيادة "الثورة" تجاهلت هذا الأمر القضائي، وواصلت عملية إخراج هذه الكميات الكبيرة من الورق؛ بعد أن قامت بتغيير طاقم الحراسة الأمنية، التي وجها هذا أمر النيابة بعدم السماح بإخراج الورق!
لم تكترث قيادة مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر بهذا الأمر القضائي، ومازالت تواصل إخراج كميات الورق من مخازن هذه المؤسسة الحكومية! ما الذي يدفع الأخوة في قيادة "الثورة" إلى تجاوز أمر قضائي بهذا الشكل؟!
يُقال أن هذا النهب الحاصل في مؤسسة الثورة يتم مقابل دباب عسل تُقدم كرشوة لموظفين في مكتب رئيس الجمهورية، وأقرباء له على رأسهم نجله جلال! نتمنى إيقاف هذا النهب للمال العام كي لا يصبح تجاهلها بالصمت وعدم الاكتراث بمثابة تأكيد لاتهامات الرشوة المتداولة.
هل ثار اليمنيون على نظام صالح ليحل مكانه نظام أوسخ منه؟! هل بهذا الشكل سيتم بناء اليمن الجديد؟!
هذا نهب بالغ الوقاحة يتحمل مسؤوليته وزير الإعلام، ومن خلفه الرئيس هادي. أوقفوا هذا النهب تبرئة لساحتكم من التورط والمشاركة فيه.
هناك حديث أيضاً عن تصرف قيادة "الثورة" بإيرادات مطابع "المؤسسة". تعمل المطابع بأربع ورديات يومياً، مع ذلك لا يتم توريد إيراداتها إلى الخزينة العامة، ولا يستفيد منه عمال "المؤسسة"، إذ يتم صرف تلك الإيرادات من قبل "الخُبرة".