نزار العبادي - أن تتلاعب الأحزاب ببعض الحقائق، وتتبادل الاتهامات، وتنتقص من جهد بعضها البعض، وتكذب خلال الموسم الانتخابي، فذلك أمر مطروق في مختلف بلدان العالم، لكن أن تتخذ من قضايا الوطن المصيرية لعبة وورقة لكيد بعضها البعض، فذلك مالم يحدث سوى عندنا.
على امتداد عامين وأكثر وأحزاب المشترك تمارس العمل السياسي مناطقياً، وتحصر كل مهرجاناتها التعبوية داخل الحدود السياسية لما كان يعرف بالدولة الشطرية في الجنوب، ولم تترك مدينة أو قرية فيها إلاّ ووقفت قيادات أحزابها تخطب فيهم، وتذرف الدموع على ما حلَّ بالجنوب من ظلم، وتدعو الناس للثورة ضد السلطة.
على مدار عامين والمشترك - كلما أقدمت السلطات على اعتقال مخربين- ينتفض من مقراته غاضباً ويمطر الدنيا ببيانات الإدانة والاستنكار ويطالب بإطلاق سراح من أحرقوا وخربوا واعتدوا على مصالح عامة وخاصة، معتبراً ذلك «نضالاً سلمياً».. وحين تأزمت الساحة، وقاطع الحوار اشترط اطلاق سراح المعتقلين الذين اعترفوا أمام النيابة أنهم لايعترفون بالجمهورية ولا بالدستور، والذين هم أنفسهم من يقود الأعمال الإرهابية اليوم من تفجيرات واغتيالات.. وحين استجابت السلطة وأطلقت سراحهم أقام حزب الإصلاح فرع حضرموت مأدبة على شرف خروج «باعوم» ورفاقه.
لماذا لا نكون صريحين ونكاشف الرأي العام بهذه الحقائق طالما والمشترك اليوم يعود إلى نفس المربع ويتطوع للدفاع عمن يشنون هجمات يومية بالقنابل على مصالح الدولة، والدوريات الأمنية، ونفذوا تخريباً واسعاً واعتداءات على كل أبناء المحافظات اليمنية (الشمالية) في المكلا..؟ لماذا يصر المشترك على اللعب بالنار، ويدافع عن عصابات إجرامية ولا يتأسى لعشرات الجنود الذين يصابون داخل ثكناتهم بسبب سياسة ضبط النفس التي تُحرم عليهم سفك الدماء..؟
المشترك يعلم جيداً أنه طوال العامين الماضيين كان وحده من يجوب شوارع المحافظات الجنوبية بطولها وعرضها، بل إنه حتى في رمضان استبدل التراويح بالمظاهرات.. ولم يكن للسلطة أو الحزب الحاكم أي نشاط إطلاقاً ليأتي اليوم يحدث الشارع بحقائق مقلوبة ويدعي أن الحاكم هو من كان يقيم مهرجانات ويغرس فيها ثقافة الكراهية.
المشترك يعلم جيداً أنه أراد استخدام هذه الجماعات التخريبية كورقة للضغط على السلطة فانقلب السحر على الساحر، وإذا بها تستشري وتطرده من مهرجاناتها، وتهاجم فعالياته، بل وتنسحب من أحزابه وتتكتل تحت المظلة المناطقية.. ويومها - فقط - توقف عن الترويج لها بوسائله الإعلامية.. لكنه لم يتوقف عن تزييف الرأي العام.. وواصل - كعادته - التصفيق لكل رصاصة تطلق على صدر رجل أمن أو جندي، ولكل قنبلة تلقى على مؤسسة حكومية أو دورية أمنية.. وهو اليوم يدين ويستنكر أي تدخل أمني رغم علم أمنائه العامين، أنهم عاجزون عن السفر عبر الضالع إلى عدن، وأن مقرات أحزابهم مغلقة خوفاً من الجماعات الإرهابية المدججة بالقنابل والتي يصفها المشترك بأنها جماعات نضال سلمي.
لماذا تسكت الأقلام عما يحدث وهي تعرف خطورة تحويل الوطن إلى لعبة مزاجية، وسوق للبيع والشراء.. فمن كان غيوراً على بلده فليصرخ بالحقيقة بوجه كائناً من كان، وليقطع دابر الفتن، وليضع حداً لأولئك الذين لايتوقفون عن إشعال الحرائق مهما كانت انتماءاتهم الحزبية، فالانتهازيون موجودون في كل هذه الأحزاب وآن الأوان لإنهاء أدوارهم من أجل اليمن والوحدة وسلام الشعب اليمني.
|