بقلم/عارف الشرجبي -
بدأ الدستور (دستور اليمن الاتحادي) رحلته السياحية المكوكية من أروقة مجلس الأمن الدولي عبر مندوبه الدائم جمال بن عمر وصولا الى صنعاء ثم الى تعز الحالمة ثم استمر في رحلته السياحية إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية ثم عاد الى صنعاء ثم عاود رحلته السياحية الى دولة الإمارات وضل هناك شهرين ونصف متنقلا بين شاليهات وفنادق ومنتجعات أبو ضبي ثم عاد الى العاصمة صنعاء محاطا بهالة إعلامية ضخمة بغرض تسويقه للشعب على انه الدستور المعجزة
في كلمته التي ألقاها رئيس لجنة صياغة الدستور اسماعيل الوزير أمام الرئيس هادي وهو يسلمه نسخة من مسودة الدستور أكد أن اللجنة قد عملت ليل نهار دون توقف طوال العام وكأنها قد نحتت الصخر واقتحمت الأهوال لتأتي بهذا الدستور (اللقيط )الذي تم سرقه معظم مواده من عدة دساتير بطريقة (قص ولصق) كما سأوضح ذلك وبأرقام المواد والفقرات التي تم السطو عليها ليدرك الجميع وأولهم الرئيس هادي أن لجنة صياغة الدستور لم تكن في الخارج إلا للنزهة والسياحة فقط.
وأنا أتصفح مسودة الدستور لم أجد شيا واحدا يستحق الإعجاب والشكر بل وجدت مسودة لدستور لقيط لا يعبر عن الواقع اليمني وتطلعات أبنائه في بنا دولة مؤسسية نهضوية تحافظ على الثوابت الوطنية التي تتعرض اليوم للتأمر الداخلي والخارجي معا. قرأت المسودة فوجدتها عبارة عن حقول من الألغام والأحزمة الناسفة التي تريد تدمير كل شي جميل في اليمن بل وتنسف اليمن وتحوله الى دويلات وأشلاء مبعثرة دون أدنى اكتراث ناهيكم عن التناقض الكبير والمشين بين معظم فقرات الدستور التي تتصادم مع بعضها البعض وتتصادم مع ابسط مفاهيم حقوق الإنسان والحريات العامة حيث قسمت مسودة الدستور المجتمع اليمني الى شمالي وجنوبي كما ورد في نصوصها وكان المشرع يصر على تجزئة اليمن بنصوص دستورية لضمان عملية التمزيق الى الأبد علاوة على أنها (المسودة)قد وضعت قيودا حديدية تكبل الحريات العامة لشريحة واسعة من ابنا الشعب وهم منتسبي القوات المسلحة والامن والاستخبارات الذين منعتهم المسودة من حق الترشح في الانتخابات الرئاسية على مستوى السلطة الاتحادية والأقاليم بل وتعمدت تاجيل الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن تعقب عملية الاستفتاء مباشرة وفقا للمبادرة الخليجية واليتها المزمنة وتحايلت من اجل التمديد للرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي الى اجل غير مسمى بطريقة ممجوجة تتنافى مع ابسط قواعد اللعبة السياسية والنهج الديمقراطي وكأننا نلج ساحة جديدة أشبه ما تكون بالإمبراطورية أو السلطنة ليصبح الرئيس المؤقت ملكا متوجا وهذا الانحراف لا يمكن القبول به على الإطلاق كونه يتعارض مع كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والعدل والمساواة والتداول السلمي للسلطة التي يتشدقون بان الدستور الجديد سيعزز من قيمها وسيعمل على صيانتها والحفاظ عليها .
لا أخفيكم باني وأنا أشاهد كلمتا الرئيس هادي وإسماعيل الوزير وهما يتغزلان بالدستور الجديد ويسردون البطولات الزائفة التي أنتجت هذه المسودة قد أصبت بالذهول وخيبة الأمل من إمكانية إصلاح أوضاع البلد بهذه الأدوات الانتهازية التي تتعمد التدليس وقلب الحقائق والكذب على الشعب (كل الشعب) إذ كيف يمكن لي أو لغيري من المتابعين والمهتمين في الشأن الوطني أن يقتنع أن هذه المسودة المسروقة قد استغرقت عاما بكامله لإعدادها وصرفت الدولة والدول المضيفة عشرات الملايين من الدولارات في ذهاب وإياب وبدل سفر وغير ذلك في الوقت الذي لم نجد إلا مسودة كان بإمكان أي طالب في الثانوية أو الإعدادية يوجد أفضل منها طالما والأمر لا يتعدى عملية (الاستلاف )من دستور هذه الدولة أو تلك في معظم المواد.قد يقول قائل أني متحامل أو متجني على لجنة صياغة الدستور وان الاستفادة من تجارب الآخرين أمر ليس عيب وأنا أقول أن هذا صحيح لكن الأمر هنا في عملية صياغة مسودة الدستور قد اختلف تماما فبالإضافة الى حقول الألغام والمفخخات التي اشتملت عليها مسودة الدستور فان معظم مواده قد أخذت من الدستور الإماراتي والدستور المصري والأمريكي والألماني رغم الاختلاف الجذري بين الواقع اليمني وتلك الدول لاسيما الغربية .لقد اعتمدت لجنة صياغة الدستور اعتمادا كبيرا على الدستور المصري ابتدئا من المادة ( 1) الى المادة (100) من الدستور المصري الذي تم نقله حرفيا عدا بعض الإضافات النادرة التي تسببت في ظهور اعورار وأخطاء لغوية وركاكة في المعنى والصياغة.
انظروا الى المواد التالية وأوردها هنا فقط للتأكيد على ما ذهبت إليه من عملية السرقة والغش غير الموفق الذي تضمنته المسودة فالمادة 12 من المسودة في الفصل الأول أخذت حرفيا من المادة (5) من الدستور المصري الفصل الثاني والمادة( 18)من المسودة أخذت من المادة( 27) والمادة (20) أخذت من المادة(35) والمادة(35)أخذت منا لمادة (20) والمادة(42) أخذت من المادة(18)والمادة(51) أخذت من المادة (10)والمادة (2)حقوق وحريات أخذت من المادة(15) والمادة(5) حقوق وحريات أخذت من المادة(89) هذه فقط إشارات بإمكان القارئ الرجوع الى الدستور المصري وسيجد أن مسودة الدستور اليمني قد نقلت نقلا من الدستور المصري الذي وضعة الإخوان المسلمين في 2012موالذي يعتروه كثير من العيوب حسب فقها الدستور المصري والذين يطالبون اليوم بتعديله بكل إصرار إما الاقتباس الذي تم من الدستور الأمريكي فقد تضمن الأبواب المتعلقة بنظام الأقاليم والولايات والتي تمزقنا أربا دون وازعا من ضمير ناهيك عن الفقرات المتعلقة بمساواة الرجل بالمرأة في الإرث والدية والارش خلافا للدين الإسلامي الحنيف