بقلم/الأسطورة الراحل محمد عبدالاله العصار - أن تملأ فمك وتعبئ جيوبك وتنثر الفائض منها بشكل فلكلوري على مساحات الورق كحقول الورد الصناعي خدعة السحر أن تقاد وراء هذه اللعبة تطوح بمفرداتها ويغمرك الظن بامتلاكها بينما تتقلب أدوات الموضوع الباهتة كالحصى على محمصة البن فلا تجد في آخر الأمر سوى مفردات ينطح بعضها البعض ذلك يحدث لأن مقدار الصدق الباعث لشحنة الكتابة مفتقد للصدق الداخلي والمواجهة مع لحظة الكتابة عن جدواها وضرورتها بل أهميتها الآنية إن الخدعة الثانية التي قد تمر بنا ولا ندركها أثناء لحظة الكتابة هي الفاصل بين أن نكتب أو لا نكتب على الإطلاق وغالبا ما تأخذنا قشرة الصدق إلى العمق الواهم فلا نتطرق إلى خيار الجدوى من الكتابة وهذا يؤكد أننا مغدورون بوهم تفريغ تلك الشحنة اللا إرادية على أنها لحظة الانفعال الحقيقي بعضنا يعود إلى ما كتب قبل أسبوع يتذكر أنه امتنع عن النوم، وكان هاجسا يزدان بالأفكار الصغيرة يحوم فوق سماء مخيلته ينهض فينبعث كالحمى ما بداخله يكتب ثم يعود إلى نومه بعد أن حلم بالإنجاز وتراءت له فقاعات ما كتب كما لو كانت بلورات رائعة بعد أيام يكتشف مقدار البلاهة في ما كتب ويلتقط مفردات الصدق الرائعة ليخلصها من لحظة التوهم بانتظار لحظة أخرى أكثر وهجاً واكتمالاً وهنا يكون الوعي متدخلا بطريقة إرادية في اللا إرادي حين لا يكون موضوعيا ومقنعا ويسألنا كثيرون أين أنتم لماذا لا تكتبون؟ وتقف الاجابة أمام حنجرة الحرف بانتظار الانطلاق لكن إجابة مختلفة تصعد بلا معنى دون مقدمات أو نقاش ثم يبقى السؤال الداخلي مشنوقا إلى خطاف الجدوى من الكتابة ما هي لحظة الكتابة؟ متى نطمئن إلى أقلامنا لنثق بما تكتبه؟ أسئلة كثيرة تدفعها تجربة التعامل اليومي مع الحرف يغرينا الحرف بالمثول بين أيدينا كسلاح جميل سهل لكن في ذؤابته الخشية والتردد نطرق به بابا موصدا فنجد أنه هو نفسه الباب الذي لا يريد أن ينفتح أبداً لأننا اخترناه بهذا الشكل منذ البداية، جردناه من قدراته وإمكاناته الرائجة فبقي كسيحا متشائما لا يدور ولا ينطلق إلاّ في افقه المجرد من لحظات الوعي وومضات اليقين ويزداد الانفصام حدة بيننا وبين وجهه الحقيقي حين يواجهنا في سويعات القراءات الجادة يطالعنا من بين أسطر الكتب الجادة خطيبا مفوها وعقلاً يسبح فوق سحائب الفكر فتتلقفه ذاكرتنا الإبداعية بحماس واندهاش دون أن تنفعل بنفس صدقه ووضوح لغته وهنا يجب أن نعي خطورة الانفصام بين ما نريد أن نكتب وما اعتدنا عليه من أنواع الكتابات السائدة التي نمارس الخوض فيها
|